يبدو ان النظام السوداني قرر الانسلاخ تماما من كل سياساته التي جاء مروجا لها وعلى رأسها الاصطفاف ضد العدوان الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني وتأييد حركات المقاومة ضد العدوان بل ومدها بالسلاح، حتى تم تقييمه شعبيا وعربيا كدولة رفض ومقاومة وتحدث قادته جميعا حول دعم القضية الفلسطينية ومقاومتها حتى لو كلف هذا الموقف بلادهم مزيدا من الحصار الامريكي والعقوبات الدولية. ولكن يبدو أن السودان الذي يرزح تحت نير 45نوعا من العقوبات الدولية منذعام 1995قد سلم الراية البيضاء وقرر اخيرا التسليم بكل المطالب الامريكية وعلى رأسها اقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وفتح سفارة لدولة العدوان في الخرطوم وكما هو معتاد من مبالغات النظام السوداني مع اعتناقه لاي موقف جديد ومناقض لموقفه السابق فإننا نتوقع ان يبادر النظام في السودان ايضا بتقديم عشرات الخطوات المجانية لإسرائيل دون مقابل وحتى دون أن يطلبها أو يحلم بها بنيامين نتنياهو نفسه. في بداية العام الماضي اطلق احد قادة الحزب الحاكم في السودان تصريحا مفاجئا بالدعوة لاقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل وقبل ثلاثة اشهر عادت الناشطة السياسية تراجي مصطفى للسودان واستقبلت استقبال الأبطال وهي التي تقيم علاقات تجارية مع إسرائيل ومؤيدة لها وقبل عشرة ايام قال وزير الخارجية السوداني ابراهيم الغندور انه لا يوجد مانع لبلاده لمناقشة تطبيع العلاقات مع إسرائيل ثم اجتمعت لجنة العلاقات الخارجية للحزب الحاكم على الفور ودون أن تطلب إسرائيل لمناقشة تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي. ونقلت وكالة الانباء السودانية الرسمية سونا عن القيادي بالحزب الحاكم وعضو لجنة العلاقات الخارجية ابراهيم سليمان، ان الاجتماع شهد مداخلات من 41 عضوا، وان غالبيتهم يدعمون الرأي القائل بضرورة اقامة علاقات طبيعية مشروطة مع الدولة العبرية باعتبار ان جامعة الدول العربية تدعم هذا الاتجاه. وهكذا يبدو أن أمر إقامة علاقات مع إسرائيل قد اتخذ منذ اكثر من عام، خاصة بعد تدمير مصنع اليرموك للاسلحة بالخرطوم وقبله تدمير شاحنات في شرق السودان وهو ما يعني ان السودان يقيم هذه العلاقات تحت تهديد السلاح الإسرائيلي المباشر وتحت تهديد التجويع بعدحصار امريكي غربي خانق استمر عشرين عاما. النظام في السودان يبرر خطوته ايضا بأن مصر كبرى الدول العربية والعديد من البلدان العربية تقيم علاقات مباشرة مع إسرائيل وانه ليس دولة مواجهة ولا تربطه حدود مباشرة مع الكيان الإسرائيلى حتى يقطع علاقاته معه، ولكن الحقيقة ان دخول إسرائيل للخرطوم لا يعني على الاطلاق أن ذلك سيقابله الرفاهية للشعب السوداني وان التجربة مع مصر الدولة الكبرى ان اسرئيل سوف تحول الخرطوم وكل مدن وقرى السودان إلى ساحات للتجسس والتخريب والتآمر وتفكيك النظام من الداخل قبل تسريع خطوات تفتيت السودان.