ناقشني بعض الأصدقاء حول مقالي السابق «طعم رمضان» وقال بعضهم انني اتحدث عن رمضان زمان وليس الآن لكنني اكدت لهم ان رمضان الحواري الفقيرة مازال يحمل طعم البساطة ورائحة المحبة, ولا يزال حتي الآن يحتفظ بروحه الاحتفالية العريقة, وسهراته المتألقه, والذين يدعون أن المظاهر الرمضانية اختفت, لا يعرفون شيئا عن مجتمعهم, لأنهم انفصلوا عنه وسكنوا في الأحياء الراقية, فمازال الأطفال في الأحياء الشعبية كلما هل عليهم رمضان يجمعون قروشهم القليلة ويدورون علي البيوت يجمعون من الأهل والجيران «ثمن تعاليق رمضان» ويجلسون بالساعات ليبتكروا أشكالا رائعة «ل زينة رمضان» فيصنعون من الورق «السيلوفان» فوانيس رائعة وتعاليق ملونة جميلة.. ليس هذا وحسب بل إن أطفال الأحياء الشعبية مازالوا يجوبون الازقة والدروب بفوانيسهم يغنون للشهر الكريم, ومن لا يصدق فعليه أن يتوجه إلي بولاق الدكرور وامبابة و الخضيري وطولون, والحنفي وسوق الأحد وحارة رابعة.. ليشاهد بنفسه كيف تكون حالة الحواري الضيقة المظلمة في رمضان..إنها تتحول إلي أماكن نظيفة مضاءة بأضواء ملونة أخاذة, مزدانة بالفوانيس الورقية والتعاليق الملونة.. مما يؤكد أن هذا الشعب الأصيل, شعب متحضر وراق. ولو اهتمت به الدولة أو أحس باهتمامها الحقيقي سيفعل المستحيل. وبدلا من أن تشجع الدولة هذه الظاهرة الاحتفالية التلقائية, تطلق» موظفي الكهرباء» لتحرير محاضر وغرامات من أهل المحروسة لأن أهالي هذه الحارات لم يحصلوا علي» تراخيص» بالتعاليق الكهربائية فيضطر البسطاء من سكان حواري القاهرة والجيزة أن يجمعوا فيما بينهم قيمة «الإكرامية» لهؤلاء الموظفين.. حتي لا يحرروا هذه المحاضر.. مؤكدين فيما بينهم أن رمضان الكريم لابد أن يعم» كرمه «علي الجميع!!! ولكن رغم هذه المنغصات .. يمرح الأطفال بفوانيسهم, وينشدون اناشيد رمضان التقليدية خاصة بعد ان عاد الفانوس البلدي لعرشه الذي كان قد فقده باجتياح الفوانيس الصيني وتحرك نسمات الليل التعاليق الرمضانية الساحرة, فتلقي علي ارضهم الفقيرة ظلالا رائعة الجمال ويطوف المسحراتي بين الأزقة والدروب يسحر الناس علي إيقاع طبلته التقليدية.. فيتجمع حوله الأطفال ليذكر اسماءهم في تسحيرته.. فيامثقفينا انزلوا الي الحواري لتقابلوا رمضان الحقيقي و«رمضان.. كريم».