عددها وزير الدفاع بحضور كبار القادة.. والخريجون يهتفون: «إيمان.. عزم.. فداء» جلست أسرة الرقيب شهيد، نجاح حامد حسانين مكرم الله، فى منصة الاحتفال الرئيسية بتخريج الدفعة «154 متطوعين» من معهد ضباط الصف المعلمين بالقوات المسلحة.. راحت تتابع القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، بعدما انتقل )ومعه رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق محمود حجازى، وقادة الأسلحة الرئيسية، وكبار القيادات، ووزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار( للاحتفاء بشهيدها، وتخليد اسمه للأبد. رسالة القيادة العامة للقوات المسلحة )بحسب أسرة نجاح مكرم الله( لم تكن موجهة لذوى الشهيد، عبر إطلاق اسمه على الدفعة الجديدة من ضباط الصف، بل كانت على حد وصفهم «تأكيدا عمليا على أن القوات المسلحة لا تنسى أبدا شهداءها، ممن قضوا نحبهم دفاعا عن مصر وشعبها». لبى الرقيب شهيد «نجاح مكرم الله» نداء ربه فى التاسع من أكتوبر عام 1973، بعد دور بطولى بارز فى صد إحدى الهجمات الإسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة.. اختار له القدر أن يختتم حياته العسكرية بعمل بطولى، بعدما التحق فى سن ال18 عامًا بالقوات المسلحة «تحديدًا سلاح المشاة» لأداء الخدمة العسكرية، مطلع عام 1967، غير أن حدوث نكسة 1967 أثناء خدمته العسكرية، جعلته يستمر فيها حتى مطلع عام 1971. كانت أسرته تتذكر هذه التفاصيل، وهى تتابع وقائع تخريج الدفعة 154 من ضباط الصف، سواء خلال العروض الاحترافية التى قدمها شباب مقاتل فى نفس عمر نجلها الشهيد، أو من خلال العرض العسكرى، الذى تقدمه قائد الطابور وحملة الأعلام العسكرية، وخلفهم مجموعة «القوات البحرية.. القوات الجوية.. قوات الدفاع الجوي.. قوات حرس الحدود.. المدرعات.. المركبات.. أعمال الحواسب.. السكرتارية العسكرية.. الشئون المالية، والكتبة العسكريين.. التعيينات.. التدريب المهني...». اصطفاف تعلقت الأنظار بالاصطفاف المبهر للخريجين الجدد، وهم يرددون نشيد القوات المسلحة: «رسمنا على القلب وجه الوطنْ، نخيلًا ونيلًا وشعبًا أصيلًا.. وصناك يا مصر طول الزمنْ، ليبقى شبابك جيلًا فجيلا.. على كل أرض تركنا علامة، قلاعا من النور تحمى الكرامةْ.. عروبتنا تفتديك القلوب، ويحميك بالدمْ جيشُ الكنانة.. وتنساب يا نيل حرًا طليقًا، لتحكى ضفافك معنى النضالْ.. وتبقى مدى الدهر حصنًا عريقًا، بصدق القلوبِ وعزم الرجالْ.. يدُ الله يا مصر ترعى سماكِ، وفِى ساحة الحق يعلو نداكِ.. ومادام جيشك يحمى حماكِ، ستمضى إلى النصر دومًا خطاكِ.. سلامٌ عليكِ إذا ما دعانا، رسولُ الجهادِ ليوم الفداءْ.. وسالتْ مع النيل ِيومًا دمانا، لنبنى لمصر العلا والرخاءْ» وهتاف: «إيمان.. عزم.. فداء». عادت أسرة الشهيد «نجاح مكرم الله» بالذاكرة لبداياته الأولى، تحديدا تاريخ ميلاده فى 5 ديسمبر عام 1946 بقرية التمساحية، مركز القوصية، التابع لمحافظة أسيوط.. لم يتوقفوا كثيرا عند حياته التى سبقت أداءه الخدمة العسكرية، لاسيما أنه لم يلتحق بالتعليم، لكن بعد إنهاء الخدمة العسكرية عام 1971، تغيرت حياته، حيث بادر بالزواج من ابنة عمه، بعدما عمل موظفا بوزارة الأوقاف، وخلال العامين اللذين قضاهما مع أسرته الجديدة أنجب نجليه «حمدي» و»عاطف»، قبل أن يتم استدعاؤه مجددا لصفوف القوات المسلحة عام 1973. مهارات عند هذا الحد من الذكريات، بدأ أفراد الدفعة 154 من ضباط الصف المعلمين، فقرة عرض مهارات القتال المتلاحم والدفاع عن النفس.. قدموا خلالها مجموعة من التمارين والأنشطة الرياضية المبتكرة التى يتم التدريب عليها يوميًا داخل المعهد لرفع اللياقة البدنية والمهارات، التى تؤهلهم لتنفيذ مختلف المهام القتالية. كشف الخريجون الجدد عما تلقوه من مهارات قتالية، عبر تنفيذ عروض لمهارات الاشتباك والدفاع عن النفس–تمارين أساسية ومتقدمة فى الكونغ فو، والكاراتية- استعرض الطلبة مهاراتهم فى اجتياز وعبور الموانع الثابتة والمتحركة متدرجة الصعوبة، والصعود والنزول من الارتفاعات المختلفة.. استعرضوا بحرفية ومهارة فنون القتال المتلاحم، والسيطرة على الخصم باستخدام العصا والسيف والمونشاكو.. قدموا مجموعة من الاشتباكات والحركات الهجومية والدفاعية التى يستخدمها الفرد المقاتل للتعامل مع أكثر من خصم فى توقيت واحد. أظهر الخريجون الجدد مدى الجرأة والإقدام والروح الهجومية التى تؤهلهم لتنفيذ كافة المهام تحت مختلف الظروف، تماما، كالبطل الشهيد «نجاح مكرم الله» الذى عاد مسرعا لصفوف القوات المسلحة، بعد استدعائه فى يوليو عام 1973، دون أن يتمسك بالبقاء إلى جوار زوجته الجديدة، أو نجليه حديثى الولادة.. كان عقله وقلبه معلقا بمعركة الحسم، واسترداد كل سيناء من قبضة العدو الإسرائيلى. انضم الشهيد )بحسب رواية أسرته( لزملائه المقاتلين.. بدأت الحرب فى موعدها المعروف، وتواصلت النجاحات الميدانية لقوات الجيش المصرى، وسط انتكاسة واضحة من القوات الإسرائيلية )قتلا، وجرحا، وفرارًا إلى عمق سيناء باتجاه خط الحدود الدولية(، قبل أن تتوقف عقارب الساعة عند يوم التاسع من أكتوبر 1973.. آنذاك، قام الرقيب «نجاح مكرم الله» ضمن مجموعته القتالية المصرية بصد هجمات مضادة للعدو على رأس كوبرى الفرقة الثانية، لاستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه الضفة الشرقية لقناة السويس، غير أن الخسائر الكبيرة التى أحدثتها القوات المصرية فى صفوف الإسرائيليين، دفعتهم لتوجيه نيران مدفعيتهم بشكل مكثف للتغطية على انسحابهم.. هنا، سقط البطل «نجاح مكرم الله» شهيدًا، مع عدد من زملائه. رسائل لذا، كان الفريق أول صدقى صبحى، حريصا «أثناء تخريج دفعة الضباط المتخصصين» على التأكيد الواضح بأن «التاريخ العسكرى يذكر بكل الفخر والاعتزاز لأبنائه من ضباط الصف المعلمين دورهم فى خدمة الوطن، وتواصل دورهم فى تحمل المسئولية وتنفيذ كافة المهام الموكلة إليهم للحفاظ على أمن الوطن واستقراره، فى كل المراحل الدقيقة من تاريخ مصر الحديث».. نبه إلى أن «ضباط الصف المعلمين يمثلون إحدى الركائز الفاعلة فى منظومة الكفاءة القتالية للقوات المسلحة بما يملكونه من خبرات مدنية وعسكرية تؤهلهم لأداء دورهم الحيوى فى خدمة الوطن وقواته المسلحة». وفيما نقل تحية وتهنئة الرئيس عبد الفتاح السيسى )القائد الأعلى للقوات المسلحة( للخريجين الجدد وأسرهم على الجهد الذى بذلوه طوال مدة دراستهم بالمعهد، وانضمامهم بعد التخرج إلى صفوف القوات المسلحة، مشددًا على «حرص القوات المسلحة على توفير كافة الإمكانات فى بناء الأجيال الجديدة القادرة على حماية الوطن والدفاع عن أمنه واستقرار شعبه العظيم». أشار إلى أن «شباب الوطن هم عدته وعتاده والركيزة الأساسية لبناء الوطن واستقراره، وأن رجال القوات المسلحة يؤكدون كل يوم أنهم الدرع الواقية لمصر والحصن المنيع للشعب، وستظل دائمًا قوية وقادرة على الوفاء بمهامها ومسئولياتها الوطنية التى حملها الشعب لها»، موضحا أن «خريجى الدفعة الجديدة يمثلون جيلًا جديدًا من خيرة شباب الوطن يزيد من قوة القوات المسلحة ويدعم أداءها باعتبارهم طاقات بشرية ثرية بالولاء لمصر أرضًا وشعبًا وتاريخًا»، وأن «الكليات والمعاهد العسكرية قلاع لبناء الإنسان القادر على البذل والعطاء». وطالب الخريجين بأن يكونوا «قدوة لشباب مصر فى الانضباط والعمل الجاد والاهتمام بالعلم والمعرفة، كون انتمائهم للعسكرية المصرية العريقة شرفًا يحملونه على أعناقهم ومبعثًا لاعتزازهم بأنفسهم لأنهم سيصبحون حماة الوطن والسند القوى لشعبه العظيم». وفى رسالة بالغة الوضوح، قال القائد العام: «إن القوات المسلحة ماضية بكل عزم على التطوير والتحديث لإمكاناتها وقدراتها لتظل لها القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات التى تواجه مسيرة الوطن والتصدى للإرهاب الأسود الذى يسعى لعرقلة مسيرة الوطن بالتعاون مع رجال الشرطة المدنية وأهالى سيناء الشرفاء لتجفيف منابع الإرهاب واجتثاثه من جذوره». تاريخ ويعد معهد ضباط الصف المعلمين أحد أهم المؤسسات التعليمية داخل القوات المسلحة، منذ إنشائه فى نوفمبر 1954 قبل تطويره وافتتاحه فى ديسمبر 2013، على مساحة 600 فدان، وتضمنت أعمال التطوير إقامة العديد من المنشآت التعليمية والإدارية والرياضية والترفيهية، شملت الأجنحة التعليمية والقاعات الدراسية المجهزة بأحدث التطبيقات التكنولوجية ونظم المعلومات والمقلدات والوسائل التعليمية، وإنشاء معمل متكامل للغات والحواسب الآلية، ومكتبة علمية وثقافية تضم كافة فروع العلم والمعرفة. ويختص المعهد بتخرج الآلاف من ضباط الصف، الذين يوزعون على كثير من التخصصات المختلفة، عبر المتطوعين الذين ينخرطون فى الخدمة العسكرية، ممن تتوافر فيهم شروط التطوع )أن يكون مصرى الجنسية ومن أبوين يتمتعان بهذه الجنسية عن غير طريق التجنس.. حسن السير والسلوك.. اللياقة الطبية.. ألا يقل سن المتطوع عن 15 عاما ولا يزيد عن 25 عاما عند الالتحاق، ويشترط موافقة ولى الأمر فى حالة عدم بلوغ سن ال18عاما.. ألا يكون متزوجًا أو سبق له الزواج ولا يسمح له بالزواج إلا بعد انتهاء مدة تدريبه بنجاح.. اجتياز اختبار اللياقة البدنية، والاختبارات الثقافية والنفسية والمهنية، واختبار كشف الهيئة الذى يجرى بواسطة الجهات المختصة بالقوات المسلحة، طبقًا للمستويات المقررة.. موافقة إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع...(. وتتعدد مزايا التطوع بالقوات المسلحة )اجتماعيا، عبر الترقى إلى الدرجات والرتب المختلفة طبقًا للتعليمات المنظمة.. العلاج المجانى الكامل للمتطوعين وأسرهم بالمستشفيات العسكرية طبقًا للتعليمات العلاجية.. الاستفادة من السلع التى يوفرها جهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة.. الاشتراك الأسرى فى نوادى ضباط الصف.. تقديم المساعدات والقروض بشروط ميسرة عبر مؤسسة صندوق الجلاء للقوات المسلحة.. يصرف المتطوع أثناء الدراسة مكافأة شهرية، يمنح المتطوع مكافأة مالية تعادل الراتب الأصلى والتعويضات عن سنة سابقة بعد انتهاء فترة التدريب، بعد التصديق على التطوع للمرة الأولى وعند التجديد للمرة الثانية.. يحصل بعد التخرج على مرتب شهرى طبقًا للقوانين والقرارات والتعليمات المنظمة.. يستفيد المتطوع من قانون التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة.. يحصل على مكافأة تقدير عند نهاية الخدمة للإحالة للتقاعد لبلوغ السن القانونية، أو لعدم اللياقة الطبية، أو فى حالة الاستشهاد أو الوفاة طبقًا لما هو مقرر(. وتحدد مدة التطوع بخمس سنوات من تاريخ صرف الراتب العالى لجميع الفئات قابلة للتجديد، ما لم تنته خدمته قبل ذلك لأحد الأسباب المقررة قانونًا، ويتم تجديد الخدمة للمتطوعين، كل خمس سنوات اعتبارًا من اليوم التالى لانتهاء مدة التطوع أو التجديد السابقة طبقًا لشروط محددة )الموافقة الكتابية على تجديد التطوع.. الترشيح من قائده المباشر بتجديد تطوعه.. اللياقة الطبية للاستمرار فى الخدمة.. أن تسمح درجات ذوى الراتب العالى المدرجة فى ميزانية القوات المسلحة بتجديد تطوعه.. أن يقوم المتطوع بعد التجديد بالعمل الذى صودق على تجديد تطوعه من أجله.. ألا يقل متوسط آخر ثلاثة تقارير كفاءة عن جيد.. ألا يرتكب موانع التجديد(. ويعفى من تجديد التطوع «كل من أتم خمسة عشر عامًا خدمة فعلية من تاريخ صرف الراتب العالى، حيث يستمر فى الخدمة إلى أن يبلغ سن الإحالة للتقاعد، ما لم تنته خدمته قبل ذلك لأحد الأسباب المقررة قانونًا»، أما موانع تجديد التطوع فتشمل «ارتكاب كل أو بعض الجرائم التالية عشر مرات خلال مدة التطوع الأولى، أو ثمانى مرات خلال مدة التطوع: عدم إطاعة الأوامر.. جرائم مخالفة واجبات الخدمة والحراسة.. سوء استخدام المعدة، أو الإهمال فى صيانتها.. التكلم بكلام غير لائق مع الرتبة الأعلى.. إفقاده إهمالًا مهمات أو ملبوسات أميرية.. الغياب لمدة تزيد عن خمسة أيام.. المحاكمات العسكرية- المدنية التى تنتهى بالإدانة على أى جريمة وعوقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ستة أشهر، حتى لو حصل على رد اعتباره.. توقيع عقوبات انضباطية شديدة يتجاوز عددها أكثر من ضعف عدد سنوات الخدمة عند التجديد». ............................ نقلا عن "الأسبوع" الورقى