لمن الفتوى..؟ سؤال ملح يجب أن يطرحه رجال الدعوة على أنفسهم الآن، وعلى اساس الاجابة التى يضعونها، يتم وضع حد لكل الفتاوى العشوائية والشاذة التى تداهمنا بين الحين والاخر من «مشايخ» ظننا انهم ثقات. الغريب أن الفتاوى التى تطلق على لسان من تعلموا وتفقهوا ودرسوا أصول الدين، هى فتاوى غريبة، وتعيدنا إلى عصور الجاهلية، حيث اللاعقل واللامنطق، فمن يتصور اننا فى القرن الحادى والعشرين، وهناك من يطلق فتوى تبيح معاشرة الرجل لزوجته «الميتة»، اى مشاعر تلك التى تختزل العلاقة الطيبة بين اى زوجين فى مجرد «شهوة» حيوانية، لا تتوقف عند وفاة الزوجة وشريكة العمر، ولا تتأثر بالحزن الطبيعى فى هذا الموقف الانساني، وكأن الرجل مجرد كائن شهوانى لا يهمه سوى اشباع رغباته، حتى ولو كان مع زوجته «الجثة الهامدة» التى ينتظر غسلها وتكفينها. حقيقة شعرت باشمئزاز شديد من هذه الفتوى بالذات، التى تعاملت مع الانسان على انه مجرد آلة، وليس حيوانًا، لأنى أعتقد أن الحيوان يحزن ويتأثر لوفاة وليفته، وتكتئب الحيوانات الاليفة لوفاة الانسان الذى يرعاها ويعتنى بها فى منزله. أيضًا الاستاذة الازهرية التى تقدم برامج للافتاء، وتنصح الناس فى أمور الدين، خرجت علينا هى الاخرى لتبيح «نكاح البهائم» وكأن الدنيا ضاقت ببنى البشر ليقيموا العلاقات فيما بينهم، لينشغلوا بالبهائم، وبغض النظر عن ردها على الجدل المثار حول الفتوى، وتأكيدها أن الكلام تم اجتزاؤه، وبالتالى خرج عن سياقه، فإن هذه الفتوى هى الاخرى، تضع الانسان فى مصاف الحيوانات، وتثير الدهشة والعجب. ففى مجتمع يعانى كثيرا من المشكلات الاجتماعية وقلة الوعى والانفلات الاخلاقي، يجب ألا تطلق مثل هذه الفتاوى التى تزعزع الثقة برجال الدين، وتشغل الناس عن أمور الدين الصحيح، بالتفاهات والاحاديث المرسلة بغير وعى، بما ستحدثه من أثر سلبى على الجميع. وللاسف يلعب الاعلام دورا سلبيا فى مثل هذه القضايا الشائكة، فالفضائيات والمواقع الاخبارية، تتبارى جميعها فى جذب أعلى نسبة مشاهدة، بغض النظر عن موضوع مايشاهد ولا أثره السلبى على المجتمع، فقط تبقى الاثارة هى الهدف الأسمى.. وبالطبع فاذا تجاهلت وسائل الاعلام هذه الفتاوى الشاذة، ماصارت مادة للجدل على صفحات التواصل الاجتماعي. يبقى القول ان الازهر لابد أن يستعيد مكانته فى السيطرة على كل رجال الدين، وأن ينتقى منهم، من يتسمون بالعقلانية حتى يتمكنوا من الوصول إلى مقعد الفتوى، فالمجتمع لايحتمل مزيدا من التدهور الاخلاقى.