هناك مقولة قديمة مفادها أن «الكتاب الجيد هو ما يزيد من اقتناعك بما تعرف سلفاً»، وشىء من هذا يحدث فى السياسة، فالعدو والصديق معروفان، ولذا فإن معلوماتى عما يقترفه العدو من أفعال لن تفاجئنى إذا ما زادت تارةً أو خبت جذوتها تارةً أخرى.. هذا إذا ارتبط الأمر بعداء دولة لأخرى، ولكن الأمر يزداد سوءاً إذا تخطاه إلى تهديد دولة ما للسلم فى منطقتنا بل والعالم. ما سبق ينطبق على» تركيا الأردوغانية» التى تدعيّ الآن أنها تحارب «داعش» وهى أكبر رعاته وحاضنيه وبالأدلة الموثقة، ولذا لم يكن غريباً على مسامعنا ما كشفت عنه مؤخراً ميليشيات الأكراد التى سيطرت على مدينة منبج شمالى سوريا بعد طرد عناصر «داعش» منها، إذ عثرت على العديد من الوثائق والصور التى تؤكد علاقات تركيا مع «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية فى سوريا. وتظهر الوثائق المنشورة قيام أجهزة تركية بتسهيل عبور مقاتلين أجانب إلى سوريا للانضمام إلى داعش وغيرها، وكذلك تسهيل نقل العتاد والمعدات للتنظيم الإرهابى سواء من تركيا أو عبرها!!، فضلاً عن وثائق سفر لمقاتلين من كافة أنحاء العالم لا سيما من جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق ومن صربيا والبوسنة، إضافةَ إلى مقاتلين عرب خصوصاً المصريين حيث تأوى تركيا المئات - وربما الآلاف- من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية الفاريّن!!. كما تظهر الوثائق أعداداً كبيرة من الصور لمقاتلين أجانب وهم يتجولون فى إسطنبول ثم صورهم فى سوريا، وهو ما يثبت حقيقة دخول أغلب المقاتلين الأجانب إلى سوريا وكذلك العراق عبر تركيا وتحت أعين سلطاتها المعنية!. ولإنعاش ذاكرتنا قليلاً، علينا تذكر ما كشفته صحيفة «الجارديان» البريطانية منذ عام من أن «داعش» يحصل شهرياً على 40 مليون دولار من عائدات النفط الذى يبيعه إلى تركيا، وهو ما يعنى أن «تركيا الأردوغانية» تدعم التنظيم بتجاهلها لصادراته من النفط! وفى السياق ذاته، كان الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» قد أكد خلال أحد المؤتمرات الصحفية -إبان تأزم علاقته مع أردوغان- أن «الإرهابيين فى سوريا يهربون النفط إلى تركيا ليل نهار، وأن قافلات داعش النفطية تعمل كأنبوب لضخ النفط إلى تركيا وتمثل تجارة غير مشروعة، ويجب على تركيا وقف شراء النفط من داعش».!! ويبدو أن العملية العسكرية التركية الأخيرة فى الشمال السورى لا تستهدف فقط ضرب الأكراد، ولكنها تخفف الضغط على حلفائها «الدواعش» حتى وإن ادعّت أنها تحاربهم!!.