نظمت محافظة القاهرة ندوة موسعة تحت عنوان "مصر المستقبل" بالمدرسة الفنية المتقدمة بمدينة نصر لمواطني المنطقة الشرقية تحت رعاية د. عبد القوي خليفة محافظ القاهرة ، وذلك في إطار رفع الوعي بالقضايا السياسية والاقتصادية والأمن الداخلي والخارجي ونشر قيم التسامح والإخاء وقبول الآخر لدي أبناء القاهرة، وبهدف توعيتهم بالقضايا الملحة والعاجلة خاصة بعد أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير وظهور بعض المؤامرات الخارجية والداخلية لتفتيت نسيج الأمة وإشعال الفتنة بين عنصريها. وأكد د. عبد القوي خليفة أن مصر آمنة وستظل آمنة دائماً وأبدا بأولادها وبرجال القوات المسلحة والشرطة، وطالب الشباب بالعمل الجاد خلال الفترة القادمة وأن يتكاتفوا سوياً من أجل تحقيق أهداف الثورة المجيدة وأن يبتعدوا عن المطالب الفئوية التي تؤدي إلي التفتت والتشرذم، مشيراً إلي أنه تمت دعوة المتخصصين في كل المجالات حتي يستفيد جميع الحاضرين. شهد الندوة عدد من رجال الدين والفكر والثقافة والمتخصصين في الاقتصاد والسياسة والأمن القومي وعدد من رجال الإعلام والفنانين منهم الشاعر الكبير والإعلامي جمال بخيت والفنانة القديرة رجاء الجداوي ،بالإضافة إلي قيادات محافظة القاهرة ومنهم اللواء محمود الميهي نائب المحافظ للمنطقة الشرقية الذي أدار الندوة. وأكد لواء الميهي أننا نسعي من خلال الندوة إلي توخي الوسطية والابتعادعن أي قوي سياسية وحزبية في عرض القضايا التي تهم المواطنين في كافة المجالات، فنحن ننشد مصلحة الوطن، مؤكداً أنه من المهم البدء في مرحلة البناء بعد ثورة يناير التي قادها نخبة من أبناء الوطن أحفاد أبطال أكتوبر ليجلبوا لنا الكرامة والعزة مرة أخري مثلما فعل أجدادهم. من جانبه أكد الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر الشريف سابقاً أن مصر لها وضع خاص بين بلدان العالم أجمع فقد جاء ذكرها في القرآن الكريم 30 مرة سواء بالتلميح تحت اسماء أخري مثل الوادي المقدس طوي أو بالتصريح باسمها في أيات القرآن الكريم، كما أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال "استوصوا بأهل مصر خيراً فإن لهم نسباً وصهراً" موضحاً أن النسب جاء من هاجر زوجة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وهي من بلد تسمي الشيخ عبادة في محافظة المنيا، أما المصاهرة فقد جاءت من مارية القبطية التي تزوجها الرسول الكريم وانجب منها ولده إبراهيم. وأكد الشيخ عاشور أن وصايا الرسول جاءت قبل أن يدخل الإسلام مصر بما يعني أن الرسول يأمرنا بحسن معاملة أقباط مصر الذين كانوا يسكنون مصر في زمن الرسول صلي الله عليه وسلم. واشار عاشور إلي التلاحم والإتحاد الذي جمع المصريين جميعاً أثناء حرب العاشر من رمضان حرب أكتوبر المجيدة حيث اختلطت دماء المسلمين والمسيحيين فالخير والشر لا يفرقان بين مسلم ومسيحي فنحن نعيش في وطن واحد، وطالب عاشور الشباب بالوقوف للفتن بالمرصاد فمصر مستهدفة فالجميع يحقدون ويتآمرون عليها سواء في الداخل أو الخارج ، فهناك أموال تأتي من الخارج تنفق علي جمعيات ومنظمات وتساءل عاشور ما ذا يريدون منا؟ وأكد القمص بولا فؤاد كاهن الكنيسة الأرثوذكسية أنه لابد من غرس التربية السليمة في نفوس ابناءنا أي نربيهم علي احترام الآخر وقبوله علي اختلاف العقائد وهذا هو خط الدفاع الأول للقضاء علي الفتن، فالاختلاف في العقيدة لا يعني التناحر ، فلابد من الوقوف أمام من يحاول تمزيقنا، مشيراً إلي أن الحكم الإسلامي لم يشهد اي اعتداءات علي مسيحيين ولم نري أن أحداً اعتدي علي كنيسة فالقرآن الكريم يقول انه من قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً ولم يقل نفساً مسلمة، كما نص الإسلام علي أنه لا إكراه في الدين، وأن الرسول الكريم قال من آذي ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة. وأشار إلي أن الأمية خطر يهدد وحدتنا جميعاً فالجهل يولد الفتن. ومن جانبه أكد د. فرج عبد الفتاح فرج استاذ الإقتصاد بجامعة القاهرة أن هناك فرق بين تحقيق نمو وتحقيق تنمية فعلية حقيقية، فالتنمية الفعلية لا تتأتي إلا من خلال المشروعات التنموية التي تحارب الفقر، فليس معني أن يصل النمو إلي نسبة 7% أن هناك مشروعات حقيقية يتم تنفيذها فالنمو يمكن أن يكون نتيجة لزيادة الإقبال علي الخدمات السياحية الموجودة مثلاً. وأكد د. جمال سلامة استاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس أن الديمقراطية لها متطلبات لتحقيقها مثل الأمن والتوافق فلابد من وجود أمن يحقق العدالة والحرية والمساواة، وأن التنمية ترتبط ارتباطاً بالديمقراطية. وألقي الشاعر الكبير جمال بخيت ثلاث قصائد تدعو إلي الوحدة الوطنية والتسامح بين أصحاب الأديان جميعا وهي قصائد "دين أبوهم" ، و"مسحراتي" ، و"شباك النبي" والتي قابلها الحاضرون بتصفيق حاد وإعجاب منقطع النظير. وأكدت الفنانة القديرة رجاء الجداوي علي أن المطالب الفئوية هي مطالب مشروعة ومن حق المطالبين بها ولكن لابد من التأني والتحلي بالصبر وأن نعود إلي أعمالنا لتحقيق التنمية وبالتالي تحقيق كافة المطالب إذا دارت عجلة الإنتاج. وأكدت الجداوي علي أهمية أن يشعر كل مواطن بالأمن والطمأنينة في بيته وأثنت علي دور رجال الشرطة. ومن جانبه أكد اللواء عبد المنعم كاطو الخبير الاستراتيجي أن الثبات الداخلي مطلب هام للثبات الخارجي وأن مصر قوة اقليمية كبري إذا تفتتت فمن يقود مصر إذا سقطت مصر ، مشيراً إلي وجود تهديدات خارجية تسعي إلي ضرب الوحدة الوطنية والأمن والإقتصاد والتشكيك في مصداقية الإعلام وضرب القضاء والتشكيك فيه وأخيراً التشكيك في القوات المسلحة الملاذ الأخير لمصر وأمنها. واشار كاطو إلي أن الشمال الشرقي لمصر هو أخطر الإتجاهات بسبب وجود اسرائيل التي تسعي إلي فرض سيطرتها في المنطقة، كما أن إثارة مشكلات النوبة وحلايب وشلاتين تمثل تهديدات للأمن القومي لمصر، وكذلك الأحداث في الأراضي الليبية.