نحتفل تلك الأيام المواكبة لمعرض القاهرة للكتاب بالذكري الرابعة والتسعين لميلاد الزعيم العربي "جمال عبد الناصر"، رحل عن عالمنا ولم تكتمل رسالته، تركنا و نحن في أشد الحاجة إلي صموده وصلابته وبعد نظره في تلك اللحظات المصيرية التي تمر بها أمتنا العربية. كان جمال عبد الناصر، بالنسبة لعموم العرب قائدا تاريخياً وبطلاً تحرّرياً، كان للشعب المصري حاكماً ورئيسا. ونجد أنّ العرب ومصر ما زالوا يفتقدونك يا أبا خالد، وأنّ الكتابة عنك ليست ابتعاداً عن الحاضر أو تجاهلاً للمستقبل أو حنيناً لماضٍ يفتقده عشرات الملايين من العرب، بل هي دعوةٌ للاستفادة العربية والمصرية من نهجٍ "ناصري" واجه أزماتٍ وصراعات لعقدين من الزمن ' 1952-1970'، وما زالت هذه التحدّيات والصراعات تنخر في جسد الأمَّة العربية. وعلي الرغم من مرور كل هذه الأعوام علي رحيل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، إلا إنه يبدو وكأنه غادرنا بالأمس .فصورته تحضر إلي العقل الجمعي العربي كلما واجهت الأمة العربية مشكلة. عبد الناصر هو الزعيم العربي الوحيد الذي مازالت صوره ترفع في كل مظاهرات الغضب العربي من المحيط إلي الخليج. وفي هذه الذكري نحتفل بإصداراتنا عن جمال عبد الناصر، للدكتور خالد عزب؛ مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية والباحثة صفاء خليفة: أولها، كتالوج "جمال عبد الناصر من القرية إلي الوطن العربي الكبير '1918-1970'" عن الدار المصرية اللبنانية، والذي يعرض الكتالوج حياة الرئيس جمال عبد الناصر في قالب مختلف، حيث يبرز أهم محطات القوة في العلاقات المصرية العربية، وكيف كانت مصر هي رائدة للعالم العربي وأفريقيا أيضًا في ظل حكم الرئيس جمال عبد الناصر. ويتميز الكتالوج بأنه نصيًا إلا أنه مدعوم بالصور والوثائق والأخبار الصحفية التي تغطي حياة الرئيس جمال عبد الناصر من الميلاد وحتي الوفاة، وينقسم الإصدار إلي قسمين رئيسيين، القسم الأول يبدأ من عام 1918 وينتهي عام 1951، والقسم الثاني يبدأ بعام 1952 ويقف "من القرية إلي الوطن العربي الكبير" عند لقطات من حياة جمال عبد الناصر الإنسان بعضها مع عائلته الكبيرة، وبعضها من بيته في منشية البكري بين زوجته وأولاده، ولمحات من حياة جمال، الأب والأخ والصديق، إلي أن ينتهي الكتالوج بيوم وفاة جمال عبد الناصر وجنازته. ويقدم الكتالوج إطلالة علي أهم الأحداث العربية والإقليمية والدولية التي كان لها كبير الأثر علي جمال عبد الناصر قبل توليه رئاسة الجمهورية، ويبين كيف كان يتحرك من خلالها بعد أن تولي منصب الرئاسة وكيف أثرت علي أهم القرارات المصيرية في تاريخ مصر الحديث، وقد نجحنا من خلال هذا الإصدار أن نوضح كيف استطاع عبد الناصر أن يضع مصر في قلب العالم العربي و أن يضع العالم العربي في قلب العالم. أما الإصدار الثاني، وعنوانه: "بقلم جمال عبد الناصر"، عن دار عن أطلس، ووجدنا أنه من الضروري إلقاء الضوء علي أحد وأهم جوانب الشخصية الكاريزمية لجمال عبد الناصر، ألا وهو الجانب الثقافي والفكري، وقد تجلي هذا الجانب من الشخصية في سلوك جمال عبد الناصر الإنسان والزعيم ورجل الدولة. وينقسم الإصدار إلي قسمين رئيسيين، القسم الأول تأمل في فكر وشخصية جمال عبد الناصر، والقسم الثاني عبارة عن مؤلفات جمال عبد الناصر كاملة وهي علي التوالي رواية في سبيل الحرية، فلسفة الثورة، يوميات حرب فلسطين 1948. تحدثنا سطور هذا الكتاب عن أولي كتابات الطالب جمال عبد الناصر، فقد نشرت له مجلة مدرسة النهضة الثانوية أول كتاباته - مقالة بعنوان "فولتير، رجل الحرية"، وهو في سن السادسة عشرة من عمره. وفي عام 1934 بدأ الطالب جمال عبد الناصر حسين وهو في السادسة عشرة من عمره في تأليف رواية "في سبيل الحرية"، التي تتصدر صفحتها الأولي صورة "عبد الناصر"، وتتناول في مضمونها المعركة الخالدة التي خاضها أهل رشيد بمصر عام 1807، ثم نجد موهبة جمال التمثيلية عندما قام بدور "يوليوس قيصر" في مسرحية شكسبير ضمن برنامج الحفلة التمثيلية السنوية لمدرسة النهضة 1935 بعد قراءته عن الشخصية وإعجابه الشديد بها. ثم تتطرق الدراسة إلي أي مدي تأثر جمال عبد الناصر بالأحداث في مصر وعلي صعيد العالم العربي والتي دفعته نحو كتابة بعض الخطابات إلي أصدقائه يستنكر فيها تلك الأحداث والتي كان أهمها إلغاء دستور 1923 واستصدار إسماعيل صدقي باشا لدستور 1930، أحداث 4 فبراير 1942. كما كان لحرب فلسطين كبير الأثر علي فكر جمال عبد الناصر وقلمه أيضًا، بالإضافة إلي سلسلة من المقالات نشرتها مجلة آخر ساعة، عام 1955، تحت عنوان "يوميات الرئيس جمال عبد الناصر وحرب فلسطين"، وعقب ثورة يوليو صدر كتاب "فلسفة الثورة" عام 1953 الذي يعد أول وثيقة تصدر عن ثورة يوليو ومفاهيمها عام 1953 بعد نحو سنة من قيام الثورة في يوليو 1952. تحية لروحك في أجواء الذكري الرابعة والتسعين لميلادك يا جمال.