رغم روائح الخراب والموت.. رغم الدماء التى تسيل فى كل مكان، نشعر أحيانًا أن بارقة أمل مازالت تلمع، التاريخ المحفور على جدران المعابد، والأبنية القديمة والمدن التى تروى لنا القصص هناك من يحنو عليها لتعيش وتنطق ذات يوم بكل الحقائق، تاريخ عندما تسقط شواهده تضيع وثيقة دامغة وتموت آلاف الذكريات مع أصحابها وتطمس الصور من أعين أجيال، فتصدق ما يملونه عليها، ربما لا يغير من الواقع أن تدرج لجنة التراث العالمى باليونسكو مدينة الخليل «البلدة القديمة» ضمن قائمة التراث العالمى المهدد بالخطر، لتنضم إلى البلدة القديمة بمدينة القدس وأسوارها وكنيسة المهد وطريق الحجاج وتلال «بتير» التى تقع فى طرف فلسطين على بعد بضعة كيلومترات جنوب غرب القدس، فى الأراضى الجبلية بين نابلس والخليل. إن ما يحدث من تلك المنظمة هو أن تعبق الأجواء برائحة الحق، الأمر بالنسبة لنا أكبر من محاولة للإبقاء على تاريخ بجمال تلك المدرّجات الحجرية فى «بتير» بلد الزيتون والكرم التى صدر قرار العام الماضى بشأنها بعد أن عانت إهمالا جسيما، وكذلك انقاذ البلدة القديمة بمدينة الخليل التى تميزت باستخدام الحجارة الجيريّة المحليّة فى بنائها خلال العصر المملوكى بين عامى 1250 و 1517، بلدة الحرم الإبراهيمى الشريف التى شيّدت مبانيه الأثريّة فى القرن الأول الميلادى بهدف حماية أضرحة النبى إبراهيم وعائلته وهو الموقع الذى أصبح وجهة حجّ للديانات السماويّة الثلاث: اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة. الانتصار للحق مازال سمة فى هذه المنظمة «اليونسكو» لكن إسرائيل لم ولن تترك الأمر، تتبع سياسة الخطوة خطوة، والشبر شبر التى انتهجتها لتسلب دولة كاملة من أهلها، ففى شهر مايو الماضى أصدرت المنظمة قرارا يؤكد قراراتها السابقة باعتبار إسرائيل محتلة للقدس، ورفض سيادة الأخيرة عليها وجرى تمرير القرار بأغلبية 22 صوتا، ومعارضة عشرة أصوات، وامتناع أو تغيب الدول الباقية، وسط ضغوط إسرائيلية هائلة بهدف تشريع ضم القدس وإلغاء القرارات المتعلقة بها، القرار الذى اعترض عليه عشرة كان المعترضون عليه من قبل اثنين فقط، واعتبر مسئول إسرائيلى أن الأمور تتقدم فى الاتجاه التى تريده إسرائيل، وأن المعارضين يتزايدون اقترابًا من الهدف المنشود، وهو عدم تذكير إسرائيل بأنها دولة احتلال،سيتقلص العدد أكثر وأكثر لأننا نتركها تفعل ما تشاء، ننام طويلا ونستيقظ على المصائب، ليست مصائب الاحتلال فقط ولكنها مصائب داخل بيوتنا وشركاتنا وبيوتنا، نطلب أن يمنحنا الآخرون حقا تكاسلنا عن إظهاره ونمنا عن الوصول إليه..