أيام قليلة تفصلنا عن عام جديد ، وتحذفنا جميعاً من عام مضي ، وتطرح بين أيدينا أجندة للتاريخ والأعياد والأجازات ، نتقاسمها بالسواء ، وتتساوي فينا فصولها الأربعة ، نتمني لو نعبرها في سلام ، ونخشي الذهاب للعام الجديد بقدمٍ واحدة ، تاركين الأخري في عامٍ مضي ، وكأننا شطرنا إلي نصفين ماضٍ وحاضر وما بينهما مستقبل يتأرجح .. كمثل من يتنقل في الحياة بنصف عقل ونصف قلب ونصف قرار . وعن الإحتفال .. بالطبع لسنا كالغرب في إحتفاله بالعام الجديد ، فلا نحن نجتمع علي طاولة الحب ونتقاسم رغيف الفرح ، ولا نستعرض في تباهي إنجازات عام مضي .. فالمآسي وحدها تجمعنا وفيها نتبارك النعي ويحترق المعني ، وإن كنا ممن رزقوا بجميل الحظ ، سنلحق ببعض الفتات من رغيف السعادة التي غمرت بلدان العالم ، فيما عدانا نحن العرب لازالنا نتشح السواد ، وكأننا ما خلقنا لفرح ، وبالكاد نعرف كيف هي فنونه ! الكثير مِنا رغم إيمانه بالقضاء والقدر ، إلا أنه تحت وطأة المعاناة والضغوط ، يقر بتلاعب الزمان والوقت به ، ويتبني دور الضحية في إستسلام وخنوع ، وهنا السؤال .. هل من الممكن أن نتلاعب نحن بخارطة الزمان لنجلب لنفوسنا سعادة لا تمنحها لنا الأوطان ولو كذباً ؟! ولما لا نحرر بأيدينا أجندة خاصة تحمل تواريخ جديدة لأعياد نحن صانعيها ومقرريها ونحن حكومتها وشعبها ؟! ، هي لعبة تشبه تلك الشخابيط التي أغرقت طفولتنا جميعاً ، لكنها أقرب ما يكون للعقل في هذا الزمان المجنون ، وكأنك تطارد الفراشات علي سطح الهواء فتثمر بين عيونك ورداً ، أو أنك ترسم مدينة للحلم علي أوراق كفك فتذوب الجدار فيك صمتاً .. لتصنع أجندتك الخاصة وتزرع أعيادك الخاصة والتي تتواءم مع كل أشيائك المحببة علي سطح البسيطة وعمقها .. لتصنع دوائرك العشوائية علي بعض الأرقام في أجندتك ، وتسميها عيداً وبما يحلو لك ومنها ربما " عيدك للأناقة " و " عيدك للقراءة " و " عيدك للعائلة " و " عيدك للحياة " .. والمعني هنا يكمن في شغفٍ يربطك بأجندة خاصة تتلهف وتطوي صفحاتها وأنت تعلم جيداً أن هناك حدث ما ينتظرك وحدك ، عيد أنت صانعه ووطنه وشعبه ، فأوطاننا التي تعاني من كل ضائقة وضيق تستحق ولو خيطاً رفيعاً من خطوط الخيالات التي ما وجدت من فراغ ووهم ، إنما وجدت ليتنفسها الواقع وتنتعش الحياة .. لنعبر الصباحات القادمة بالحياة لا للحياة ، ونبدأ عاماً جديداً بروح الشغف تاركين ما مضي فيما مضي ، ولن تخلعك الأحزان من أرضها ، إلا إذا خلعتها أنت من موطنك .. فلنحرر أجندتنا ليتنفس الوطن .. ولنجعل لكل يوم عنوان يختلف عن ما سبقة ، فالعقول تقتلها الرتابة .. والرتابة تقتلها الحياة .. فلتكن أجندتنا هذا العام .. أجندة حياة !