ثاني أيام عيد الأضحى.. استمرار انقطاع المياه بالفيوم    ذبح 1643 أضحية للمواطنين «مجانًا» ب16 مجزرا حكوميا في كفرالشيخ    «حياة كريمة» تتكفل برعاية بائع غزل البنات وأسرته.. ودعمه بمشروع تمكين اقتصادي    نتنياهو يلتقي المبعوث الأمريكي هوكشتاين لبحث منع التصعيد مع حزب الله    "تجنيد المتدينين اليهود ضرورة ملحّة".. رئيس أركان جيش الاحتلال: سيوفر علينا تجنيد الآلاف من جنود الاحتياط    ستولتنبرج: نصف الإنفاق الدفاعي في الاتحاد الأوروبي يذهب إلى الولايات المتحدة    بترا: الأردن يثمن تنظيم مؤتمر السلام بشأن أوكرانيا ويرفض الانضمام للبيان الختامى    رئيس وزراء الهند يهنئ الرئيس السيسي: عيد الأضحى يذكر بقيم التضحية والرحمة    علي ماهر يعلن تشكيل المصري استعدادا لمواجهة الزمالك    شواطئ رأس البر تستقبل المواطنين بالعيد.. ورجال الإنقاذ أبرز المشاهد    تركي آل الشيخ يشوق الجمهور لمفاجأة اليوم.. ما القصة؟    هل تجوز زيارة القبور في أيام العيد؟.. اعرف الحكم الشرعي    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    الرئيس الروسي يعفي ثلاثة نواب لوزير الدفاع من مناصبهم    مرض العصر.. فنانون رحلوا بسبب السرطان آخرهم الموزع الموسيقي عمرو عبدالعزيز    تفاصيل جديدة حول الطيار المصري المتوفى خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    "تضامن الدقهلية" تواصل توزيع اللحوم على الأسر الأولى بالرعاية    حقق حلمه.. إشبيلية يعلن رحيل سيرجيو راموس رسميًا    في اول تعليق له على شائعة وفاته .. الفنان حمدي حافظ : أنا بخير    أسقف السويس يهنئ قيادات المحافظة بعيد الأضحى المبارك    تفاصيل إنقاذ طفل اُحتجز بمصعد في عقار بالقاهرة    وزيرة التضامن تتابع موقف تسليم وحدات سكنية    مصر تحصد المركز الخامس عربيا في تصدير البطيخ    في ذكري وفاته.. كيف فضح الشعراوي جماعة الإخوان الإرهابية ؟    حماس: إقدام الاحتلال على إحراق مبنى المغادرة بمعبر رفح عمل إجرامى فى إطار حرب الإبادة    سميرة عبد العزيز تكشف مفاجأة عن سبب تسميتها «فاطمة رشدي الجديدة»    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    ارتفاع حالات البكتيريا آكلة اللحم في اليابان    وزارة المالية: تخفيف الأعباء الضريبية عن العاملين بالدولة والقطاع الخاص    بالترددات وطرق الاستقبال .. 3 قنوات مفتوحة تنقل مباراة فرنسا والنمسا في يورو 2024    هيئة نظافة القاهرة ترفع 12 ألف طن مخلفات في أول أيام عيد الأضحى    حصول مركز تنمية قدرات جامعة أسيوط على رخصة تدريب معتمد من الأعلى للجامعات    بالصور.. شواطئ بورسعيد كاملة العدد ثاني أيام العيد    محمود الليثي ينهار من البكاء في أول تعليق له بعد وفاة والدته    حمامات السباحة مقصد الأطفال هرباً من درجات الحرارة في كفر الشيخ    إيقاف عمرو السيسي لاعب فيوتشر مباراتين وتغريمه 20 ألف جنيه    بعد إعلان رغبته في الرحيل.. نابولي يحسم مصير كفاراتسخيليا    لبيك اللهم لبيك    عاجل.. تطورات مفاوضات الأهلي لحسم بديل علي معلول    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    26 عامًا على رحيل إمام الدعاة.. محطات فى حياة الشيخ الشعراوي    القبض على شخص بحوزته أقراص مخدرة بالخصوص    التحقيق مع حلاق لاتهامه بالتحرش بطفلة داخل عقار في الوراق    الصين تتهم الفلبين بتعمد انتهاك مياهها الإقليمية    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    كيفية تنظيف الممبار في المنزل بسرعة وبطريقة فعالة؟    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    سعر الريال السعودي في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    «لست محايدًا».. حسام فياض يكشف صعوبات مسرحية النقطة العميا    30 مليون مستفيد من خدمات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    مصرع طفل صعقا بالكهرباء خلال شرب المياه من كولدير في الفيوم    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مانشستر سيتي يحدد سعر بيع كانسيلو إلى برشلونة في الميركاتو الصيفي    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمفونية الوحدة الوطنية في مصر .. الملحمة والديوان

"أجل؛ إن الأديان نبتت في مصر، وإن التدين فطرة مصر، وإن الإخاء فكرة مصرية صميمة، وواقعٌ حياتي فريد" العلامة/ حسين مجيب المصري
سجَّل التاريخ عبر صفحاته في القديم والحديث؛ وحكت الرسالات السماوية عبر سلوك رموزها وأتباعها؛ ورصد الشعراء والأدباء والمفكرون في دواوينهم وأطروحاتهم خلال رحلة الإنسان على أرض مصر الطاهرة .. قصة الوحدة الوطنية المصرية؛ تلك الوحدة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ والأديان!
ومن هنا؛ يأتي كتاب(الوحدة الوطنية في مصر الملحمة والديوان) للباحث والأديب/ صلاح حسن رشيد والصادر حديثاً عن مكتبة الآداب بالقاهرة؛ ليقصَّ علينا كيف علَّمتْ مصر الأمم الأخرى .. فلسفة التسامح، وروح التعايش، وانصهار أبنائها جميعاً في إطار التلاحم والتعاون والمواطنة والمساواة! فقد جمع فيه المؤلف بين قصص التواد والتراحم بين المسلمين والأقباط على ثرى مصر في كل العصور؛ وبأسلوب أدبي رائق؛ كله تشويق وفن؛ فقد امتزج فيه الدين؛ بالحبكة القصصية الواقعية، والحكايات المروية في بطون الكتب، وعلى أفواه الناس؛ كما ارتبط الأدب بالتاريخ في لُحمة من العبقرية المصرية الفريدة!
يقول المؤلف: إن مصر بلد الرسالات السماوية، والأنبياء الكرام، والصحابة الأوفياء، والأولياء، والقديسين، والعباقرة؛ فقد كانت وما تزال؛ موئل اللاجئين، ومهوى أفئدة الرحّالة والمتعلمين، والمُعْوِزين، والمضطهدين؛ فقد استقبلت مصر مَن يرنو إلى الحرية، ومَن يتوق إلى العلم؛ فكانت لهم جميعاً بمثابة الأُم الرءوم!
مصر بلد الأنبياء
ويضيف صلاح حسن رشيد: فلم يُخطئ المؤرخون عندما وصفوا مصر بأنها واحة التسامح، والتعايش بين الأديان، والطوائف، والمذاهب، والأعراق على مدار التاريخ الإنساني! أجل لقد أصاب عين الحقيقة مَن قال: إن مَن لم ير مصر؛ لم يعرف للتسامح من سبيل! لا؛ بل صدق القائل: ففي مصر تجد اليهودي بجوار أخيه القبطي، إلى جانب المسلم؛ في ملحمة من الترابط المجتمعي، والتكافل المتغلغل في الروح المصرية الواحدة! فعلى سهول مصر عاش، وتربَّى نبي الله إدريس عليه السلام(ثاني الأنبياء بعد أبينا آدم عليه السلام) فنشأت في مصر حضارة إيمانية؛ إنسانية الطابع، علمية المقصد والهدف؛ تدعو إلى الحق، والخير، والحرية، والمساواة بين البشر! ومن بعده؛ توالت رسالات السماء في مصر؛ التي احتضنت نبي الله إبراهيم عليه السلام؛ فلقيَ فيها أجمل وأطيب معاملة. وها هو ذا؛ نبي الله يوسف الصديق عليه السلام يأتيها طفلاً خادماً؛ فما لبث أن صار رئيس وزرائها، ووزير ماليتها؛ بعد أن أحبه أهل مصر جميعاً؛ فيستدعي والده نبي الله يعقوب عليه السلام، وإخوته للعيش في خيرات مصر وجَنّاتها العظيمة. وهذا هو نبي الله موسى وأخوه هارون عليهما السلام يولدان على أرض مصر؛ فيُخلِّصان الناس من ظلم فرعون، وينشران العدل، والمساواة، والتوحيد في ربوعها. وعلى أرض مصر المباركة؛ تجلَّى الله على جبل طور سيناء، وتنزَّلت التوراة والصحائف المقدسة، وألواح موسى، التي دعت إلى توحيد الله تعالى.
وبعد مجئ العائلة المسيحية المقدسة إلى مصر؛ اعتنق المصريون المسيحية عن اقتناع ومحبة، وقدَّموا للإنسانية طقوس الرهبانية؛ التي لم تكن موجودة قبلهم؛ وهي طقوس الحب، والإخاء، والنفع العام بين الناس.
رسول الإسلام زار مصر!
هذا؛ وقد ورد في سنن الإمام النسائي حديث رقم(450)، كما ورد أيضاً في كتاب فتح الباري لابن حجر العسقلاني الحديث رقم(3886) وهما يتناولان زيارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لمصر أثناء رحلة الإسراء والمعراج؛ فقد زارها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلَّى فوق جبل طور سيناء ركعتين عندما أمره سيدنا جبريل عليه السلام بالنزول للصلاة فيها؛ فصلَّى؛ فلما سأله: أتدري أين صليت؟ فرد عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم: لا؛ فقال سيدنا جبريل: صليتَ بطور سيناء؛ حيث كلَّم الله موسى عليه السلام! وهذه هي فضيلة فضائل مصر؛ والعجيب؛ أنَّ أحداً من الدعاة، والشيوخ لا يذكرها على الإطلاق؛ لا في الإسراء والمعراج، ولا في أي مناسبة أخرى!
ويقول صلاح حسن رشيد: فهذا كتاب ماتع؛ بل هو سِفْر الوحدة الوطنية المصرية؛ وهو رحلة المتعة والروعة المليئة بسبحات الملأ الأعلى، والفردوس الأغلى، بدايةً من دعاء سيدنا آدم عليه السلام إلى مصر، ومروراً بالنور الإدريسي، والنور الإبراهيمي، والنور اليوسفي، والنور اليعقوبي، والنور الموسوي، والنور الهاروني، والنور العيسوي، والنور المحمدي، ونبوءة النبي أشعيا لمصر.
قسَّم المؤلف كتابه إلى عدة فصول؛ منها: مقدمة الوحدة الوطنية، وأنبياء الله في مصر؛ ومصر علَّمت فلاسفة الإغريق، وخطبة الصحابي عمرو بن العاص لأهل لمصر، وعهد الإمام الشافعي للأقباط، وآثار سيناء تؤكد تسامح المصريين، والعلاقة بين المسلمين والأقباط رؤية تاريخية، والأزهريون والمواطنة، والأقباط في الأزهر الشريف، ومجد الكنيسة القبطية.
ومن القصص الطريفة المتسامحة التي رواها المؤلف في كتابه؛ قصة حب الأب رنية(مدير مكتبة الآباء الدومينيكان لمصر)، وقصة صالون شيخ الأزهر/ مصطفى عبد الرازق والتنوع الثقافي والديني، ورسائل الشيخ مصطفى عبد الرازق ومي زيادة، وكلمة مصطفى عبد الرازق قي تأبين مي زيادة، ومصطفى عبد الرازق والحب الإنساني، وأنور عبد الملك عاشق القرآن، والقبطي/ جرجس دوس يبني الجوامع، والأزهر المتسامح والكنيسة القبطية المتسامحة، وفقه المواطنة، والشيخ محمد الغزالي وتعايش الأديان، ومواقف مشرفة للأقباط، ومسلمون وأقباط يبنون الجوامع والكنائس، ورثاء العقاد للحاخام/ حاييم ناحوم رئيس الطائفة اليهودية في مصر، وعهد أمان دير سانت كاترين، وعبقرية سعد زغلول، وأثر الثقافة الإسلامية في الأقباط، وأقباط درسوا في رحاب الأزهر الشريف، ورثاء القبطي إسكندر نظير للإمام محمد عبده، والمستشرق لويس ماسينيون يدرس في الأزهر لمدة عامين، والأقباط يحضرون دروس محمد عبده في الأزهر، والمعلم القبطي جرجس يحتفل بشهر رمضان، والأنبا غريغوريوس يقول: مصر شعب الله المتسامح، وشهادة المبعوث البريطاني على الأخوة بين الأقباط والمسلمين، وأفلاطون يصيح: الفراعنة أساتذة العالم، ووصية البطريرك بنيامين لعمرو بن العاص لحكم مصر، والبطريرك كيرلس الرابع يقف في وجه التبشير الغربي، وجبران عاشق القرآن، ورحابة الأديان وفلسفة التعايش الإنساني، وجمعية الوحدة الوطنية، وصداقة الشيخ الباقوري والقمص بولس باسيلي، ودعاء الأب جروج قنواتي لشيوخ الأزهر في صلواته، وقصة مسيحي ينال عقوبة بدلاً من صديقه المسلم، ومسلم تُرضعه قبطية، وقصة أبناء العسّال الأقباط مع الإسلام، ونظلة ليفي يهودية تخطب فوق منبر الأزهر في ثورة 1919م، وصلاة الوحدة الوطنية في الجوامع والكنائس؛ وهي الصلاة التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي دعماً لمفاوضات ثورة 1919م، وإنجاحها.
وختم صلاح حسن رشيد كتابه بديوان الوحدة الوطنية؛ وهي أجمل الأشعار من المسلمين والأقباط؛ فمنهم شوقي، وحافظ، ومحمد عبد المطلب، وعبد الرحمن شكري، وعلي الغاياتي، ومارون عبود، وعزيز بشاي، وبولس الشماع، ووليم نجيب سيفين، وميشال المغربي، ورياض سوريال، وشفيق حنا، وخليل جرجس خليل، وفيليب عطا، ونصر لوزا الأسيوطي، وعوض واصف، وبطرس إبراهيم، وإدوار حنا أسعد، ومحمود غنيم، وعلي الجارم، وغيرهم.
والكتاب؛ لا غنى عنه للمؤسسات الثقافية، والدينية، والإعلامية، والأكاديمية؛ فهو الحاوي بحق لأجمل، وأغرب، وأفضل، وأمتن القصص الجامعة لأواصر التلاحم بين المسلمين والأقباط؛ لكي يتم تدريسه، والنهل منه، والإفادة مما تضمنه من الحقائق، والشهادات؛ التي يحتاجها الجيل الجديد في زمن الفتن التي تعصف بالدول العربية المجاورة لنا؛ بسبب الحروب المذهبية، والطائفية، والعرقية؛ للتذكير بترابط الأمة المصرية، ووحدتها القوية فوق مهاترات المتأسلمين وإرهابهم الأعمى!( وذكِّرْ؛ فإن الذكرى تنفع المؤمنين).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.