مصر لم تخسر اليونسكو بل هى من حفرت تاريخ المنظمة بخبراء الآثار والتراجم، لو فتشت فى تاريخ اليونسكو ستجد كواكب مصرية مضيئة ومنهم هذا الكوكب الوحيد الذى له جائزة هى الأولى والأخيرة من اليونسكو، موسيقاه تغزو الدنيا له تأثير حضارى على العالم هكذا وصفت اليونسكو عبقرى الموسيقى الموسيقار رياض السنباطى ولم تعطِ اليونسكو سواه هذه الجائزة وهى التى حرمته من نوبل وكان يستحقها، وكل عمداء وخبراء معاهد الموسيقى فى العالم العربى يسألون كل ممتحن فى الموسيقى: هل أنت «وهابى أم سنباطى؟ يعنى تتبع مدرسة الفنان محمد عبد الوهاب أو الموسيقار رياض السنباطى. يقول الفنان عمار الشريعى: ذات يوم اتصل الأستاذ «عبدالوهاب» بكل نجوم الغناء فى مصر والعالم ودعاهم ليوم حديث الروح وكنت من ضمن المتصل بهم، وقال لى: «عمار يا حبيبى بتعمل إيه؟ قلت: «مفيش يا أستاذ»، وقال الأستاذ: بالأمر «افتح التليفزيون، اسمع أم كلثوم بتغنى «حديث الروح»، ونتكلم بعدها»، يقول عمار: انتهت الأغنية، وطلبت الأستاذ عبد الوهاب، وقلت له: سمعت يا أستاذ، قال الأستاذ: الله عليك يا رياض، قالها الأستاذ بتنهيدة عميقة وهو يهتف: رياض يجبرك على أن تكون صوفى عايش فى الملكوت وانت بتسمع الأغنية، إيه الجلال ده؟ أم كلثوم بتغنى بوجدان صوفى، أنا سالت دموعى من لحن تعزفه طيور فى السماء. ويصف عمار الشريعى اللحن قائلًا: من الممكن القول إن قلبى «انفطم» على صوتها العبقرى فوق أجنحة ألحان القمة الشامخة شموخ جبل. رياض السنباطى نبع النغم الشرقى بأصالته وشغله ومشغولاته وزخرفاته ودمعه المنساب. الذى شربت منه أجيال كاملة منذ أوائل عام 1935 عندما اكتسح السنباطى مصر كلها بلحنه الشعبى «على بلد المحبوب ودينى» وبفضل الأداء الممتع لعبده السروجى قبل أن تؤديه ثانية أم كلثوم وتسجله على اسطوانات. ومن العبقرية أن ألحان السنباطى تقدر بألف لحن، ولحن لأم كلثوم وحدها أكثر من مائتى لحن )بالضبط 282 أغنية وقصيدة(. ومما رواه الموسيقار السنباطى فى موسوعة الموسيقى أنه صمم على قص حكاية عنه قال يوما ما وكان رياض صبيًا، أراد أن يخفف عبء المصاريف عن أبيه فعمل - كما يقول رياض السنباطى عن نفسه- «صبى منجد» ولكن أباه وبَّخه وأعاده واستمر يسدد نفقات المدرس شعبان أفندى الذى يدين له «رياض» بالمهارة فى العزف على العود. كان رياض السنباطى هو «عازف العود» فى تخت محمد عبدالوهاب فى أثناء تسجيل أغانى فيلمه الأول «الوردة البيضاء» ومع كل ذلك قامة قيامة موسيقى السنباطى فى عز مجد محمد عبد الوهاب «هوبه» كما كانت تناديه الست أم كلثوم وكبيرنا عباس العقاد وأم كلثوم نفسها اعترفت أنها «تسنبطت» أى صارت سنباطية، ومع ذلك خاصمها رياض أربع سنوات كاملة ورفض أن تغنى الأطلال حتى تلتزم بقفلة الغنوة عند جملة فإن الحظ شاء وفى النهاية رضخت الست ونفَّذت الأداء بالحرف والثانية خصوصا ولمن درس علم المقامات يعلم أن موسيقى الموسيقار رياض السنباطى مثل بناء هندسى لا نظر له ومن المستحيل أن تخرج عنه ولو كانت أم كلثوم، وعندما جاء موعد الحفلة وغنت كما طلب رياض وبحضور الرئيس جمال عبد الناصر تأثر جدًا بعبقرية رياض وقال له: ماذا تطلب ونحن نجيب فورًا يا أستاذ رياض؟ فقال: لا شىء.. الحمد لله أنا مستور وقد كان يعيش فى شقة إيجار بمصر الجديدة. من فضلكم لا تحدثونى عن اليونسكو الآن بل اسمعوا السنباطى.