نقلت صحيفة الاهرام السبت عن المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة قوله "نعلم ان الشارع لديه رغبة جامحة في القصاص ولكن يجب الا يكون ذلك علي حساب العدالة، لابد للعدالة أن تأخذ مجراها وتتحقق مصلحة المتهم في الدفاع عن نفسه". وقال المستشار عبدالعزيز عمر ، إن القضاء المصري لن يرضخ لأي ضغوط حتي يغير من معتقداته وثوابته وستظل عدالته عنوانا للحقيقة، رافضا ما ذهب إليه البعض فيما يتعلق باحكام البراءة التي صدرت بحق بعض الوزراء والمسئولين السابقين في نظام الرئيس السابق وتابع "القاضي أمامه أدلة ووثائق يقضي من خلالها ويبني احكامه في هذا الاتجاه ولا يجب عليه عدم الاخلال بقواعد القانون ويقضي بالادانة دون سند أو دليل كون ذلك فيه أهدار لحقوق المتهم وعدالة المحكمة، وقدسية القضاء وايمان القاضي بالله ليس من مصلحة أحد القبول بمبدأ الظلم كون ذلك يهدم المجتمع". وأكد أن المحكمة عندما تصدر حكم البراءة في قضية فإنها تتحقق من كل الأدلة التي توجد بحوزتها، ويمكن لها الأخذ بما فيها من عدمه هناك رؤية عادلة تتحرك من خلالها ولا يجب لأحد أن يشكك فيها، وتابع أن المحاكمات تسير علي وتيرتها، ولا يمكن الخروج علي مقتضيات العدالة تحت دعوي ارضاء الرأي العام.. فهذا الأرضاء ضمير أي قاض ولا تقبله العدالة. وفيما يتعلق بعلانية المحاكمات عبر وسائل الإعلام، اعتبر أن المطالبات التي تنادي بتصوير المتهمين "كلام لا يستند لحقيقة"، لأن المحاكمات علنية بطبيعة والحال والسماح بتصويرها اعلاميا يهدر كرامة المتهم وحقوقه إذا ما قضي ببراءته. من جانبه، قال المستشار عبدالراضي ابوليلة رئيس محكمة جنايات شمال القاهرة، إنه علي يقين بأن احكام البراءة التي صدرت بحق بعض المتهمين وانطوت علي نقد الرأي العام، جاءت من منطلق ثورة الغضب العارمة التي تلف الشارع ورغبته الجامحة في التشفي والانتقام ممن عاثوا فسادا وهذا حقهم. ونقل الصحيفة عن أبوليلة قوله "أتصور صوب هذا الاتجاه ان يكون لرئيس محكمة استئناف القاهرة دور مهم يمكن من خلاله اعادة صياغة المحاكمات بأن يتم تحويل القضايا التي تنظرها الدوائر الجنائية إلي الدوائر الجنائية إلي دوائر مدنية، حتي تتاح أمامها الفرصة لاحتواء الغضب العارم في الشارع، ورغبته في القصاص العادل". وأشار إلي انه إذا كان قد تكشف للدوائر التي تنظر المحاكمات ضعف دليل الاثبات، فإنه يتعين عليها في ظل ضعف توثيق النيابة العامة لأدلة الاتهام ان تعيد التحقيق فيه مرة أخري من وجهة نظرها، تحقيقا دقيقا يقوي دليل الاثبات، وأضاف "لذلك في تصوري أن احكام البراءة التي صدرت مؤخرا في بعض القضايا، كان يجب علي المحكمة التروي فيها احتراما لمشاعر الرأي العام لتقضي بالادانة وعلي المتهم الطعن بالنقض وإذا قبل طعنه واعيدت محاكمته أمام دائرة أخري، فتكون المشاعر قد هدأت حدتها ويمكن للشارع قبول البراءة إذا ما صدر حكم بها". وتابع المستشار أبوليلة "ذهابي لهذا الاتجاه ليس بجديد والكلام لرئيس محكمة جنايات شمال القاهرة فقد حدث أيام التحقيق في جنايات القتل عندما كنت وكيلا للنيابة، وكنا علي يقين عبر التحقيق بأن المتهم الماثل أمامي برئ ورغم ذلك كنا نقرر حبسه حفاظا علي حياته". من ناحيته، قال المستشار عبدالمنعم السحيحي الرئيس باستئناف القاهرة ورئيس نادي قضاة طنطا، ان الاسراع بالمحاكمات بلا شك يهدد سمعة العدالة ويضعها علي حافة الخطر، وتابع لا أحد يعرف حتي اللحظة كيف تعاملت المحكمة مع القضية والاسباب التي استندت عليها في اصدارها لحكمها القاضي بالبراءة، معتبرا ان ما نراه الآن ونسمعه من تعليقات شيء يدعو للدهشة ويهز هيبة القضاء. وتابع قائلا "نعلم ان الشارع يكتوي بنار الفساد ولديه مطلب أساسي في القصاص والقضاء يعمل علي ذلك وفق منهج يقضي بتحقيق العدالة ويصون حقوق المتهمين ولا يعرض العدالة لأن تكون فريسة الخضوع لتأثير الرأي العام، خاصة أنه مازال يخضع لتهديد تطبيق العدالة نتيجة عدم تأمين جلسات المحاكمات التي تجري في الدوائر المختلفة. وأيد رئيس نادي قضاة طنطا، علانية المحاكمات لكونها، بحسب تعبيره، تهدئ من روع الرأي العام فيما يدور داخل قاعات المحاكم وليس فيه ما يضر بمصلحة المتهم في أي مرحلة من مراحل التقاضي ويقضي علي كل اللغط في الشارع، قائلا "نحن في ظل ظروف استثنائية يجب التعامل معها بنوع من الحكمة، رغم ان هناك قرارا قد صدر من المجلس الأعلي للقضاء بعدم إذاعة المحاكمات عبر وسائل الإعلام، لكن لدينا واقع مختلف يدفع القضاء في مواجهة مع الرأي العام وما يحدث لن يكون في صالح العدالة".