النائب تامر الشهاوى الشهير بصقر المخابرات والذى عزم شد الرحال على جواد الفروسية ضمن وفد برلماني مصري في زيارة لمقر حلف الناتو في بروكسيل جاءت كلمته الشعبوية الملقاه داخل جدران الناتو ملبية لطموحات عموم المصريين وشافية لصدورهم وكشفت النقاط المطموسة فوق الحروف الضائعة على عتبات الامبريالية العالمية. "أشكركم على دعوتكم ...استفدنا كثيرا من وجودنا معكم لكن فى الحقيقه لدى تحفظات على أداء حلف الناتو حاقولها بشكل عام وحاتكلم بلسان الشعب اللى انا نائب عنهم وخلّينا نقول ماشفناش الحلف أو الاتحاد الاوروبي فى دعم ثورة المصريين ضد الجماعه الارهابية ...الشارع المصرى وأنا منهم نرى أن حلف الناتو والأتحاد الاوروبي شريك كامل مع الولاياتالمتحدهالأمريكيه فى الأحداث التى تمر بالمنطقه ...ونعلم ان لديكم الان مشكلات مع روسياوالولاياتالمتحدهالامريكيه منذ تولى الرئيس ترامب ...اتجاهكم للتقارب مع مصر خلال الفتره الحاليه مفهوم أسبابه لدينا تماما فمصر الكبيرة، والتى تملك مقومات لا تملكها دوله اخرى فى المنطقة ...أنتم تسعون لشراكتنا ونحن لا نثق فيكم بعدما فعلتوه فى ليبيا والعراق وما ألت اليه الأمور الان.. لذا قد نسمح بشراكتكم ولكن فى حدود معينه وفق تقديراتنا نحن لان هناك العديد من التساؤلات والتدابير يجب ان تقوموا بها يجب ان نستمع الى اجابات واضحة عن علاقتكم بإسرائيل وإيران وتركيا وماذا سيكون تصرف الحلف لو تضاربت مصالح مصر مع اى شريك اخر لكم كالذى ذكرتهم ...مشاركتكم معنا مشروطة بالسياده ...فى دعمنا بتكنولوجيا المعلومات لمواجهه الحروب السيبرانيه الموجهة إلينا ومكافحة الاٍرهاب الدولى والتدريب والتنميه المحددان وليس على الوجه المطلق ومن خلال الدوله ومؤسساتها ....مصر الكبيرة تعود....أشكركم لحسن الاستماع". كلمات جاءت من رجل يُدرك مفهوم وحدود وأبعاد الأمن القومي المصري، وتُعيد للأذهان مطارق الديمقراطية الغربية التى دكت سور برلين، وحللت حلف وارسو، وفككت الكتلة الشيوعية ، وفتت جمهوريات وقسمت دول. كلمات وإن بدت دبلوماسية في وصف العلاقة الأوربية الأمريكية بعلاقات الشراكة، إلا انها نكأت جراح الأوربيين. فالقارة العجوز التي مثلت ذات يوم حضارة الغرب مع الشرق على طريق الحرير الصيني، قبل أن توقفها الإمبراطورية العثمانية، مما أجبر أوربا على الاتجاه نحو البحر، واعتمدت الأسلوب الاستعماري لِتُرسِّخ للعولمة، وبعد تسارع وتيرة تردي طريق الحرير حينما اتجه العرب للبحار، واتجهت حضارة الشرق نحو خندق من الانغلاق، لتدخل ما يُعرَف بعالم مركزية الغرب للعصور الوسطى. وصولًا لسطوع نجم أمريكا،تحولت مركزية الغرب من أوربا إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وفق أدبيات هالفورد ماكيندر للبحار، وغزت أمريكا القارة المتحاربة بمشروع مارشال، فتخلفت أوربا وتردت الأوضاع بها. هكذا يتفهم الشهاوى ونتفهم دوافعكم والتي لم تستطع استعادة مكانتها في ظل المحاولات الأمريكية لرؤية أوربا الموحدة بقيادة فرنسا والمانيا إلا ان اللاعب الغربي القريب على رقعة الآوراسيا اكتشف بمرور الوقت ان العلاقة لم تكن شراكة بل كانت تبعية هذا اللاعب للقوى العظمى الوحيدة في العالم واصبح الاتحاد الأوربي بذراعه العسكرى (الناتو) أداة اقتصادية وعسكرية بيد النخبة في واشنطن، تخترق بإتفاقيات وشراكات زائفة المجتمعات المستهدفة بشعارات الديمقراطية الليبرالية واقتصادات السوق الحر وفق أدبيات فوكوياما، لتركيع الدول وبسط الهيمنة على أوراسيا الوسطى. بنهاية المطاف لم تتمكن أوربا من مواجهة الأزمة العالمية الاقتصادية التي خلفتها بارونات المال في الوول ستريت، وسددت فاتورة الرضوخ لأوامر أمريكا بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو نتيجة الأزمة الأوكرانية التي مزقت الجسد الأوربي ولم تحقق الاستراتيجية الأوربية لإبعاد روسيا، بل أدت إلى مراحل متدهورة من الركود الاقتصادي ما دفع المفوضية الأوربية مؤخرًا تنفيذ خطة يونكر الإستثمارية بضخ 35 مليار يورو لرفع التنافسة الاقتصادية لأوربا أمام أوربا فرصة عظيمة عبر الحزام الاقتصادي وطريق الحرير الذى أعلن عنه الرئيس الصيني من الآستانا لتعزيز التعاون الأورآسيوي ودمج الإستثمارات الأوربية بآسيا. فالسوق الآورآسيوي بديلًا حقيقيًا عن فكرة شجرة السوق الأوربية المشتركة التي لم تسقط ثمارها حتى اليوم، كما أن فتح الطريق الاقليمي من المحيط الهادىء إلى بحر البلطيق عبر الحزام والطريق، يمكن ان يؤمن تواجد استراتيجي لأوربا في منطقة آسيا الباسيفيكية التي تسعى الهيمنة الأمريكية حرمان أوربا من امتيازاتها. أما التواجد الروسي بين جنبات هذا السوق بانضمامها للتكتلات الاقتصادية والأمنية الآسيوية متعددة الأطراف يمكن ان يحقق التوازن بين القضايا الآمنية والتنموية ويحقق التقارب السلمي بين روسيا والاتحاد الآوربي متجاوزً العقدة التاريخية لحصار برلين. اتت مطارق الشهاوى على أدبيات الشراكة المصرية غير واضحة المعالم مع الناتو، لتضع خط فاصل بين تدخلات المؤسسات الدولية التي دخلت عبر العولمة في توئمة مع السوق الحر لتصبح شريكة مع الحكومة المصرية في صناعة القرار، وبين السيادة المصرية التي ترسم مسارات هذه الشراكة خلال مؤسساتها الشرعية من دون عبور الفناء الخلفي حيث منظمات المجتمع المدنى. وأن هناك من التدابير الملزمة يجب ان يتخذها الناتو لإستعادة ثقة المصريين، وحتما لن يقبلوا برؤية مقر السفارة البلجيكية بالقاهرة وقد تحول إلى معمل جديد لتفريخ امبراطورية الفوضى للمتسكعين. الرسالة واضحة أنتم تسعون للخروج من الهيمنة الأمريكية واستعادة شباب قارتكم كمركز عالمي للحضارة الغربية ونحن نسعى لدمج حضارتنا بكم عبر أُطر فضاء اقتصادي-أمني يحقق المصالح والمنفعة المتبادلة كشركاء في التنمية الاقتصادية ومواجهة الإرهاب العالمي والحروب الإلكترونية وليس كتابع ذليل كالنموذج الأوربي مع الولاياتالمتحدة. - كاتب جيوسياسي