رفضنا الصدام .. تحملنا الإهانة .. وتصدينا للمسئولية بشجاعة من أجل مصر لم نكن طامعين في السلطة وكان هدفي ألا نلقي مصير سوريا أو ليبيا! نفخر بجيش مصر وتعهدنا منذ البداية بتسليم السلطة لقيادة مدنية منتخبة أنا ضميري مرتاح وأترك الحكم للتاريخ والزمن الزمان: يوم الجمعة الماضي المكان: أحد المساجد القريبة من مسكنه مضيت إلي هناك، علمت أنه يؤدي الصلاة في هذا المسجد، كنت تواقًا إلي رؤيته والاستماع إليه، ذهبت لأداء الصلاة في هذا المسجد، وصلت إلي هناك مبكرًا، ظللت أرقب القادمين إلي ساحة المسجد، وبعد الانتهاء من الصلاةأدركت أن المشير حسين طنطاوي لم يحضر في هذا اليوم، التف حولي عدد من رواد المسجد، يسألونني سؤالاً واحدًا ووحيدًا أسمعه في كل مكان: 'هي البلد رايحة علي فين؟!'. سألتهم علي الفور، لماذا لم يأت المشير اليوم للصلاة؟ فإذا بأحدهم يشير إليه، مضيت علي الفور إلي هناك. كان هناك عدد من الشباب يلتفون حوله، بعضهم يلتقط الصور التذكارية، بينما وقف علي مقربة منه مدير مكتبه السابق اللواء يسري زكي، واللواء سامح صادق، عضو المجلس الأعلي للقوات المسلحة، واللواء صالح صالح وآخرون. فوجئ المشير بحضوري، تعانقنا، نظرت إليه متأملاً، كان يرتدي قميصًا وبنطلونًا، ويوزع ابتسامته علي الجميع، بادرني بالسؤال علي الفور، "إيه اللي جابك هنا؟"، قلت له، "جيت علشان أشوفك وأسمعك.. إيه أخبارك يا سيادة المشير؟.. حاول أن يرسم ابتسامة علي شفتيه، قال، "أنا كويس، الحمد لله، المهم مصر تبقي كويسة، وإن شاء الله تبقي كويسة". أنت متفائل يا سيادة المشير؟ طبعًا أنا متفائل جدًا، ربنا بيحرس مصر، متخافوش علي مصر، الشعب المصري ده شعب عظيم، شعب واعي وفاهم وبيحب البلد. كانت الكلمات تخرج من أعماقه، ذكّرتني هذه الكلمات بعتابي عليه خلال الاجتماع قبل الأخير للأحزاب بالمجلس العسكري في شهر مايو الماضي. يومها قلت للمشير، إن عدم الحسم في كثير من القضايا أوصلنا إلي هذه الحالة، يومها انفعل المشير بشدة، وقال لي، "أنا عارف إن ده رأيك وبسمعه، ولكن أنا عاوز أقول لك ولكم جميعًا 'ونظر إلي قادة الأحزاب'، أنا عارف مسئولياتي جيدًا، ولا أطلب شيئًا، ولا أنا ولا غيري لدينا طمع في الحكم، لقد تعهدنا منذ اليوم الأول بتسليم السلطة في الموعد المحدد، وتحملنا الإهانات، وكان بإمكاننا الرد، ولكننا تصرفنا التصرف الذي يليق بالمصريين وبجيشهم الوطني، لقد استُشهد الكثيرون منا في الحرب، والذين لم يدخلوا الحروب لديهم رغبة في الشهادة دفاعًا عن هذا الوطن، ومن أجل ذلك أخذنا علي نفسنا عهدًا بالحفاظ علي مصر والحيلولة دون إراقة قطرة دم واحدة. أنا عاوز أقول لكم، 'المشير طنطاوي عارف بيعمل إيه، لذلك أطلب منكم التوافق حول الجمعية التأسيسية حتي لا يقال هؤلاء هم المصريون، لا نريد أن نصوم ثم نفطر علي 'بصلة'، لا.. نريد أن يفطر المصريون علي 'تورتة'.. أنا جاهز أطلع فورًا وآخذ قرارات صعبة، لكن عليكم أن تتخيلوا معي 'مصر هتروح فين'، مصر هي التي ستعاني، ولذلك أدعوكم للتوافق، نريد أن نعبر إلي بر الأمان.. ننتظر الأيام الباقية لنا بفارغ الصبر'. صمت المشير برهة، ثم استكمل حديثه قائلا، 'هناك من يقول إن المصريين موش كويسين'، هذا كلام غير صحيح، من يقول ذلك لا يعرف المصريين، نحن شعب متحضر وعظيم.. أنا متأكد أننا سنعبر الأزمة وستبقي مصر متماسكة وعظيمة مهما حدث.. أنا لا أعرف الطريق إلي اليأس.. لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، كما قال مصطفي كامل، والحق دائمًا فوق القوة، كما قال سعد زغلول، هناك عظماء كثيرون في تاريخ هذا الشعب، فلا تُحبطوا ولا تيأسوا، من باب أولي أنا الذي أُحبط من جراء ما يجري حولنا، ولكني أقول، 'أنا لن أترك مصر إلا شهيدًا أو منتصرًا.. والانتصار بالنسبة لي يعني وصول البلد إلي بر الأمان'. كانت تلك هي كلماته، ساعتها التزم الجميع الصمت، كان الصدق واضحًا في عينيه، لكنني بقيت عند وجهة نظري، فالحسم أمر مهم، بغض النظر عن المبالغة في المخاوف.. كان ذلك منذ أكثر من خمسة أشهر مضت.. فماذا عن الموقف الآن؟! في الطريق إلي قاعة قريبة من المسجد، مضينا، طرحت السؤال نفسه علي المشير، قال، 'لولا الحكمة لكان مصيرنا الآن كمصير ليبيا أو سوريا، انظر إلي المعارك الأهلية والدماء التي تسيل، لقد كان علينا في قيادة الجيش أن نجنب مصر هذا المصير، كانت تلك مهمتنا ورسالتنا، لقد رفضنا كل محاولات دفعنا إلي الصدام، تناسينا الإهانات والاستفزازات، وظل جيشنا العظيم محافظًا علي الالتزام والانضباط، لقد حمينا الثورة ولم نطلق رصاصة واحدة، كان انحيازنا للشعب، وأحمد لله أننا أوفينا بما تعهدنا به، أجرينا انتخابات نزيهة وحرة، وسلمنا السلطة إلي الرئيس المنتخب في الموعد المحدد'. في حديثي معه، كان المشير حذرًا في كلماته كالعادة، عندما تحاول أن تستفسر منه عن أمر ما، هو لا يريد أن يتحدث فيه، ينظر إليك ويقول، 'ربنا مع مصر إن شاء الله'. الآن وصلنا إلي القاعة التي تبعد أمتارًا قليلة عن المسجد.. جلسنا بداخلها لنحو الساعة تقريبًا، المشير طنطاوي واللواء سامح صادق عضو المجلس العسكري السابق واللواء يسري زكي مدير مكتبه السابق واللواء أحمد الجواهرجي واللواء حسن جنيدي وأنا. كان جلوسي إلي جوار المشير، بدأ حديثنا ب"كيف يقضي يومه؟"، قال، أحاول أتمشي وألعب رياضة خفيفة، وأحيانًا أشارك في ماتش كرة، وطبعًا القراءة. سألته، لماذا لا تكتب مذكراتك؟ قال، والله فكرة، سأحاول أن أسجل الأحداث المهمة وأكتب مذكراتي. قلت له، هل أنت متفائل يا سيادة المشير؟! نعم ومتفائل جدًا، أنا لست خائفًا علي مصر، ولا علي الشعب المصري، أحمد الله أننا تجاوزنا أخطر مرحلة في تاريخ مصر، وكنا أمناء مع أنفسنا، وتحمل جيشنا العظيم بالصبر والعناء، إلي جانب تغليب المصلحة الوطنية المسئولية التاريخية، وأجهض كل محاولات استهداف هذا الوطن ووحدته وأمنه القومي. قلت له، أشهد أن بيان المجلس الأعلي للقوات المسلحة في 12 من فبراير، أي بعد نجاح الثورة بيوم واحد، كان يؤكد تسليم السلطة إلي قيادة مدنية منتخبة؟! قال المشير، لم يكن لدينا أي طمع في السلطة، كانت تلك مسئولية تحملناها في ظروف صعبة للغاية، وكان علينا أن نكون أوفياء لما تعهدنا به.. لقد قلنا منذ البداية أننا نريد تسليم السلطة بعد ستة أشهر، ولكن التطورات ومطالب بعض الأحزاب كانت وراء تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد مع ذلك عندما أعلنَّا عن خارطة المرحلة الانتقالية أصررنا علي الالتزام بها، رغم أحداث العنف التي شهدتها العديد من المناطق في مصر، وكنا كما قلت سابقًا علي مسافة واحدة من الجميع.. لم ننحز لحزب سياسي بعينه، بل احترمنا اختيارات الشعب المصري، ولم نتدخل في شيء، فكان جيش مصر علي قدر المسئولية التي تحملها بأمانة ووفاء. قلت له: أرجو ألا تهتم كثيرًا ببعض ما يُنشر من ادعاءات في بعض الصحف ووسائل الإعلام؟! قال المشير، لا يهمني ما يُنشر، فقد تحملت الكثير قبل ذلك، وأنا أترك كل شيء لحكم التاريخ، فحقائق التاريخ وحدها هي الفيصل في كل شيء.. لقد تحملنا الكثير من أجل الوطن، وظللنا مخلصين لرسالته حتي اللحظات الأخيرة، نحن لسنا نادمين علي شيء، ولم نكن طامعين في شيء، وعندما كنا نسمع البعض يقول إن الجيش لن يترك السلطة كنا نسخر من ذلك؛ لأن الجميع كان ينتظر، بفارغ الصبر، تسليم السلطة، والعودة إلي الثكنات، فتلك هي مهمتنا الأساسية.. لقد انحزنا للثورة لأنها كانت ثورة شعب، وكان انحيازنا لها انحيازاً للشرعية، فالشعب هو أصل الشرعية. انتقل الحديث مع المشير طنطاوي إلي وضعه الشخصي في الوقت الراهن، فقال إنه يمارس الرياضة يوميًا، وأحيانًا يمارس رياضة المشي لمدة نصف ساعة، وإنه يحرص علي القراءة ومتابعة أحوال البلاد عبر الصحف ووسائل الإعلام المختلفة. وقال إنه يلتقي بين الحين والآخر عددًا من أصدقائه المقربين، ونفي ما يتردد من أنه مصاب بحالة من الاكتئاب أو غيره، وقال إن بينه وبين ربنا عمار، وإن ضميره مرتاح، وإنه أخلص للوطن وخاض حروبًا عديدة من أجله، وقال إن مصر تستحق منا الكثير. كان المشير يؤكد دائمًا، ولا يزال، أن الجيش كان قد حسم خياره منذ البداية وقرر تسليم السلطة لرئيس 'مدني' منتخب، لم يكن له أي طموح سوي ذلك، لقد رفض المشير يوم 29 من يناير 2011، أي بعد جمعة 'الغضب' الأولي عرضًا قدمه له الرئيس السابق حسني مبارك بتولي منصب نائب رئيس الجمهورية، اعتذر رغم إلحاح الرئيس، لقد قال المشير لمبارك يومها، 'بقائي في الجيش أفضل'، أنا لا أريد السلطة ولا أسعي إليها. جرت داخل القصر وخارجه قبل هذا التاريخ صراعات عدة، كان بطلها جمال وسوزان مبارك، كانت سوزان تدرك أن المشير يقف عقبة أمام مخطط التوريث، وكان جمال يسعي إلي إقناع والده بضرورة إبعاده، حاول ذلك مرتين قبل ذلك وفشل. كان مبارك يقول لنجله دومًا، لن أسمح لك بالتدخل في الأمور التي تخص 'أحمس' أو 'عمر'.. وكان ' أحمس' هو الاسم الحركي للمشير طنطاوي، وكان ' عمر' هو عمر سليمان!!، غير أن 'جمال' حاول وفشل، بعد أن رفض المشير وعمر سليمان أن يكونا أداة في يده ويد والدته، التي حاولت هي الأخري الزحف علي الجيش، فتصدي لها المشير. المحاولات كثيرة ومتعددة، ولكن التاريخ يشهد أن المشير واجه هذه المحاولات بكل ضراوة في هذا الوقت، وصمم علي أن يبقي الجيش بعيدًا عن صراعات القصر، وكان مصممًا علي إسقاط مخطط التوريث بأي ثمن، ومهما كلفهم ذلك. لقد مضي مبارك، بعد أن أجبر علي التنحي، وكان موقف الجيش حاسمًا منذ اليوم الأول، إلا أن البيان الأول الصادر عن اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة يوم الخميس 10 من فبراير كان هو العامل الحاسم في قرار تفويض الرئيس لعمر سليمان بمهام رئيس الجمهورية، ثم في تنحي الرئيس في اليوم التالي. رفض المشير في هذا الوقت اقتراحًا يقضي بانقلاب العسكري علي الرئيس، وصمم علي أن تجري الأمور بشكل يفضي إلي تسليم السلطة بشكل اختياري، منعًا لإراقة الدماء وانتصارًا للثورة الشعبية العارمة التي انطلقت في أنحاء البلاد. علي مدي أكثر من عام ونصف العام جمعتني لقاءات عديدة مع المشير في مكتبه علي انفراد، أو بحضور الفريق سامي عنان، أو في إطار اجتماعات المجلس الأعلي للقوات المسلحة مع قادة الأحزاب السياسية، كان هاجس المشير الدائم والمستمر هو ' البلد'، كان يقول دومًا، 'أنا خايف علي البلد'، وكان البعض يري أن خوفه الزائد عن الحد دفعه إلي التردد وعدم حسم كثير من الأمور، لكنه كان دومًا يطرح رؤيته ومبرراته. ويعز علي المشير أن يصوره البعض بأنه كان يسعي إلي الاستئثار بالسلطة، ويتساءل دومًا كيف ذلك ونحن الذين صممنا، رغم رفض الكثيرين، علي إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، وكذلك الأمر بالنسبة للانتخابات الرئاسية. صمم علي إجراء الانتخابات البرلمانية، رغم العنف الذي كان سائدًا في ميدان التحرير وشارع محمد محمود والإسكندرية والعديد من المحافظات الأخري، وصمم علي إجراء الانتخابات الرئاسية، رغم أحداث العباسية، ورغم التحذيرات التي انطلقت بأن هناك احتمالاً بفوز مرشح الإخوان أو التيار الإسلامي. كان الخيار بالنسبة له هو خيار الشعب، وبعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، قال البعض، 'إن هناك اتفاقًا قد جري بين المجلس الأعلي والإخوان'، ينكر المشير ذلك بكل شدة ويؤكد أنه لم يعلم بنتيجة الانتخابات النهائية سوي من التليفزيون، وأنه كان يجلس مع أعضاء المجلس العسكري ودخل 'الحمام' ثم عاد ليتم إبلاغه بفوز د.محمد مرسي بمنصب الرئيس، كان يقول هذا خيار الشعب، وهذه هي النتيجة التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية دون تدخل من أحد. المشير يلتزم الصمت تجاه الكثير من علامات الاستفهام التي تدور في الشارع حاليًا، هو لا يريد أن يتحدث عن الأيام الأخيرة، وماذا جري خلال اللقاء المغلق الذي ضمه هو والفريق سامي عنان واللواء محمود نصر مع رئيس الجمهورية د.محمد مرسي بعد عصر يوم الأحد 12 من أغسطس، والذي أفضي إلي إقالة المشير ورئيس الأركان وتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزيرًا للدفاع والفريق صدقي صبحي رئيسًا لأركان القوات المسلحة. لقد ظل المشير بعيدًا عن الإعلام، يرفض الاقتراب منه، وحتي في اللحظات التي أقنعته فيها بإجراء حوار تليفزيوني خلال شهر فبراير من العام الحالي، وحددنا الأشخاص والمحاور والمكان، عاد المشير ليرفض إجراء أية مقابلات تليفزيونية أو حوارية، كان الأستاذ هيكل قد التقاه أكثر من مرة، وكان دومًا يبعث عبري برسالة إليه مضمونها ' نجاحك في خطابك' أي بما يعني أن خطابه للجماهير هو وحده الذي يمكن أن يخلق جسر التواصل فيتحقق نجاح ما هو مطروح من مشروعات أو مقترحات كان يقول دائمًا 'وجودي مؤقت في إدارة البلاد، ولذلك لا أريد أن يفهم الناس أنني أمهد الطريق للاستمرار في السلطة، أنا أنتظر اللحظة بفارغ الصبر'!! وهكذا لا يزال المشير حتي الآن رافضًا، إنه مصمم علي أن يطوي الكثير من الأسرار بداخله، وربما لو تحدث لتمكن من الرد علي الكثير من علامات الاستفهام التي لا تزال مطروحة في الشارع حتي الآن. قلت للمشير مجددًا، أتمني بالفعل أن نقرأ مذكراتك قريبًا، قال، ' إن شاء لله'، غير أنني أدرك أن المشير حتي ولو كتب مذكراته فربما لن ينشرها، لقد ظل صامتًا أمام الرأي العام لسنوات طويلة، ويبدو أنه مصمم علي الاستمرار كذلك، لقد حاولت التطرق خلال هذه الجلسة التي استمرت قرب الساعة مع المشير وبحضور عدد من كبار الضباط السابقين إلي موضوعات محل تساؤل في الشارع، لكنه يأخذك دومًا إلي العموميات، لأنه يدرك أن التفاصيل هي ليست ملكه. لقد قلت له في هذا اللقاء، إن الناس لديها تساؤلات عدة، يجب أن تتحدث حتي لا يساء الفهم، خاصة ما يتردد عن صفقات أو غيره، قال المشير، 'أنت تعرف أننا في كل مواقفنا لم نسع لهدف شخصي أو سلطة وإنما لمصلحة مصر واستقرارها وتفويت الفرصة علي أعدائها، وسوف يأتي وقت يدرك فيه الكثيرون حقائق الأوضاع ودور الجيش المصري في الحفاظ علي مصر ووحدتها وأمنها واستقرارها'. كان الوقت يمضي سريعًا مع المشير، كان يدرك أن كل همه هو التقاط كلمة من هنا أو هناك، إنه يعرف غريزة الصحفي، لذلك كان يحاول في اللقاء جرِّي إلي ما هو 'إنساني'.. قال لي، هل تعرف أنني عشت فترة طويلة من حياتي في منطقة 'كوم الدكة' بالإسكندرية، ووالدتي أصلاً من الإسكندرية، وراح يتحدث عن هذه الفترة التاريخية المهمة من حياته، وعندما سألته عن 'أسوان' ومتي يزورها باعتبارها منشأ والده، قال 'والله نفسي أروح أسوان وأقعد براحتي شوية، وحتمًا سأفعل ذلك قريبًا'. كان طبيعيًا بعد ذلك أن أمضي، عانقت المشير، وطلبت منه الإذن للمغادرة، جئت علي غير موعد، لم أكن مدركًا عن يقين أن المشير يصلي حقًا في هذا المسجد أسبوعيًا، لكنني تحركت إلي هناك، وفجأة وجدت نفسي معه وجهًا لوجه، فتحركت بداخلي غريزة الصحفي، وقررت رصد هذه الدردشة والانطباعات، رغم معرفتي أن المشير لا يسعي إلي وسائل الإعلام، ولا يبحث عن الأضواء ويرفض كثيراً الحوارات الصحفية