الماراثون الدرامي لرمضان هذاالعام اصاب المشاهد المصرى والعربى بالتخمة وفرض علينا عدد ايام الشهر الكريم تفاصيل مملة ومفتعلة فاصبح الشعار مط وتطويل لبلوغ الثلاثين فتغلب الكم علي جودة الكيف. دراما هذا العام لها مالها وعليها ماعليها، لكن الملاحظ أن دراما العفاريت والجن والغيبيات قاسما مشتركا في عدد كبير من المسلسلات التي تشابهت مع سلسلة اعلانات الدجل الذي تحول هذا العام لمادة جاذبة للمؤلفين والكتاب وكاننا نرتد الي الخلف. وجاء العنوان الابرز لدراما رمضان 2017 يحمل فجاجة للمشاهد وألفاظ خادشة للحياء، بما لايتناسب مع روح الشهر الكريم، ويتجاوز ادبيات البيت المصري ولم يستطع وضع الجهات الرقابية التصنيف العمري لكل حلقة ان يمنع الحرج العائلي. واصبح تزايد مشاهد العري والعنف والتجاوزات الأخلاقية يعطي انطباعا أنها سمة غالبة لمجتمعنا، فروجت لنمط حياة غير موجود علي ارض الواقع. ووصلنا الي حالة قبح ينسب فيه تراجع القيم للدراما المصرية، وفقدنا الخيط الرفيع بين معالجة الواقع والترويج السيئ له. ويبدو اننا عندما اطلقنا لقب صناعة علي الفن فرغ من رسالته التي تحفظ كيان وتماسك المجتمعات، واصبح تجارة تخضع لمبدا المكسب والخسارة، والعرض والطلب، وليس لمهارات وقيم الابداع، فمابين الاثنين مسافة كبيرة تكون القيمة والتجويد صرعي اللهاث وراء تحقيق الربح. فيماعدا عدد قليل من الاعمال التي لم تتعدي اصابع اليد الواحدة. ظاهرة اخري ارتبطت بالشهر الكريم وهي صناعة الاعلان الذي شهد انفلاتا ملحوظا من حيث الهدف، وخلوه من الشكل الابداعي المبهر، فشاهدنا كم فوضوي من الاعلانات المنفرة التي حملت اما قيما مسيئة للأسرة المصرية وهي لم تختلف كثيرا عن محتوي المسلسلات.واما تركت انطباعا سيئا عن المجتمع، كإعلانات جمع التبرعات للمستشفيات والجمعيات الخيرية بالرغم من بعدها الاجتماعي الا انها اظهرت بسطاء المصريين وكانهم افراد يعيشون على التبرعات واعمال الخير من زكاة وصدقات .هذا بجانب ان وجودها وسط المسلسلات بالحاح واقتحام افقد وحرم المشاهد من متعة متابعة الاعمال الدرامية وصنع حالة من التشتت البصري والذهني. يجب أن نعترف أننا افتقدنا البريق والتميز والرقى للدراما المصرية ليس هذا العام فقط، وانما منذ سنوات ليست بالقليلة.. وهنا يبرز السؤال : متي يحين الوقت لتصحيح المسار، واين الوجود المتميز للدراما الدينية والتاريخية.. وهل سيأتى اليوم الذى نرفع فيه من جديد شعار عودة زمن الفن الجميل؟!.