قوليلي، عاملة إيه مع ولادك وجوزك أيام الدراسة، يعني علاقتك بهم حلوة كده ومفرفشة ومهيصة وبتقعدوا تهزروا مع بعض وفي السهرة تتفرجوا على فيلم على إم بي سي أكشن ولا تسمعوا أم كلثوم على روتانا كلاسيك وانتوا بتقزقزوا لب وتشربوا حاجة ساقعة وتاكلوا آيس كريم؟ قالت والحزن بعينيها: يا ختاااااي، متقلبيش عليا المواجع، فيلم إيه ولب إيه اللي انت جاية تقولي عليه؟ أيام المدرسة بيتحول البيت لساحة حرب، وانت بتبقي الخصم والحكم في نفس الوقت، وصوتي يا حبيبتي بيلف الكرة الأرضية ويخبط في سقف السما ويرد لي تاني، طيب أقولك، انت بتصحي من النوم كل يوم 6 الصبح، ما بين البس يا حبيبي، مجهزتش الجدول بتاعك من امبارح ليه، شراب إيه اللي ضيق ومش عاوز يتلبس ده احنا لسه جايبينه مكملش شهرين؟! يا ابني خلص عقبال ما اعملك السندويتشات ياللا اغسل وشك اللي هتنزل تقابل به الناس، إيه.. الميه صاقعة؟! مية إيه اللي صاقعة ده احنا لسه مخرجناش م الصيف، طيب شغل السخان، ويا اختي أنا اقول الجملة دي من هنا ويجيلي صوت أبوهم من الأوضة بيزعق بعلو صوته "سخان إيه اللي عاوزين تشغلوه انتو مش عارفين فاتورة الكهربا بقت بكام، هو أنا هلاقيها من الكهربا ولا من مصاريف المدرسة والمواصلات ولا الدروس الخصوصية، ارحموني حرام عليكم.. ولما أقوله يا سيدي السخان غاز مش كهربا يقولي يعني هو الغاز مغليش؟ يعني انتو كمان عاوزينه يبقى كهربا؟! وبكده يبقى بدأ اليوم زي كل يوم الصبح، ولما العيال ينزلوا المدرسة بعد ما يطلعوا روحي ألبس جري في جري وانا حاطة الأكل بتاع الغدا ع النار أهو ألحق أسويه ولو نص سوا يوفر عليا الوقت لما ارجع بعد الضهر، وابقى بالبس الفستان بإيد وأقلب الحلة اللي على النار بالإيد التانية، وألف في البيت أشيل هدوم العيال اللي رموها في كل حتة وأنزل جري أركب الأتوبيس عشان ألحق قبل ما يرفعوا دفتر الحضور في الشغل، وأروح أقعد على مكتب أتعامل مع الناس وأوراقهم وطباعهم اللي بقت عصبية زيادة عن اللزوم، وهات يا خويا ختم المحافظة، وصور يا أستاذ البطاقة صورتين، وهاتي يا حاجة ورقة الأعفاء من الخدمة العسكرية والحق يا عم قبل ما الموظف اللي جنبي يزوغ، وشيلي يا مدام ابنك من ع المكتب غرق الورق بتاع الناس، ويخلص اليوم وانا خلاص حاسة طاقتي خلصت ونفسي أروح أنام وارتاح، لكن راحة إيه؟!! أنا لسه ها "نط" في أي ميكروباس يوصلني لأقرب حتة للبيت أنزل اشتري الحاجات اللي ناقصة، إشي خضار وإشي كراسات وإشي كتب خارجية للعيال، وأدخل البيت جري ع المطبخ ألحق أكمل الأكل اللي بدأت فيه الصبح، وأحط الغدا للعيال وأكلهم وأغسل الاطباق وأطبق الغسيل وأكوي الهدوم، وألملم ورا العيال الهدوم بتاعة المدرسة اللي جم رموها في كل حته، وأدور معاهم على الكراسة التايهة والقلم الضايع والأستيكة اللي مش عاوزه تمسح الكلام.. وذاكر يا واد، وخلصي يا بنت، وشد حيلك يا ابني في المذاكرة شوية واتأخرت ليه يا حبيبي في الدرس زمايلك رجعوا بيوتهم من ساعتين، بلاي ستيشن إيه اللي تروحه دلوقت، وياللا قوموا اتعشوا جهزت العشا، ويا بنتي سيبي الموبايل واخرجي من الفيس شوية، يا ابني مينفعش تقعد في الشارع لحد نص الليل، مينفعش يا حبيبتي تروحي رحلة مع صحباتك اقعدي ذاكري أحسن.. وعلى آخر الليل أكون خلااااااص مش شايفة قدامي وهقع من طولي ومحسش بنفسي من كتر التعب إلا وانا بدور على السرير أشوفه راح فين وانا تايهة وبفتح عيني بالعافية، وأرمي نفسي ع المرتبة ويا دوب عيني لسه هتروح في النوم ألاقي المنبه بيرن في ميعاد المدرسة عشان أصحى وأدور في نفس الدايرة تاني يوم، ويوم بيسلم يوم لما خلاص حسيت ان عمري بيخلص وأنا عاملة زي التور اللي عايش طول عمره يلف في ساقية ودي كل مهمته في الحياة.. يا سيدتي الفاضلة، إن لم تقتنصي من الحياة بعض الوقت الذي تشعرين فيه بنفسك وخصوصيتك وتستمتعي بشيء تحبينه فلن تستطيعي استكمال حياتك بنفس الكفاءة التي تعملين بها وأنت تدورين في فلك مهماتك ومسئولياتك اليومية، عليك باقتناص ساعة واحدة يوميًا تكون لك، تقرئين كتابًا أو تشاهدين فيلمًا تحبينه أو تستمعي إلى الموسيقى، أو تمارسين رياضة أو تخلو بنفسك في هدوء، ساعة واحدة من أربعة وعشرون ساعة في اليوم ستمنحك الطاقة للاستمرار واستيعاب هذا الكم من الأحداث اليومية، إن خذلت نفسك وأرهقتيها فسوف تخذلك ولن تستطيعي استكمال مسيرتك كزوجة وأم وامرأة عاملة..