التصريحات التي أدلي بها عبدالمنعم أبو الفتوح «الإخواني المعروف» ورئيس حزب «مصر القوية» عن الانتخابات الرئاسية المبكرة، هي واحدة من حلقات مخطط الفوضي، وإشاعة عدم الاستقرار في البلاد، وإحداث الأزمات التي من شأنها تقويض كيان الدولة، ومؤسساتها المختلفة. لقد خرج علينا المرشح الرئاسي السابق بحديث أدلي به إلي برنامج )بتوقيت القاهرة( علي قناة «بي.بي.سي» البريطانية يدعو فيه إلي ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في مصر، بزعم أن ذلك من شأنه أن يجنب أي نظام سياسي الفشل. وراح عبدالمنعم أبو الفتوح يهدد ويتوعد ويقول: «إن البديل للانتخابات المبكرة في مصر هي «الفوضي» موضحًا أن الوطن لم يعد يتحمل التظاهر والفوضي». وقال حكيم عصره وزمانه: «إن الانتخابات المبكرة في مصر إما أن تثبت الرئيس وتجدد الثقة فيه وهذا حق الشعب، وإما أن تأتي بجديد، موضحًا أنه لا يري أية إيجابيات ذات قيمة تحققت في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي»!! لقد تناول الكثير من الإعلاميين والصحفيين هذه الدعوة بقدر كبير من السخرية والاتهام المباشر، ليس فقط لأنها تتجاهل الواقع بكل مفرداته، ولكن أيضًا لأن الحديث عن أن الانتخابات المبكرة تحمي البلاد من الفوضي هو أقرب إلي «الهزل» السياسي!! لقد شهدت البلاد أزمات وانقسامات وسعي دؤوب لطمس هوية الوطن والتفريط في ترابه، ولم نسمع لعبدالمنعم أبو الفتوح صوتًا، أو اعتراضًا، بل ظل الرجل وفيًا لمواقف الإخوان، وجرائمهم في حق الوطن حتي اللحظة الأخيرة، وبدا أمام الناس وكأنه متواطئ معهم. وعندما تحركت القوي الشعبية والفصائل السياسية تطالب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لانقاذ البلاد من خطر الفوضي والانقسام، كان عبدالمنعم أبو الفتوح من أوائل الذين سموا ذلك «انقلابًا» علي الرئيس الشرعي المنتخب»!! لقد تجاهل أبو الفتوح في هذا الوقت حقائق الواقع وغضبة الجماهير وثورتها لانقاذ البلاد، وعاد إلي أصله «الإخواني» الذي لم يبارحه حتي وإن أعلن ذلك ليوجه كل الإدانات إلي هذه الثورة العظيمة وانحياز الجيش المصري لها، حتي لا تدفع البلاد إلي حرب أهلية يدفع الوطن ثمنها. ولا ترتكز دعوة أبو الفتوح الجديدة إلي أية أسباب موضوعية، أو وقائع تاريخية سابقة، فالرئيس الذي يتحدث عنه أبو الفتوح هو رئيس حاز علي ثقة نحو 97٪ من أصوات الناخبين في انتخابات رئاسية نزيهة، بينما حصل مرسي علي نسبة لا تزيد عن 52٪ في انتخابات مشكوك فيها. وإذا كانت غالبية الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لمحمد مرسي باستثناء جماعته قد ثاروا عليه، فإن من انتخبوا الرئيس السيسي لا يزالون يثقون فيه وفي أدائه ويدعمون مواقفه ويتصدون لخصومه. إن مشهد تكالب الجماهير علي دعوة الرئيس السيسي لهم بالتبرع لحفر قناة السويس هو أبلغ رد علي هذه الادعاءات، حيث تم جمع أكثر من 64 مليار جنيه طواعية من الناس في ثمانية أيام لهذا المشروع العظيم الذي تم انجازه في الموعد الذي حدده الرئيس، وهي فترة العام فكان الأمر بمثابة معجزة وبعث للأمل وتأكيد علي قدرة المصري وإرادته، وعندما جاء الموعد المحدد في السادس من أغسطس الماضي أي قبل نحو ثلاثة أشهر مضت، كانت الجماهير تحتفل في الشوارع والميادين رافعة صور الرئيس، معلنة تجديد الثقة فيه، والتعهد بمساندته ودعمه في مواجهة المخططات التآمرية علي البلاد. إن عبدالمنعم أبو الفتوح وأمثاله يعرفون تمامًا الحالة التي كانت تعيشها مصر منذ تولي مرسي وحتي عزله بإرادة شعبية، كان الانقسام والتآمر علي الشعب ومصالح البلاد هو العنوان، وكان هدف إحلال الجماعة محل الدولة هو الهدف، وكانت الأوضاع في البلاد تزداد تدهورًا، وكانت الخيانة لترابنا الوطني ولمياه نهر النيل وللحاضر والمستقبل هي التي حركت هذا الشعب العظيم لاسقاط حكم الجماعة خلال ساعات محدودة. وإذا كان أبو الفتوح يروج في وسائل الإعلام الأجنبية «أن الانتخابات الرئاسية المبكرة تجنب النظام السياسي الفشل» فهو منطق مغلوط، وافتئات علي الحقيقة، وتأكيد علي التخلف السياسي والذي كان واحدًا من سمات جماعة الإخوان طيلة تاريخها، فبدلاً من الحديث عن أن الاستقرار الذي تحقق يمضي قدمًا إلي الأمام وأن الانجازات لا تتوقف، وأن بناء مؤسسات الدولة كان أحد علامات هذا الاستقرار، إذا به يروج لفكرة الفشل، والذي لا محل له في سياق الادعاءات الزائفة التي يروجها. إن الانتخابات الرئاسية المبكرة، هي الوسيلة التي يهدف من خلالها أبو الفتوح وجماعته وأسياده في الغرب، النفاذ بها إلي الجسد المصري، بهدف تفتيته، ودفعه إلي الفوضي، ذلك أن المخطط الجديد يضع هذه القضية علي جدول أعماله للفترة القادمة، خاصة بعد صعود نجم «السيسي» كقائد قومي عربي، يهدف إلي محاصرة مؤامرة «الشرق الأوسط الجديد» بعد أن تمكن من القضاء عليها في مصر، فهو يمد يده لسوريا ويدعم التحرك الروسي علي أرضها، ويواجه الإرهاب في ليبيا واليمن وهي البلاد التي تعرضت لمؤامرة الربيع «العبري» الذي استهدف اسقاط الدولة واستنزافها وضرب مؤسساتها وإشعال الحرب الأهلية تمهيدًا لتقسيمها وتفتيتها!! إن عبدالمنعم أبو الفتوح الذي يهدد إما الانتخابات المبكرة أو الفوضي إنما يتجاهل أن مصر الآن غير مصر الأمس، وأن زمن حكم السيسي هو زمن بعث «الأمل» وهو علي النقيض من فترة حكم الإخوان التي أطفأت الشموع في وجوه المصريين ووضعت البلاد علي حافة الحرب الأهلية. وإذا كان أبو الفتوح لا يري أن هناك إيجابيات ذات قيمة قد تحققت في الفترة التي تولي فيها الرئيس السيسي حكم مصر، فهذا ليس بجديد، فالإخوان معرفون بأنهم مصابون بالعمي السياسي والبصري، ولا يحق لمن أتهم ثورة الشعب بأنها «انقلاب» ولم يدن الإرهاب وأذرف الدموع علي خيرت الشاطر أحد أبرز القادة الإرهابيين، لا يحق له أن يتحدث عن إيجابيات أو سلبيات النظام، لأن حديثه هنا لا يتسم بالموضوعية أو الواقعية، وإنما بالحكم المسبق والحقد الدفين الذي يري الحقيقة ويتجاهلها. إننا ندرك عن يقين أن المخطط الجديد الذي يسعي إلي التحريض ضد مصر ونظامها الوطني، سوف يستخدم كل الآليات القذرة، والعملاء والمأجورين، الذين يمهدون للسيناريو الجديد، والذي بدأت حلقاته تظهر جليًا هذه الأيام، غير أنهم يتجاهلون أن وعي الشعب المصري أصبح أكبر من أن يتعرض لحملات التزييف والتشويه التي تعرض لها أثناء وعقب ثورة والخامس والعشرين من يناير. ..ويتجاهل هؤلاء أيضًا أن التجارب المحيطة، التي استطاعوا فيها تدمير الدول وإحداث الفوضي علي أراضيها أصبحت حصنًا لحماية مصر وشعبها من الانزلاق إلي هذا المعترك مرة أخري. لقد دمروا العراق وعاد الأمريكان يعتذرون، وجاء توني بلير ليؤكد كذب ادعاءات أسلحة الدمار الشامل التي كانت المنفذ لضرب العراق وإسقاط نظامه الوطني، ونفس الأمر بالنسبة لبقية الدول التي سقطت في يد الإرهاب ولم تحقق ما اسمي بالتجارب الديمقراطية الحديثة، حتي أطلقت الجماهير مصطلح «الربيع العبري» بدلاً من مصطلح «الربيع العربي» الذي كان سائدًا لفترة من الوقت للتأكيد علي أن كل ما جري كان لمصلحة «إسرائيل» وهيمنتها علي الأوضاع في المنطقة واستمرار سيطرتها علي الأراضي المحتلة. لكل ذلك فإن دعوة «أبو الفتوح» ليست أكثر من حلقة في مؤامرة تستوجب مساءلته أمام القضاء بتهمة التحريض ضد النظام وإشاعة الفوضي في وقت تواجه فيه البلاد حالة حرب مع الإرهاب وتحديات ضخمة من كل اتجاه.