كان قرار الصحفية البارعة فاطمة هانم اليوسف، صائبا بل شديد الصواب، حين ضمت الصحفى الموهوب، والكاتب المبدع، إلى مجلتها، ليصبح هيكل صحفيا ماهرا، ثابتا، قويا، لامعا، فى عام 1944 بمجلة «روز اليوسف»، ومن خلال المجلة تعرف على )محمد التابعى(، فانتقل معه إلى «آخر ساعة». قدم هيكل أبرع فنونه الصحفية، تحت إدارة التوأم مصطفى وعلى أمين. وفى 13 أغسطس 1947 كتب الأسطورة الصحفية هيكل، ما جعله حديث الصحافة العربية، وكذلك حديث الشارع المصرى، فقدم تقارير صحفية، موثقة بالصورة، غاية فى الدقة والأهمية، عن «خط الصعيد»، فكان عاما مليئا بالأحداث، والحوادث، ولم ينته عام 1947 حتى قام هذا الصحفى النابغة، باختراق وباء الكوليرا، فكتب تحقيقًا مميزا، وفائزا عن قرية «القرين» تحديدا، التى كان يخاف منها الصحفيون، ويبتعد عنها المراسلون، وينفر منها المحررون، ومن أجل هذه الجرأة، وهذه المهنية، وهذه الشجاعة، وهذا الإبداع، فكان بديهيا أن يحصل الصحفى الشاب، محمد حسنين هيكل عن جدارة، وعن براعة، على «جائزة فاروق»، وكانت جائزة فاروق فى هذا التوقيت، هى أقوى، وأبدع، وأرفع الجوائز الصحفية بمصر، وبالتالى فى الوطن العربي. ويأتى دور جريدة «أخبار اليوم» التى لم تخل من البصمة الهيكلية، حيث عمل هيكل بجريدة «أخبار اليوم» مع التوأم الصحفى الكبير، «على ومصطفى أمين» فحظيت بالانفرادات الهيكلية الخطيرة، التى كانت لها بالغ الأثر، والبصمة التى لا تمحى من تاريخ أخبار اليوم، فثقلت لها ميزانها، من التغطيات الخاصة بحرب فلسطين، مرورا بالانقلابات السورية، وتفصيلات ثورة محمد مصدق فى إيران، وكذلك صراع الويسكى والحبرة فى تركيا، إلى اغتيال الملك عبد الله فى القدس، وحتى اغتيال حسنى الزعيم فى دمشق، واغتيال رياض الصلح فى عمان. وكانت مفاجأة «آخر ساعة» المفاجأة التى أذهلت الجميع، وأدهشت الصحفيين قبل القراء، والمتابعين قبل المحررين، فكان عدد مجلة «آخر ساعة» 18 يونيو 1952، فوجئ الجميع بالكاتب الصحفى الكبير، على أمين، رئيس تحرير آخر ساعة، يختص مقالته التى كان يتهافت عليها القراء، بالحديث عن هيكل بعينه، وإنجازاته، وإبداعاته، واختتم على أمين مقالته هذه، بقراره التاريخى، العبقرى، فقد قرر تقديم استقالته، وقدم الصحفى الصغير هيكل، الذى لم يتجاوز التاسعة والعشرين من عمره، رئيسًا لتحرير آخر ساعة، فأصبح هيكل أصغر رئيس تحرير فى مصر والوطن العربى، بل فى العالم أجمع. لقد أطلق عليه أسماء كثيرة، وألقاب متعددة، ومسميات قوية، تليق بصحفى جهبذ كهيكل، مثل «كاتب السلطة».. «صديق الحكام».. «صانع الرؤساء».. «مؤرخ تاريخ مصر الحديث».. «الأقرب للرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر».. ولكن الصحفى، والمفكر، والمؤرخ الكبير، كان يفضل المسمى الحقيقى لمهنته الأساسية، ويشعر بالسعادة الغامرة بلقب «الصحفي»، ولقب «الكاتب» ظل الوصف المحبب له، ولقب «المفكر»، ظل اللقب الجذاب، الذى يجذبه لكى يروى ويسرد ما لديه من أخبار، وأفكار، ومعلومات، وتحليلات، وتطورات، لمختلف الأحداث والقضايا، إنه الصحفى، الكاتب، المفكر، المؤرخ، محمد حسنين هيكل. ظهر أول مقال له فى جريدة «الأهرام» تحت عنوان «بصراحة « يوم 10 أغسطس 1957 وكان عنوان المقال «السر الحقيقى فى مشكلة عُمان»، وكذلك كان آخر مقال له فى 1 فبراير 1974 بعنوان «الظلال.. والبريق». وفى تلك الفترة أصبحت «الأهرام» واحدة من أهم عشرة صحف فى العالم. وخلال الفترة الممتدة من 1957 حتى 1974 إنتشرت وإشتهرت الأهرام، بلقب جديد، وفريد، ومديد، وهو «نيويورك تايمز العالم العربي»، بسبب المقالة الأسبوعية، التحليلية، الطويلة، )بصراحة( التى كانت تأخذ أحيانا صفحة كاملة. رفض هيكل الوزارة أكثر من مرة، من أجل البقاء فى الأهرام، والإبقاء على منصبه كرئيس تحرير «الأهرام» الذى كان يفضله على لقب وزير، إلى أن اضطر لقبول وزارة الإرشاد، قبيل وفاة جمال عبدالناصر، وحين أشتُرط عليه ألا يجمع بين الوزارة، و«الأهرام» تركها بمجرد وفاة الزعيم عبد الناصر، ورفض بعد ذلك جميع المناصب مهما كانت كبيرة، إذا كانت سببا فى بعده، أو استبعاده عن «الأهرام». المتحدث الرسمى بإسم النادى الدبلوماسى الدولى Diplomatic Counselor Sameh Almashad