وجاءت ليلة جديدة من الليالى الفنية الراقية التي تقدمها قلعة الفن (أوبرا الاسكندرية)، أحياها نجم مصرى متميز، يراه عشاقه قادما (من عالم تانى)، يحمل إحساسا متفردا وصوتا حنونا ورومانسية ندر وجودها فى الزمن الحالي حتى أطلق عليه محبوه لقب (فارس الرومانسية)، استقبال الجمهور فور صعوده على المسرح يكاد يهز جنبات المدينة، إنه خالد سليم. ذلك الشاب الذى كان سببا فى اكتساب الأوبرا لفئات جديدة من الجمهور، وهذا ليس مبالغة منى وإنما شهادة فى حقه من الدكتور رتيبة الحفني - رحمها الله - التى أشادت به قائلة ((خالد يُعطينا فرصة أن نعلم الأجيال الجديدة ماذا تعني كلمة موسيقى عربية، وماذا تعني أغاني عبد الحليم، وأغاني وردة وغيرهما من عمالقة الغناء)). مازلت أذكر أول حفل حضرته له فى أوبرا الاسكندرية نوفمبر 2005، وكان الحفل كامل العدد بالرغم من كونه مشاركا لأول مرة فى مهرجان الموسيقى العربية الذى تقيمه الأوبرا المصرية، حتى قيل حينها أن جمهور خالد سليم لم يترك مكانا لرواد الأوبرا التقليديين فى ذلك الحفل، كان حضوره طاغيا ومختلفا حيث غنى خلاله أغنيات التراث بكل اتقان وبنكهة (خالدوية) متميزة، وأبهر الحضور بإمكانياته الصوتية وتأثيره الملحوظ على قلوب جماهيره، بالإضافة إلى تواضعه الجم وأسلوبه الراقي فى التعامل وتمتعه بروح الدعابة، ومنذ ذلك الوقت ارتبط خالد سليم بالأوبرا واعتاد الجمهور على لقائه سنويا بمهرجان الموسيقى العربية وأيضا بالمهرجان الصيفى. وفي هذا اليوم تعرفت على مجموعة كبيرة من محبي خالد سليم (الخالدوية)، وأصبحت مواظبة على حضور حفلاته بالاسكندرية، ومازال التواصل بيننا مستمرا. نعم أعترف إننى (خالدوية) أصيلة، فقد أعجبت بصوت خالد منذ طرح أولى أغنياته (عالم تانى) والتى حملت موسيقى مختلفة مع أسلوب تصوير جديد وقت صدورها عام 2000، وتابعت مشاركته الصوتية فى فيلم (السلم والتعبان) عام 2001 التى كانت عاملا مهما وأساسيا من عوامل نجاح الفيلم، كما كانت أغنيات الفيلم (أنا حبيت – باعترف - عيش) هى أولى درجات سلم نجاحه، وبعدها جاءت أيقونة النجومية متمثلة فى أغنيات (حلم عمرى، بلاش الملامة، بدرى الوداع) التى قدمها من خلال فيلمى (سنة أولى نصب - كان يوم حبك) فوصل إلى القمة فى وقت قياسي رغم صعوده بخطوات ثابتة واثقة متمهلة. لقد كانت هذه الأغنيات الأولى أشبه ما تكون ب سهم كيوبيد الذى أصاب قلوب الجماهير لتسكن خالد بداخلها، إنها نقطة انطلاق وركائز أساسية فى مشواره الفنى، ومازال جمهوره يطلبها بإلحاح رغم مرور ما يقرب من 15 سنة على إصدارها!! ومن الملاحظ اختلاف خالد عن معظم أبناء جيله، فلم تسانده شركات إنتاج ضخمة، بل اعتمد فقط على موهبته الحقيقية، وآمن بأن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، فوثق بنفسه وبقدرته على النجاح، واعتمد على ذكائه في اختيار أعماله سواء غنائية أو تليفزيونية أو سينمائية، واجتهد فى تقديم فن محترم، وأيضا راهن على مساندة الجمهور وتشجيعه لكل خطواته، لقد احترم جمهوره ووضعه نصب عينيه فى كل خطوة يخطوها، فلم يقدم عملا دون المستوى، وحرص ألا تشوب سلوكياته شائبة، التزم بمعايير الفنان الحقيقي المحترم فى حياته الخاصة والعامة فلم تنل منه الشائعات المغرضة والمعتادة فى أوساط المشاهير، كما إنه ينسب الفضل لأصحابه ويوفيهم حقهم فلا ينكر دور من سانده فى بداياته، فدائما يذكر أن الاعلامية سلمى الشماع هى التى منحته فرصة الظهور أثناء فترة توليها رئاسة قناة النيل للمنوعات، ويصرح أن الدكتور رتيبة الحفنى حينما اقتنعت بموهبته قررت أن تسمح له بالغناء على مسارح الاوبرا المصرية وهو شرف لكل فنان، كما يشعر بالوفاء للفنانة وردة التى اختارته لمشاركتها بطولة مسلسل (آن الأوان) وكانت سببا فى دخوله عالم الدراما التليفزيونية ولهذا لا يتردد فى إحياء ذكراها كل عام وأداء أغنياتها الساكنة وجدان كل مصرى وعربي. لقد عاهد نفسه على إسعاد جمهوره فبادله حبا بحب، وازداد نجاحه وتألقه يوما بعد يوم، فهو ليس ظاهرة فنية مؤقتة بل هو فنان أفسح لنفسه مكانا على القمة ووعد جمهوره أن يظل محافظا عليه بتقديم كل ما يرسخ مكانته ويوطد أواصر المحبة مع معجبيه ويليق بهم. إنها ليلة فنية مزجت بين روائع فيروز وحليم ووردة وغيرهم مع أغنياته ذات المذاق (الخالدوى) المميز، فمنحت للجمهور وجبة فنية دسمة فى قلعة الفن الراقى.