انطلاق الدورة السادسة لأهم مهرجان سينمائي تكريم «سيساكو» ونصر الله».. وورشة «جريما» الحدث الأبرز لا يوجد شارع أو ميدان كائن فى دول القارة الأفريقية لا يحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، لا بل إن سيدات أفريقيات كُثر أطلقن اسم «جمال»، على أبنائهن تيمنًا بالزعيم الذى كان يعشق أفريقيا ويرى أنها الإمداد الحقيقى والعمق الاستراتيجى الطبيعى لبلاده. وكان عبد الناصر حريصًا على التواصل الثقافى مع الدول الأفريقية، وأسهمت الأفلام المصرية فى صنع حالة من التناغم مع أبناء القارة، وأدت إلى انتشار اللهجة المصرية، فى دولها ما أدى لتمتع مصر بنفوذ هائل بين الأفارقة، عن طريق قوتها الناعمة، وأفلامها ومسلسلاتها ومسرحياتها والمواد الثقافية السرية. واليوم تحاول الثقافة المصرية أن تسترد موقعها فى القارة الأم الذى افتقدته طوال 30 عامًا، من خلال مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذى انطلقت دورته السادسة يوم الخميس الماضي، بالمدينة التى تم اختيارها هذا العام عاصمة للثقافة العربية، وكرم المهرجان فى حفل الافتتاح المخرج الموريتانى العالمى عبد الرحمن سيساكو الحاصل على جائزة سيزار، والذى شارك فيلمه «تمبكتو» فى منافسات الأوسكار من قبل، ويتناول حياة أسرة إفريقية، تسكن المدينة التى تقع فى مالى ويعيش سكانها فى سلام وأمان، لكن يأتى من يسرق مخطوطاتها وينهب آثارها ويدمر الحياة بتفاصيلها، ويعذب سكانها. كما كرم المهرجان المخرج المصرى الكبير يسرى نصر الله والفنان المغربى محمد مفتاح وعرض فى الافتتاح الفيلم المغربى «ضربة فى الرأس» للمخرج هشام العسرى الذى شارك فى مهرجان برلين السينمائى الدولى فى دورته ال67، بحضور أبطاله ومخرجه، خاصة أن المملكة المغربية والسينما المغربية هى ضيف شرف الدورة، بحضور 20 سينمائيا مغربيًا وسيعرض مجموعة من الأفلام التى حصلت على جوائز بالمهرجان. فيما يتم تكريم النجمة نيللى كريم فى حفل الختام الذى يقام بعد غد الاربعاء وهو نفس اليوم الذى سيشهد تكريم النجم الهندى أميتاب باتشان وأسماء الفنانات الراحلات تحية كاريوكا من مصر، التى خصص لها المهرجان معرضا يضم أهم صورها وأفلامها، وأيضا يكرم المهرجان المخرجة السينمائية التونسية الراحلة كلثوم برناز. وينظم المهرجان «ملتقى المخرجين المصريين» الذى سيشارك فيه المخرجون خالد يوسف وداوود عبد السيد وكريم حنفى وأمير رمسيس وسعد هنداوى وشريف مندور وخالد الحجر لمناقشة مشاكل الصناعة فى مصر، وتم الاتفاق على رفع تقرير بمحتوى النقاش لمجلس النواب للتدخل لإنقاذ الصناعة، وأقيم على هامش المهرجان عدد من الندوات اهمها ندوة عن الفنان الراحل محمود عبد العزيز الذى تسمى الدورة باسمه، بحضور نجله المنتج محمد محمود عبد العزيز، والفنانون لبلبة ومحمود حميدة ومنة شلبى وسمير صبرى، وسيدير الندوة الناقد طارق الشناوي. أما عن الأفلام المصرية المشاركة، فقد شارك فى المسابقة الرسمية فيلم «مولانا» للنجم عمرو سعد الذى حضر عرض الفيلم مع المخرج مجدى أحمد على ومؤلف الرواية وكاتب الحوار الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، ومع الأسف تعرضت نسخة الفيلم للتلف بسبب مشاكل تقنية فى آلات عرض المهرجان، ما تسبب فى إحداث حالة من الغضب لدى صناع الفيلم وجمهور المهرجان. ولعل الحدث الابرز فى المهرجان، كان وصول المخرج الإثيوبى العالمى هايلى جريما الذى داعب الحضور فى حفل الافتتاح ووصف المسئولين عنه «رئيسه السيناريست سيد فؤاد ومديرته عزة الحسيني» بأنهما مجانين. وأوضح سبب هذا الوصف، قائلا: «كل عام أعتقد أن هذا المهرجان لن يتم، لكنهما يصران على تقديمه، وهو ما يجعلنى اعتبر حدوثه فى إفريقيا معجزة». ويعقد «جريما» ورشته الفنية التى اعتاد تنظيمها على هامش المهرجان واختار المخرج الكبير 20 شابًا وفتاة للمشاركة فى الورشة، فجريما له مدرسته الخاصة فى الإخراج وله تلاميذ فى كل الدول الأفريقية ويتزايدون عامًا بعد عام نتيجة السمعة التى تحظى بها ورشته السينمائية فى كل الدول العربية والافريقية. يذكر أن هايلى جريما تم تكريمه فى الدورة الأولى من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية وتولى مسئولية ورشة سينمائية استطاع من خلالها أن يصنع جيلًا من السينمائيين الأفارقة خرجوا من تحت عباءته وأصبحوا تلاميذه فى كل الدول الأفريقية، وخلال أقل من أسبوعين كل عام يمنح جريما طلبة ورشته خلاصة خبرته ليخرج الطلبة مشاريع برؤيتهم السينمائية بإمكانات بدائية يعتمدون فيها على خيالهم وعلى ما يتوفر لديهم من إمكانات فى الأقصر وبعدها تخرج أفلامهم، والحق أن بعضها يستحق عن جدارة المشاركة فى مهرجانات سينمائية. وهايلى جريما عاشق لمصر وتاريخها وحضارتها وكان ضيفًا فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته قبل الماضية. وحصد تلامذة «جريما» من رواد ورشة مهرجان الأقصر عددا من الجوائز فى المهرجانات العالمية مثل كان وبرلين وفينسيا، وانطلقوا بعدها فى المهرجانات السينمائية يحصدون الجوائز والتكريمات، فورشة هايلى جريما ورشة عملية تعطى للمواهب السينمائية والشباب الأفريقى خلاصة خبرة ذلك المبدع من خلال تدريب المشاركين على تطوير مشاريعهم وإعدادها للتصوير ثم القيام بعمليات المونتاج والمكساج والإعداد الموسيقى والصوتى والانتهاء من التترات والترجمة وغير ذلك من تجهيزات الأفلام وفكرة عرض كل الأفلام المنتجة خلال الورشة فى حفل الختام.