بايدن يؤكد للرئيس السيسى تقديره لجهود مصر للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة    الأهلى يهزم الزمالك 27 - 21 ويحسم لقب محترفى اليد    عيار 21 بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 24 مايو 2024 للبيع والشراء    مصر تُرحِب بقرار "العدل الدولية" فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل    الصين تحذر: رئيسة تايوان تدفع باتجاه الحرب    تزامنا مع كلمة ل نصر الله.. حزب الله يستهدف موقعا إسرائيليا بصاروخين ثقيلين    "بولتيكو": إجراءات روسيا ضد إستونيا تدق جرس الإنذار في دول البلطيق    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    الأهلي يبدأ مرانه الختامي لمواجهة الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا غدا    «تجاوز وعدم أدب».. بيان ناري لرابطة النقاد الرياضيين ردًا على تصريحات محمد الشناوي ضد الصحافة المصرية    الدبلومات الفنية 2024.. "تعليم القاهرة": تجهيز أعمال الكنترول وتعقيم اللجان    المخرج أشرف فايق: توقعت فوز الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" بذهبية مهرجان كان    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع والتسليم لله    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    «العدل الدولية» تحذر: الأوضاع الميدانية تدهورت في قطاع غزة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    بعد ظهورها بالشال الفلسطيني.. من هي بيلا حديد المتصدرة التريند؟    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    الأزهر للفتوى يوضح أسماء الكعبة المُشرَّفة وأصل التسمية    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "تائه وكأنه ناشئ".. إبراهيم سعيد ينتقد أداء عبدالله السعيد في لقاء فيوتشر    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الخرائط وجزيرتي "تيران وصنافير"

يحتشد مدخل خليج العقبة بنحو 30 جزيرة أكبرها تيران وصنافير. و جزيرة تيران جزيرة صخرية جبلية قاحلة مساحتها نحو 71 كم2 , و أقصي ارتفاع فيها 526 متر , و هي خالية تماما من السكان , و تنعدم فيها موارد المياه , و يحيط بسواحلها , خاصة الشرقية والشمالية نطاق عريض من الشعاب المرجانية . و إلي الشرق منها جزيرة صنافير مساحتها نحو 18 كم 2 .و لا يزيد أقصي ارتفاع فيها عن المائة متر . وتشترك مع شقيقتها تيران في جميع الخصائص .

قسمت الجزيرتان مدخل خليج العقبة إلي ثلاث ممرات بحرية : الغربي و الأهم مضيق تيران بين ساحل سيناء وجزيرة تيران , ويزيد عمقة علي 290 متر , والأوسط بين جزيرتي تيران وصنافير وعمقه نحو 73 متر , والشرقي بين جزيرة صنافير واليابس السعوي .و لا يتعدي عمقه 50 مترا.

وينقسم مضيق تيران إلي ممرين يفصلهما سلسلة من الشعاب المرجانية : الممر الشرقي متاخم لجزيرة تيران ويسمي ممر جرافتون وعمقه نحو 82 متر ويستخدم لمرورو السفن القادمة من البحر الأحمر و الداخلة إلي خليج العقبة , والممر الغربي ويسمي ممر إنتربرايز, المتاخم لساحل سيناء ويزيد عمقه عن 250 متر . ويستخدم لمرو السفن القادمة من الخليج في طريقها للبحر الأحمر .

هذا هو الوضع الحالي لحركة السفن في مدخل خليج العقبة .

هذه المنطقة الساحلية الضحلة تنمو بها شعاب مرجانية فوق ما يعرف بالرصيف القاري Continental shelf , وهو جزء من اليابس السعودي غمرته مياه البحر , وينحدر سطحه انحدارا خفيفا صوب البحر , ويواصل امتداده في البحر حتي عمق 180 متر.

ومن الثابت جيولوجيا أن هذه الجزرالواقعة في مدخل خليج العقبة جزء من الكتلة الأسيوية ( السعودية ) ولم تنفصل عنها , وتزحزجت هذه الكتلة بعيدا عن الدرع العربي الافريقي ( سيناء). ولا تزال هذه الكتلة (شبه الجزيرة العربية ) وجزرها تتحرك صوب الشرق بمعدل نحو سنتمترين كل عام .
كما ان خليج عدن ازداد اتساعا ضد حركة عقرب الساعة بلغ نحو سبع درجات .

هناك دول استقرت حدودها السياسية منذ أمد بعيد وأصبحت مقبولة ومعترفا بها من جيرانها ومستقرة مثل معظم الدول الأوروبية , فتظهر خرائطها متفق عليها . وهناك دول لديها نزاعات حدودية مع أحد جيراتها مثال ذلك النزاع بين ايران ودولة الإمارات حول جزر طومب الكبري و طومب الصغري وموسي في مضيق هرمز , أو بين الهند وباكستان حول كشمير لأن كل منهما يدعي تبعيتها له . أو إدعاء الحكومة السودانية بتبعية حلايب وشلاتين لها فتظهر الخرائط منحازة لهذا الطرف أو ذاك .

وتعد الخريطة وثيقة يعتد بها في قضايا الحدود السياسية بين الدول عندما يكون هناك ترسيم قد تم بالفعل للحدود السياسية بين دولتين , بمعني الاتفاق بينها علي وصف مسار الحد السياسي علي الورق ( وصف تفصيلي ) , وتم توقيعه بدقة علي الخريطة . حينئذ تعد هذه الخريطة وثيقة رسمية . نأخذ مثالا علي ذلك : " قضية استرداد طابا لمصر" التي جرت أحداثها بعد حرب أكتوبر المجيدة 1973 في أعقاب إبرام اتفاقية السلام 1979 بين مصر واسرائيل , وبعدها تمسكت اسرائيل بطابا التي لا تتعدي مساحتها الكلية الكيلو متر المربع وكانت لاتزال تحت السيطرة الاسرائيلية , وبعد مفاوضات اتفق الطرفان مصر واسرائيل علي اللجوء للتحكيم الدولي . واعتمد الوفد المصري المكون من خبراء القانون الدولي والتاريخ والجغرافيا ( الخرائط) , اعتمادا علي اتفاقية عام 1906 التي أبرمت بين بريطانيا والدولة العثمانية لترسيم الحدود بين مصر وفلسطين والتي وضعت حدود مصر بين رفح وطابا , وفيها قدم أمين عام الجمعية الجغرافية آنذاك المرحوم الدكتور يوسف أبو الحجاج أستاذ الجغرافيا بجامعة عين شمس للمحكمة شرحا وافيا و دقيقا للأماكن والمواقع التي يمر بها الحد السياسي لمصر من رفح إلي وطابا من واقع الخرائط : وسوف أركز علي الجزء الجنوبي من هذا الحد السياسي حيث الجزء الخاص بطابا , وتحديدا نقط أرقام 90 و91 و92 الحدودية بين مصر واسرائيل , وأن الحد السياسي يقع إلي الغرب من مدينة العقبة بأربعة أميال ونصف ,و موقعه بالنسبة لشجرة الدوم, و بالنسبة لمصب وادي طابا .. إلخ من وصف دقيق لمسار الحد السياسي وهو ما تم توقيعه ( رسمه ) بدقة علي الخريطة وفقا لاتفاقية 1906 . هنا تصبح الخريطة وثيقة توضح خط سير ( مسار) الحد السياسي وفقا لاتفاقية سبق إبرامها لترسيم الحدود بين البلدين. وكانت الخريطة المستند الرسمي الموضح لخط الحدود بين مصر واسرائيل حسب الاتفاقية ., واقتنعت المحكمة بصحة الموقف المصري , وحكمت بأحقية مصر في طابا , وتم بموجبه استرداد طابا لمصر .

وهنا أنوه أن هذه الاتفاقية كانت معنية بالحدود البرية فقط , ولم يرد فيها ذكر لجزيرتي تيران وصنافير ولا غيرها , ولم تتعرض للحدود البحرية علي الإطلاق .

هنا تصبح الخريطة وثيقة توضح خط سير ( مسار) الحد السياسي وفقا لاتفاقية لترسيم الحدود بين البلدين (اتفاقية 1906).

ومن الوثائق الرسمية الخطابات المتبادلة بين مصر والسعودية التي تعد تسليما مصريا لتبعية الجزر للمملكة العربية السعودية , من أهمها خطاب من الدكتور احمد عصمت عبد المجيد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية المصري مفوضا من مجلس الوزراء بتاريخ 3/3/1990 إلي نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل ( الفقرة 1 ) نصه ما يلي : أن حكومة جمهورية مصر العربية تقر بسيادة جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية , وأن مصر قامت في الحقيقة بالوجود فيهما في عام 1950 من أجل حمايتهما وتوفير الأمن لهما , وأن ذلك قد تم بمباركة من المملكة العربية السعودية " والجزيرتان تتبعان فعلا المملكة العربية السعودية لمصر ", ويضف في الفقرة 3 من خطابه : أن جمهورية مصر العربية في ضوء الظروف المحيطة بالجزيرتين , تطلب من شقيقتها المملكة العربية السعودية أن يستمر بقاء الجزيرتين تحت الإدارة المصرية وذلك بصفة مؤقتة إلي حين استقرار الأوضاع في المنطقة ".

وبعد عمل لجان مشتركة بين مصر والمملكة امتد شهورا بشأن ترسيم الحدود البحرية للدولتين , صدر القرار الجمهوري المصري عام 1990( رقم 27 لسنة 1990 ) ونشر في الجريدة الرسمية وأودع في الأمم المتحدة في 2 مايو 1990, وفيه تم تحديد نقاط الأساس للبحر الإقليمي لمصر ( المياه الاقليمية ) في كل من البحر المتوسط والبحر الأحمر وخليج العقبة . وفيه وضعت نقاط الأساس المصرية التي تحدد نطاق المياه الإقليمية المصرية ( البحر الاقليمي ) , وبموجبها خرجت الجزيرتان ( تيران وصنافير ) من نطاق البحر الاقليمي لمصر . وذلك وفقا لقانون البحار للأمم المتحدة االذي وافقت عليه أكثر من 160 دولة من بينها مصر والسعودية الذي يحدد طريق ترسيم الحدود السياسية بين الدول .

وفي عام 2010 قامت المملكة العربية السعودية بالمثل فوضعت نقاط الأساس لبحرها الاقليمي , وأودعت القرار الملكي في الأمم المتحدة بتاريخ 5 مارس 2010 . , وتم إخطار مصر بالقرار الملكي من قبل الأمم المتحدة لأخذ رأيها , ووافقت مصر عليه , وأصبح التزاما دوليا لكلا الدولتين . وجاءت الخطوة الأخيرة في مراحل تحديد البحر الاقليمي لكل من مصر والسعودية والمنطقة الاقتصادية , وهي مرحلة تعيين الحدود البحرية للبلدين تتويجا لما سبق من خطوات في هذا السبيل باتفاقية بين البلدين تم توقيعها في 8 أبريل عام 2016 بحضور رئيس جمهورية مصر العربية وعاهل المملك العربية السعودية .

وعلي الرغم من الوثائق والإلتزامات الدولية من قبل مصر الدولة , تؤخذ بعض الخرائط كوثائق لتبعية الجزيرتين لأي من الدولتين ( مصر أو السعودية ) ولذا ينبغي تقييم هذه الخرائط من الوجهة العلمية البحتة . فالخرائط أنواع منها الخرائط التضاريسية ( توضح الارتفاعات ) , والخرائط الجيولوجية ( توزيع الصخور) , والخرائط السياسية ( توضح الحدود السياسية للدول) , والخرائط اقتصادية , و الخرائط السكانية وغيرها.

و ليس كل ما يصدر من خرائط أو ما يطبع من كتب وثيقة سليمة يعتد بها . فالمكتبات ودور النشر تزخر بعدد كبير من الخرائط أو الأطالس يقوم بإعدادها أفراد أو باحثون أوجهات أو مؤسسات علمية أو دور نشر تجارية , أو مؤسسات حكومية ( هيئة المساحة المدنية أو العسكرية أو المساحة الجيولوجية ) . ويختلف مدي الدقة والمصداقية بين هذه الخرائط إختلافا كبيرا . وقد توجد أخطاء جسيمة ( علمية أو فنية ) في بعض الخرائط .. هناك الأطالس المدرسية مثل " أطلس ابتدائي للقطر المصري " عام 1914 أو " أطلس ابتدائي للدنيا " عام 1922 أو أية أطالس جامعية محلية أو أجنبية أو ما يصدر عن هيئات تجارية , أو أطلس أعده الحاج محمد أفندي التونسي عام 1908 ! مثلا , أو كتاب أعده مدرس مساعد بدار العلوم عام 1929 , أو غير ذلك من خرائط أو كتب لا يعتد بها سواء مع أو ضد , و لا تعد وثيقة لإثبات أو نفي تبعية الجزر لدولة ما , كما ان وضع الإرتفاعات علي الجزيرتين علي غرار سيناء لا يعني بالضرورة تبعيتهما لسيناء.

مثال ذلك : صدرت لوحة رقم 6 لجنوب سيناء من هيئة المساحة المصرية سنة 1937 وفيها تم تظليل الجزيرتين بألوان تضاريس سطح الأرض ( كنتور ) مشابه لسيناء ( الطبعة الأولي ), وفي طبعتها الثانية عام 1943 صدرت الخريطة وفيها تأخذ الجزيرتان لونا مشابها للجانب السعودي و شبه جزيرة سيناء علي حد سواء . وهذا يقطع بعدم حجية الخريطتين ( الطبعة الأولي والطبعة الثانية ) كوثيقة لتبعية الجزيرتين لأي من البلدين, لأن تبعية الجزيرتين ليست موضوع الخريطة في كلا الطبعتين ( تضاريسية ).

كذلك من الخطأ مثلا أن يفهم البعض أن وجود الجزيرتين في خريطة بعنوان "خريطة سيناء" ( داخل برواز الخريطة ) أنها تتبع مصر لمجرد وجودها في الخريطة , فهناك خرائط لمصر تظهر فيها جزيرة قبرص داخل برواز الخريطة , فهل يعني هذا تبعية قبرص لمصر !!!. فالخريطة لا توجد فيها مساحات شاغرة , وإنما ترسم التفاصيل ( البيانات ) في كل أجزاء الخريطة داخل بروازها. هذه أبجديات علم الخرائط !

وبعض هذه الخرائط سواء كانت منفردة أو ضمن أطالس محلية أو أجنبية تضع تيران وصنافير بلون مصر ( تابعة لمصر ) , وفي نفس الخريطة توضع حلايب وشلاتين ضمن السودان , وكلاهما خطأ وغير صحيح . هذه الأطالس ترصد الواقع حال صدورها , بمعني رصد الأمر القائم بالفعل ( الإدارة ) بغض النظر عن سيادة الدول عليها . وفي بعض الأطالس وضع قطاع غزة ضمن مصر التي كان القطاع تحت إدارتها حتي عام 1967 , رغم أن القطاع جزء من فلسطين ( السيادة الفلسطينية ). هذا مثال صارخ يوضح الفرق بين الإدارة والسيادة . . كذلك فإن وجود أطلس في مكتبة الكونجرس , أو في أية مكتبة جامعية , لا يعني بالضرورة تبني ما ورد في الخرائط سواء كانت مع أو ضد , إذ لا يتعدي الهدف من وجودها في هذه الأماكن سوي إقتناء كل ما يصدر من أطالس أو كتب محلية أو أجنبية خدمة للمترددين عليها . وليس معني وجود الجزيرتين في خريطة عنوانها "خريطة سيناء" ( داخل برواز الخريطة ) تبعيتهما لسيناء ! . فالخرائط لغة إصطلاحية (علمية وفنية) يجيدها المتخصص ( الجغرافي وبالأخص الكرتوجرافي ) وهو القادر علي رسم الخرائط وإعدادها , و فهم معناها وتفسيرها . وإزاء هذا التناقض والخلط والأدعاء لا مفر من اللجوء إلي الخرائط الرسمية المصرية ممثلة في الأطلس القومي .

الخرائط الرسمية
تصدر معظم دول العالم أطلسا قوميا لها يضم عددا من الخرائط تغطي كل الجوانب الجغرافية للدولة ( كالتضاريس , و درجات الحرارة وكميات المطر وموارد المياه , وتوزيع السكان و المدن والقري , والانتاج الزراعي والصناعي و الثروة المعدنية , وحقول البترول والغاز الطبيعي وطرق المواصلات , وغيرها ) . و الأطلس القومي لأي دولة يمثل الخرائط الرسمية . وفي عام 1925 استضافت مصر المؤتمر الجغرافي الدولي الثاني عشر الذي افتتحه الملك أحمد فؤاد بمناسبة افتتاح المبني الحالي للجمعية الجغرافية المصرية, وأمر الملك آنذاك بإعداد أطلس قومي لمصر , و استغرق إعداده ثلاث سنوات . وصدر باللغة الإنجليزية عن مصلحة المساحة المصرية Survey of Egypt عام 1928 بعنوان: Atlas of Egypt ومكتوب علي غلافه " الحكومة المصرية " كذلك تمت كتابة " "تم إعداد هذا الأطلس بأمر من الملك أحمد فؤاد لتقديمه للاتحاد الجغرافي الدولي في كمبردج" , وطبع عليه تاج المملكة المصرية ,. ويمثل وجهة النظر الرسمية للمملكة المصرية آنذاك , .وفيه خمس لوحات تظهر فيه جزيرتا تيران وصنافير بلا لون ( اللون الأبيض ) علي غرار الجانب الشرقي من مدخل خليج العقبة ( الأراضي السعودية ), بينما تأخذ الأراضي المصرية لونا مغايرا ( اللون بيج فاتح ) وهو اللون الخاص بالأراضي المصرية. كما أن جزرا مصرية تقع في مدخل خليج السويس ( جزر شدوان وجوبال و جفتون ) تأخذ لونا مطابقا للون أرض مصر ( سيناء ), رغم أنهما أصغر مساحة من جزيرتي تيران وصنافير.

وتشير المصادر التاريخية إلي قيام عبد العزيز آل سعود بسط سلطانه علي نجد والحجاز عام 1926 , وهرب السلطان الشريف حسين الهاشمي ملك الحجاز إلي إمارة شرق الأردن التي كانت قد تأسست عام 1922 بدعم بريطاني تحت حكم ابنه الأمير عبد الله . وفي عام 1932 اعلن عبد العزيز آل سعود قيام المملكة العربية السعودية بعد ضم الحجاز اليها التي شملت جميع الأراضي الحالية للمملكة , بما فيها نحو 30 جزيرة في مدخل خايج العقبة , أكبرها تيران وصنافير .

خرائط مكتبة الكونجرس :

كشفت وثائق مكتبة الكونجرس عن وجود خريطة صادرة عام 1979 عن المخابرات المركزية والمعتمدة من الخارجية الأمريكية , وتتناول مسطح البحر الأحمر وخليج العقبة وما يشملانه من جزر , وتقطع بشكل واضح بسعودية تيران وصنافير محتلتين من اسرائيل . فضلا عن ذلك وجود خرائط سابقة مودعة في مكتبة الكونجرس أعوام 1800 و 1900 و1922 و 1947 و1955 , وجميعها تصنف تيران وصنافير جزيرتين سعوديتين ( راجع : تحقيق تفصيلي موثق في جريدة اليوم السابع يوم 8 يونيو 2017 ).
التحكم في المضيق :

يمثل مضيق تيران نقطة اختناق نموذجية لمدخل الخليج, و تستطيع مصر التحكم في حركة االعبور في هذا الممر سواء كانت تيران تخضع لمصر أو للسعودية , وكانت رأس نصراني إلي الشمال من شرم الشيخ بنحو 20 كم قاعدة للمدفعية المصرية خلال مرحلة إغلاق المضيق أمام الملاحة الإسرائيلية خاصة قبل حرب 1967 .

تكمن أهمية جزيرتي تيران وصنافير في موققعها الاستراتيجي في مدخل الخليج , لكنها لم تكن يوما قاعددة عسكرية , ولم تكن ميدانا لمعارك حربية عبر سنوات الصراع العسكري مع إسرائيل, او هدفا للقصف الإسرائيلي , و اقتصر دورها كنقطة مراقبة ومقرا لقوات دولية قليلة العدد . وذلك لطبيعتها الجبلية وسواحلها الضحلة , وإحاطتها بالشعاب المرجانية التي تحول دون رسو السفن علي سواحلها .

سيقول البعض أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أعلن في مايو 1967 إغلاق مضيق تيران أمام السفن الاسرائيلية , وقال أن مضيق تيران داخل الأراضي المصرية , هذا منطقي ليعطي لنفسه حق إغلاق المضيق دون أ تعترض السعودية , وهذ صحيح . ولكن هذا الخطاب موجه لإسرائيل , بينما يعلن مندوب مصر الدائم في مجلس الأمن السفير محمد عوض القوني في جلسة مجلس الأمن في يوم 27 مايو 1967 أن " جزيرتي تيران وصنافير تابعة للمملكة العربية السعودية و تخضع للإدارة المصرية لحمايتها من الأطماع الإسرائيلية , ثم صرح بأن مصر ليس له النية في البقاء في الجزيرتين مستقبلا . هذا التصريح في مضابط مجلس الأمن , و يمكن مراجعة وثائق وزارة الخارجية المصرية , ( وكنت شاهد عيان علي ذلك خلال دراستي للدكتوراه بانجلترا , ونطالع عن كثب ما كانت تكتبته الصحف البريطانية احتجاجا علي إغلاق المضيق وهجوما علي عبد الناصر (و كان موضوع حديث معي وتساؤل من أساتذة القسم والزملاء في جامعة نيوكاسل ) .

يثور سؤال : لماذا العجلة في تعيين الحدود البحرية لمصر وللسعودية ؟ والجواب هو : المملكة إنتهت من تعيين حدودها مع الدول المجاورة لها في الخليج العربي , وبقي لها تعيين الحدود البحرية مع مصر , ولم تتوقف السعودية عن المطالبة بالجزيرتين , وتطلب مصر منها إرجاء ذلك لحين استقرار الأوضاع في المنطقة العربية . كما أن تعيين الحدود البحرية للدولتين يسمح للك منهما بالتنقيب عن ثرواتها الطبيعية داخل بحرها الإقليمي ومياهها الاقتصادية في البحر الأحمر وخليج العقبة , علي غرار ما تم في البحر المتوسط( مع قبرص ) واكتشاف "حقل ظهر" المصري للغاز الطبيعي داخل نطاق المياه الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط .
ويبقي السؤال عن وجود الجزيرتين تحت السيطرة المصرية , بما في ذلك إقامة نقطة شرطة بجزيرة تيران تتبع قسم شرم الشيخ ( وزارة الداخلية ) , واعتبار الجزيرتية محمية طبيعية ( قرار رئيس مجلس الوزراء سنة 1983 ) ورفع العلم المصري , بل التحكم في مضيق تيران وفرض السيطرة المصرية علي حركة مرور السفن في المضيق , وغير ذلك من مظاهر ؟؟ وللإجابة علي ذلك يري خبراء القانون الدولي وأساتذته الرواد بداية من الدكتور حامد سلطان والدكتور حافظ غانم و الدكتور أحمد الشقيري ووصولا للعديد من كبار الأساتذة كالدكتور مفيد شهاب ( محامي مصر في قضية طابا ) , والدكتور صلاح فوزي استاذ القانون الدستوري والدكتور احمد فوزي أستاذ القانون الدولي الذين يرون أن كل مظاهر السيطرة علي الجزيرتين هي من أعمال الإدارة ( برضا صاحبة السيادة علي الجزيرتين وهي المملكة العربية السعودية ), ويعطون مثالا واضحا للفصل بين الإدارة و السيادة : ظل قطاع غزة تحت الإدارة المصرية منذ قيام اسرائيل حتي عام 1967 , تمثلت الإدارة في حاكم عسكري مصري للقطاع الذي يسكنه بضع ملايين من الفلسطينين , وتطبق عليه القوانين المصرية , بما في ذلك رفع العلم المصري علي دور الحكم فيه , وهو أرض فسطينية بلا منازع , ولم تفكر مصر يوما اعتباره تابعا لمصر , بينما الجزيرتان صحراوية قاحلة لا زرع فيهما ولا ماء , جبلية السطح , خالية تماما من السكان . دعونا نذكر أن حلايب وشلاتين أرض مصرية بلا جدال , رغم بسط الإدارة السودانية عليها لعقود . هذه الإدارة مهما طال أمدها لا تعطي للسودان حق السيادة عليها لكونها أرضا مصرية (تابعة للسيادة المصرية) . ولمن يطالب من المصريين بحق مصر في السيادة علي جزيرتي تيران وصنافير استنادا علي الإدارة المصرية لهما , عليه أن يعي أن هذا المبدأ يعطي السودان مبررا للمطالبة بحلايب وشلاتين !!! وهو أمر لايقره القانون الدولي , فليس لمصر حق في السيادة علي جزيرني تيران وصنافير , كما ليس للسودان حق في السيادة عي حلايب وشلاتين ( هذا ما يقرره خبراء القانون الدولي ) .
الخلاصة : أن الخرائط المتاحة لا تكفي دليلا علي تبعية الجزيرتين لمصر, ولكن مجموعة الخرائط القيمة التي أعدتها إدارة المساحة والخرائط التابعة للقوات البحرية المصرية التي توضح نقاط الأساس وخطوط الأساس , وامتداد البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية لمصر في البحرين المتوسط والأحمر وخليج العقبة والتي وضعت إعمالا للقرار الجمهوري عام 1990, وطبقا للإحداثيات الواردة فيه و المودع في الأمم المتحدة , و الذي تم وفقا لقانون البحار الصادر عن الأمم المتحدة عام 1982 هي المرجع الموثوق به في هذا الصدد , وفيها تقع جزيرتا تيران وصنافير خارج المياه الاقليمية المصرية . كما أن حسم هذه القضية يتم وفقا للمصادر التاريخية والمراسلات الرسمية ( الخارجية المصرية ) والقرارات السيادية و أحكام القانون الدولي ( لا القضاء العادي) وجميعها جاءت مؤيدة لسعودية الجزيرتين , علي الرغم من الإدارة المصرية لهما , وذلك تطبيقا لمبدأ الفصل بين السيادة والإدارة .

كتب نعوم شقير وهو سوري الجنسية في الأصل وكان يعمل في وزارة الحربية المصرية , وعين أمينا ( سكرتيرا) في اللجنة المصرية لتعيين الحدود الشرقية مع اللجنة العثمانية , وتحدث باستفاضة عن هذه الحدود في كتابه بعنوان "تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها " الذي صدر في القاهرة في عام 1916 .ويذكر شقير أن خليج العقبة الذي يحد سيناء الجنوبية من الشرق – يبلغ طوله من رأس محمد إلأي قلعة العقبة نحو مائة ميل , وعرضه من سبعة أميال إلي أربعة عشر ميلا , وفيه ثلاث جزر : جزيرة تيران" عند قاعدته تجاه رأس محمد –بينهما مضيق خرج لمرور المراكب , وجزيرة صنافير شرقيها , وكلتاهما قفر بلقع , وجزيرة فرعون علي رأس الخليج علي ثمانية أميال من مدينة العقبة بحرا , وهي جزيرة صغيرة محيطها نحو ألف متر مؤلفة من أكمتين صغيرتين بينهما فرجة ضيقة , وبينهما بر سيناء نحو 250 مترا, وهي داخلة في حدود سيناء( ص 16 ) . وأما " رأس محمد " فهو تل صغيرعلي رأس مثلث سيناء – علوه نحو 120 مترا , وعلي نحو 20 ميلا منه شمالا – رأس النصراني – وأشهر مواني هذا الخليج علي شاطيء سيناء ميناء الشرم " شرم الشيخ الحالي " بين رأس محمد ورأس النصراني علي نحو ثمانية أميال من الأول وإثني عشر ميلا من الثاني , وميناء النبك ( النبق حاليا ) علي نحو عشرين ميلا من ميناء الشرم , وهو أقرب فرضة ( أي مرفأ صغير) إلي بر الحجاز .وتجاهه في ذلك البر ميناء الشيخ حفيد – بينهما سبعة أميال أو حواليها , ينتابه الآن ( 1916) تجار الإبل والغنم وأكثرهم من عرب الحويطات المصريين , فيأتون باإبل والغنم من بر الحجاز إلي النبك ثم يخترقىن برية سيناء إلي السويس ( ص 17).

1. وفي كتابه عن " المدخل الشرقي لمصر : أهمية شبه جزيرة سيناء كطريق للمواصلات ومعبر للموجات البشرية "الذي صدر في القاهرة عام 1946 يتحدث عباس مصطغي عمار عن الطرق و الدروب في سيناء , إلا أنه لم يأت علي ذكر تيران و صنافير علي الإطلاق , بل ذكر ما اعتري حدود مصر الشرقية من محاولات عثمانية لتغييرها حتي تم الاتفاق عليها في اتفاقية 1906 التي سبقت الإشارة إليها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.