اثناء زيارة الزعيم جمال عبدالناصر للمغرب ومرور موكبه في صحبة ملك المغرب اصطف المواطنين المغاربة لتحية ضيف مصر الكبير، فإذا برجل مغربي بسيط يقف أمام الموكب الذى يشق طريقه بصعوبة بين الجماهير الغفيرة وبيده ورقة يبدو أنها شكوى أوطلب حاجة، ومد يده بالورقة لعبد الناصر، فابتسم عبد الناصر للرجل وأشار إليه أن يعطى الورقة لملك المغرب فهو ملك البلاد ومن يستطيع حل أى مشكلة أوتلبية اي مطلب لمواطنيه، فرفض الرجل إلا أن يسلمها لعبدالناصر فسأله عبدالناصر مبتسما.. أليس هذا ملككم؟ فقال الرجل.. ألست أنت شيخ مشايخ العرب فضحك جلالة ملك المغرب وعبدالناصروأخذ منه الورقة. لم يخلد زعيم في ذاكرة الشعوب مثلما خلد ناصر فزعامته لم ينتهي بريقها بوفاته، بل ازدادت قوة واتسع تاثيرها، وانتقلت لاجيال لم تعاصره، ليس تملقا بل افتتانا بمشروعه السياسي، فهو الفكرة الحالمة لوطن افضل، والنموذج الثوري، والاصلاحي، الرومانسي لشعوب طامحة الي التحرر والاصلاح، لذلك انطبعت صورة عبد الناصر في قلوب ملايين العرب والمصريين قبل ان تكتب علي صفحات التاريخ، ولم يكن مجرد صفحة ناصعة في كتب التاريخ بل فكرة انسانية صانعة للتاريخ لأمته وشعبه، تميز بصدق مطلق، وشجاعته حاضرة، وانجازاته شكلت هرما يضاهي اهرامات الفراعنة العظام، ولعل انجازاته في ملف العدالة الاجتماعية هي النموذج الذي ظل يتطلع اليه الكثيرون بعد رحيله، فجاء بمجموعة اصلاحات انحازت للطبقات الكادحة، فكان ناصر الغلابة وناصر كل فقير، جعل له حق في التعليم والانتاج والعلاج والعمل، فكفل الحد الادني من الحياة الكريمة للمهمشين من السواد الاعظم للمصريين، ولما لا فهو ابن من ابناء ملح الارض كان يعيش حياتهم رغم المنصب، يشترى ملابسه من محلات القطاع العام فساوي حياته وحياة ابنائه بحياة المصرين وابنائهم ولم يتميزعنهم. فعبدالناصر أكثر من أنصف الفقراء حتي ما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملاً، وهو مالم يكن يملكه المهمشين من قبل، ولان الأمل لايموت فان مانحه لا يموت ايضا ويبقي حيا في وجدانهم..هو اعطاهم الامل وهم منحوه الخلود. والدارس لتاريخ الحركة الثورية والاجتماعية في مصر يلاحظ ان المصريين لم يخرجوا إلى الشارع فى العصر الحديث بالملايين إلا مرات قليلة ومعظمها فى عهد ناصر سواء تعبيراعن ثقتهم فيه اوحبا له. المرة الاولي كانت عام1956 حينما خرج الشعب بالملايين مؤيدا لقرارناصر بتأميم قناة السويس والثانية لتجديد الثقة فيه عقب اعلان ناصر التنحي بعد هزيمة 67 فجمال عبدالناصر لديهم أكبر من النكسة .والثالثة عقب سماعهم خبر وفاة زعيمهم وملهمهم.. فكان خروجهم امام العالم تاييدا وتشيعا بهذة الاعداد التي لم يكن يعتادها احد في ذلك الوقت أرقى وأصدق استفتاء شعبى حدث لرئيس دولة فى التاريخ الحديث. مات ناصر ولم تمت فكرته التي ترسخت في التاريخ الانساني وستظل حاضرة لأجيال جديدة قادمة، طواقة لتحقيق حلمه في غد عربي افضل، وستبقي منجزاته في كل مناحي الحياة محصنة ضد محاولات التشويه، وستظل ذكراه حاضرة بيننا سواء اتفقنا اواختلفنا حوله، وسيقي محور هام في الحديث عن تاريخ مصر . الزعيم الخالد جمال عبدالناصر