(يا صاحب الجلالة)، هو الكتاب الخامس للأستاذ محمد حسنين هيكل، وقد صدر عام 1963. الكتاب عبارة عن خطابات موجهة إلى صاحب الجلالة، الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود، الكتاب من القطع المتوسط، نشر ضمن 83 صفحة. الكتاب يجمع بين طياته ستة خطابات لصاحب الجلالة وهي: 1 - يا صاحب الجلالة (السبت 8 مارس 1958). 2 - مرة ثانية .. يا صاحب الجلالة (الأربعاء 12 مارس 1958). 3 - خطاب إلى صاحب الجلالة الملك سعود (الجمعة 26 يناير 1962). 4 - مرة أخرى يا صاحب الجلالة (الجمعة 2 فبراير 1962). 5 - تسلية صيام (الجمعة 9 فبراير 1962). 6 - وداعا... يا صاحب الجلالة (الجمعة 30 نوفمبر 1962). الكتاب يحتوي على ثلاثة أقسام: القسم الأول: خطابان كتبهما الأسطورة هيكل بداية عام 1958، عقب محاولة الملك رشوة السيد عبد الحميد السراج، لكي يقوم بإنقلاب على الوحدة، ويضع قنبلة في طائرة جمال عبد الناصر العائدة به من دمشق إلى القاهرة، بعد زيارته الأولى لسوريا، وكان مبلغ الرشوة مليوني جنيه إسترليني أعطاها الملك شيكات لعبد الحميد السراج، وقدمها السراج للرئيس عبد الناصر، وحولها الرئيس لحساب مشروعات التصنيع في سوريا. القسم الثاني: ثلاثة خطابات كتبهم الأسطورة هيكل بداية عام 1962، عقب محاولة أخرى قام بها الملك سعود، إذ دفع سبعة ملايين جنيه إسترليني، أشارت إليها تحقيقات رسمية جرت في سوريا بعد الإنفصال، دفعها إستطرادا مع كراهية الملك لتجربة الوحدة الأولى من اليوم الأول إلى اليوم الأخير، وكان غرض الملك هو ضرب التجربة وإيقاع الإنفصال . القسم الثالث: خطاب وحيد كتبه الأسطورة هيكل بعد ثورة اليمن ونجاحها، وبعد محاولة الملك لضربها وفشل المحاولة. مقال الأسطورة هيكل أحد خطاباته لجلالة الملك. في عام 1958، كتب الأسطورة محمد حسنين هيكل مقالاً هزّ أركان المجتمع المصري، وزلزل العالم العربي، وتوابع زلزاله كانت على مستزى العالم أجمع، حين كشف عن محاولة سعودية لإغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. سأقوم بنشر هذا المقال الخالد، في سلسلة مقالات (هيكل الأسطورة بين الصحافة والسياسة)، على ثلاث حلقات، ثم نشره ثانية في كتاب (صاحب الجلالة محمد حسنين هيكل) تخليدا لقلم صادق لم يقل إلا الحقيقة، وكان صادقا مع نفسه ومهنته ومهمته ومهنيته، فقال: "هذه الوقائع والوثائق يستحيل إنكارها، البنك الذي سحب عندك في الرياض، والبنك الذي دفع عندهم في لندن، هذه الأسرار كلها لم تعد سراً.. من هم أعضاء اللجنة التي أمر الملك سعود بتشكيلها لتحقيق المؤامرة؟. هذا القلم تمرّد على مديحك، يوم كانت الأقلام، حتى أكبر الأقلام، تتكسّر، قلماً بعد قلم، ساجدة أمام الجبروت الذى تلين أمامه كل صلابة، وتنهار تحت ضغطه كل مقاومة!. ولكن هذا القلم - يا صاحب الجلالة - على إستعداد لأن يقف معك اليوم، يوم تتلفت من حولك، فلا تجد قلماً واحداً بالقرب منك يستطيع أن يصلب عوده ويخط كلمة في الدفاع عنك. إن الأقلام التى كسرت مرة يا صاحب الجلالة تكسّرت إلى الأبد! ولكن هناك شرطاً واحداً يا صاحب الجلالة نطلبه للوقوف معك. هو: أن تكون أنت نفسك على إستعداد لأن تقف مع نفسك ! هذه مقدمة يا صاحب الجلالة كان لا بدّ منها قبل أن نستطرد إلى موضوع هذا الحديث، وموضوع هذا الحديث، يا صاحب الجلالة هو هذه المؤامرة - المفجعة - وهذا هو الوصف الوحيد لها يا صاحب الجلالة، فإن الخطورة في المؤامرة والرهبة في المؤامرة، تتلاشى كلها، جميعها، أمام الفجيعة فيها. أنت تسلّم يا صاحب الجلالة، بأن كلّ حرف أذيع من دمشق صحيح. بإسمك يا صاحب الجلالة، جرت محاولة لتحطيم أمل شعبين، إنعقد الرجاء بينهما على الوحدة. وبإسمك يا صاحب الجلالة، عرض الوسطاء، والوسطاء يا صاحب الجلالة، وإنها لمأساة تحرق وتمزّق، هم أهل بيتك وأقرب الناس إلى قلبك، عرضوا على المقدم عبد الحميد السراج مبلغ 22 مليون جنيه إسترليني حتى يقوم بإنقلاب ليلة الإستفتاء يحول دون إتمام الوحدة. وبإسمك يا صاحب الجلالة، قدمت لعبد الحميد السراج، هذا البطل الوطني الأصيل، ثلاث شيكات. أولها شيك رقم 52/85902 مسحوب من البنك العربي في الرياض بمبلغ مليون جنيه إسترليني، على بنك ميدلاند، أكبر بنوك إنجلترا التجارية وأشهرها. وثانيها شيك رقم 58/85903 مسحوب من البنك العربي في الرياض بمبلغ 700 ألف جنيه إسترليني، على بنك ميدلاند، أكبر بنوك إنجلترا التجارية وأشهرها. وثالثها شيك رقم 59/85904 مسحوب من البنك العربي في الرياض بمبلغ 200 ألف جنيه إسترليني، على بنك ميدلاندن أكبر بنوك إنجلترا التجارية وأشهرها. وكانت هذه الشيكات كلها "لحامله"، وقد أودعت هذه الشيكات كلها لحساب المقدم عبد الحميد السراج في فرع البنك العربي بدمشق. وبإسمك يا صاحب الجلالة، عرض الوسطاء، الوسطاء أنفسهم، على المقدم عبد الحميد السراج مبلغ 250 ألف جنيه إسترليني أخرى، لكي يضع شيئاً، - شيئاً متفجراً مدمراً - في الطائرة التي يسافر بها جمال عبد الناصر، أمل هذه الأمة العربية، وجنديها المخلص، وحارسها، وقائدها، وأنت أول من يعرف هذه الحقيقة يا صاحب الجلالة، رغم كل شيء قد يصوّره لك هؤلاء الذين من حولك، هؤلاء الذين تملكوا آذانك وراحوا يصبّون فيها همساتهم المسمومة!.. بإسمك - يا صاحب الجلالة - كان هذا كله. نستكمل مقالة هيكل في الحلقة القادمة إن شاء الله. مستشار بالسلك الدبلوماسي الأوروبي Diplomatic Counselor Sameh Al-Mashad