منذ نحو أسبوعين نشرت صحيفة «هآارتس» الإسرائيلية رسمًا كاريكاتوريًا غريبًا، ولكنه يعكس مدى خضوع الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» للدولة الصهيونية والذى تجلى فى اعترافه المشئوم بالقدس عاصمة لإسرائيل. والكاريكاتير المشار إليه يُظهر «ترامب» وهو يقبِّل يد رئيس وزراء إسرائيل «بنيامين نتنياهو» الذى يجلس على كرسى كبير بينما يركع ترامب على ركبتيه، وصَاحَبَ الرسم الكاريكاتيرى تعليق: فى غضون لقاء «دافوس»، حيث التقيا على هامش المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس، وخرج ترامب بتصريحات مؤيدة لإسرائيل. ويتواكب مع ما سبق، تلك الزيارة المثيرة للجدل التى قام بها نائب الرئيس الأمريكى «مايك بنس» للشرق الأوسط وختمها بزيارة إسرائيل حيث وقف أمام الكنيست مؤكدًا أن نقل السفارة سيتم قبيل نهاية العام الجاري، مضيفًا بلا أدنى خجل: «إن الولاياتالمتحدة تقف دائمًا إلى جانب إسرائيل؛ لأن نضالنا هو نضالها أيضًا، فأمريكا لن تتنازل أبدًا عن أمن دولة إسرائيل»!! وكان الرد الفلسطينى الرسمى على «بنس» حادًا وحاسمًا معتبرًا أن أمريكا ليست وسيطًا نزيهًا فى حل الصراع مع إسرائيل بل هى طرف منحاز دائمًا، غير أن الرد الأبلغ كان من جانب أبناء الشعب الفلسطينى فى مخيم عايدة للاجئين فى بيت لحم بالضفة الغربية، والذين قاموا بإجراء محاكمة وهمية لكل من «ترامب» و«بنس» حيث علقوا دميتين لهما، وقضت المحاكمة بإعدامهما وحرقهما وسط جموع الناس بوسط المدينة مرددين هتافات معادية لأمريكا وإسرائيل. والشاهد أن دلالات الانحياز -بل الخضوع- الأمريكى لإسرائيل ليست وليدة اليوم مع «ترامب» وإدارته، ولكنها عملية مستمرة لعشرات السنين بفعل ضغوط اللوبى اليهودى بأجنحته المتعددة داخل الولاياتالمتحدة، من نوعية منظمة «إيباك» (اللجنة الدولية للشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية)، والجماعة الإنجيلية (مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل).. والأخيرة تفاخر زعيمها القس «جون هاجى» بأنه عقد جلسات استماع بالبيت الأبيض مع «ترامب» ونائبه لحثهما على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس!! وليس بعيدًا عن الأذهان أن «ترامب» نفسه خلال حملته الانتخابية للرئاسة ضد «هيلارى كلينتون» قد وعد صراحةً بنقل السفارة للقدس، علمًا بأن قرار النقل تم اتخاذه منذ أكثر من عقدين من الزمن ولم يجرؤ أى من رؤساء أمريكا على تنفيذه إلى أن جاء «ترامب»، والذى يعيش فى محيطه العائلى اثنان من أكبر داعمى إسرائيل: ابنته «إيفانكا ترامب»، وزوجها «جاريد كوشنر»، رجل الأعمال اليهودى، الذى تزوج «إيفانكا» عام 2009م، ولم يكد الشهر الذى تزوجا فيه يمضى إلا وأعلنت «إيفانكا» تحولها من «البروتستانتية» إلى «اليهودية» مثل زوجها، مع العلم أن «كوشنر» يعمل حاليًا كمستشار لإدارة حماه «ترامب» لشئون الشرق الأوسط!!