ساعات قليلة تفصلنا عن الذكرى الرابعة لثورة 30 يونيو التى تفردت عن غيرها من الثورات المصرية بمذاق الوحدة التى ألفت بين جموع المصريين ، فخرجوا بالملايين لميادين الحرية وأعلنوا فى حدة لا تقبل القسمة على أى إحتمال ، رفضهم القاطع والتام لحكم مرسى وقبيلته من جماعة الإخوان بعد عام واحد فقط من الظلام والظلمات . ففى الوقت الذى إتشحت فيه شوارع مصر باللون الأسود بعد تفاقم أزمة الكهرباء وإنقطاعها المتكرر ، إتشحت العقول بالمخاوف من ظلمات تتسلل بكل ريبة إلى نخاع الدولة المصرية فى محاولة لأخونة كل المؤسسات من رئيس كان يحكم ولا يحكم ، يتحدث وليته ما تحدث ، رئيس لم يكن يوما بحجم الدولة المصرية ولن يكن يوما سطرا يتداوله التاريخ تحت أى إعتبار وكأنه لم يكن ! وعن الوقوف عند هذا اليوم الذى إلتئمت فيه جراح الدولة المصرية بعدما فوض المصريون السيسى وقتها وإستجابوا لطلبه ، فإستجاب لندائهم وكانت البداية لعهد جديد تزينت فيه الطرقات بالمشاريع الكبرى وتلون المستقبل بملامح التطور الذى بات مطمع لكل المصريين ، فى عهد قيادة لا تأمل غير الأفضل لمصر وتسابق الوقت وتقديرات الخبراء لتربح فى كل مره السباق وتحملنا من خطوة لخطوة فى سلاسة ترهقنا فى عواقبها فى بعض الأحيان ، ولكن المحصلة النهائية تجبرنا على تحية هذا العقل الطموح الذى تعهد فأوفى وأفاض فى التمنى ، فكان الحصان الأسود الذى إنتشل مصر وأهلها من حلبة سباق فاسد تآمرت فيه أطراف عديدة على العالم العربى فى ماراثون أسموه " الربيع العربى " ونجت مصر بفضل فارسها الأصيل ، وفى هذا السياق لو تحدثنا عن ما خلفته ورائها هذه الثورة المجيدة سنجد النمور والحرباوات كلاهما حاضر فى كل مشهد تتوقف عنده اليوميات المصرية ويسترعى إنتباه الساسة وأولى الأمر ، وعن النمور حدث عن الجيش المصرى الذى حمل على عاتقه على مدار أربع سنوات صعبه مضت تبعات ثورتين أضعفتا مفاصل الدولة المصرية وزلزلتا حياة المصريين من أقصى الشمال لأقصى الجنوب ، فكان الجيش وقتها الملاذ الآمن لإقتصاد يعانى من ترهل التخبط الإخوانى فى القرارات المصيرية التى أضرت بالإقتصاد المصرى فضلا عن ما سبقها من مديونيات من عهد الرئيس السابق مبارك ، ولم يأت وصفى لجنود الجيش بالنمور من فراغ ، بل عن قناعة تامة بأنه الأقرب لصفاتهم ، فالمعروف عن النمر أن لون جلده يشبه لون فروته ، ناهيك عن قوته المفرطة فى إفتراس الحشرات وغيرها من الحيوانات ، فقواتنا المسلحة لم تهدأ لحظة أو تتهاون فى محاربتها لإرهاب ما فتح له الباب لأرض مصر غير براثن الإخوان ، وإلى اليوم لازالت تحارب بكل شراسة وهدوء يأبى أن يعكر صفو المصريين الإرهاب فى قلب البلاد وعلى أطرافها وكلما سقط منها رجال نهض فى نفس اللحظة غيرهم يحملون نفس اللون ونفس القوة بإرادة أقوى مما سبقوهم ، ورغبة صادقة فى اللحاق بهم من أجل مصر .. هؤلاء الأبطال رأيناهم بأعيننا فى عتمة الليل وفى وضح النهار على مدار السنوات الأربع الماضية نمور العزة لا تتلون إلا بدماء الشهادة .. وعلى النقيض أفرزت لنا ثورة 30 يونيو حرباوات متلونات تتغير عندهم المواقف كلما لاحت فى الأفق الأوراق الملونة والنوايا الخبيثة ، فى وجوه لا نراها أبدا وقت الشدائد داعمة أو فاعلة ، إنما تظهر فقط وقت الإنجازات لتشكك فى يقين البسطاء وتشعل آمال العملاء فى ضعف يلوح فى أفق القيادة المصرية ، وكلما أرادوا التشكيك زاد يقين المصريين فى ثبات قيادتهم وباركوا خطواتها ، وأتساءل هل لازال لديهم من الألوان وفى جعبتهم لون لم يستخدموه بعد يطلون علينا به فى إحتفالات هذا العام ؟ أم آن الآوان لعودة بلا رجعة لجحورهم وفضائلهم التى تآكلت ألاف المرات ولازال المجتمع يحتويهم على أمل الرجوع .. لمصر .. لا لهذا الشخص أو ذاك القطيع !