رأي محرر الدفاع بصحيفة التلغراف البريطانية كون كوغلين أنه يتعين علي الغرب الانضمام لبوتين للقضاء علي داعش. واستهل مقالا نشرته الصحيفة علي موقعها الإلكتروني بالقول إنه في وقت يزداد فيه وضوح عجز محاولات الغرب اللامجدية لإنزال الهزيمة بداعش، فإن نهج بوتين القوي يمكن أن يثبت محورية وحسْمًا في محاولة لحل أزمة الصراع السوري. ولفت كوغلين إلي مرور عام علي شنّ طائرات التحالف الأمريكي غارات جوية ضد داعش بعد أن ضمّ التنظيم مساحات شاسعة من الأرض في شمال العراق إلي الإقطاعية التي منحها لنفسه في سوريا. ولكن علي الرغم من آلاف الروايات القتالية علي مدار الأشهر الاثني عشر الماضية، إلا أن داعش اليوم في موقف أقوي، لقد زادت رقعة الأراضي التي بحوذته في سورياوالعراق، وزادت أعداد مقاتليه كما نجح التنظيم في تصدير ماركته الظلامية إلي بقاع بعيدة مثل أفغانستان وليبيا. ورأي أن آمال الغرب في احتواء الصراع قد ضاعت، وأن الصراع الوحشي السوري قد خرج عن حدود العالم العربي، لتجد أوروبا نفسها تصارع في التعامل مع موجة عارمة من اللاجئين اليائسين الفارّين من الشرق الأوسط طلبا للجوء في الغرب. وأكد كوغلين أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الفشل الذريع الذي مُنيت به السياسة الغربية هو عزوف السياسيين علي جانبي الأطلسي عن وضع خطة منطقية وفاعلة للتعامل مع تهديد داعش.. منذ البدء أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تفضيلهما لشنّ حرب والتحكم فيها عن بُعد، مع الاعتماد في الأساس علي الطائرات المقاتلة والبدون طيار لمهاجمة أهداف لداعش، مع تدخل بري مقصور علي القوات الخاصة من حين لآخر، مع إزاحة كافة الجهود المعنية بطرد داعش علي الأرض إلي ساحة الوكلاء الموالين للغرب، أمثال الجيش السوري الحر.. ولكن هذا كان 'كارثة تامة' علي حدّ تعبير مسؤول أمريكي بارز. ولفت إلي أن وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون لم تتمكن من تدريب أكثر من 54 مقاتل سوري مختار بعناية، علي الرغم من إنفاق نحو 500 مليون دولار علي برنامج كان من المفترض أن يجهز قوة قوامها 15 ألف مقاتل. إلي جانب كل هذه الفوضي، يجب إضافة الارتباك المتغلغل بين صفوف كبار الساسة في الحكومتين الأمريكية والبريطانية حول ماهية ما ينبغي أن يكون الهدف الرئيسي في سوريا، أهو الإطاحة بنظام الأسد أم تدمير تنظيم داعش؟ واعتبر كوغلين أن استجابة الغرب السيئة وغير المتناغمة لتهديد داعش، هي بمثابة الكارثة الأكبر علي صعيد السياسة الخارجية في القرن الحادي والعشرين، أكبر حتي من كارثة اجتياح العراق في 2003 حيث استطاع التحالف علي أي حال -بغض النظر عن وجاهة القرار- من تنفيذ هدفه الرئيسي الذي تمثل آنذاك في الإطاحة بنظام الطاغية صدام حسين. وأضاف كوغلين 'لكن لزمن طويل في سوريا وقف ساسة الغرب مرتبكين حول الجهة التي ينبغي عليهم مهاجمتها، أهي نظام الأسد أم تنظيم داعش؟ وهذا هو السبب وراء خسارة كاميرون تصويت مجلس العموم في 2013 علي خططه لضرب الأسد.' ويبدو أن الحكومة البريطانية لم تتعلم الدرس بعد، ففي وقت سابق من الشهر الجاري اقترح وزير المالية جورج أوزبورن أن الهدف الرئيسي لبريطانيا ينبغي أن يكون هو إلحاق الهزيمة بكل من الأسد وداعش في وقت واحد. ورأي الكاتب أنه في ظل هذه الحال من التفكير المرتبك علي نحو شلّ قدرة الحكومة البريطانية عن اتخاذ استجابة فاعلة إزاء الأزمة السورية، لم يكن مستغربا أن يجذب بوتين الأنظار بنهجه البراجماتي. ولما كان بوتين يري أنه ليس الأسد ولكن داعش هو الذي يشكل التهديد الأكبر، فإن روسيا أعلنت عن إرسال 28 طائرة حربية إلي دمشق لدعم الجهود الحربية ضد داعش. وقال كوغلين إن بوتين ربما يكون لديه أسباب أخري في إرادة الإبقاء علي الأسد في السلطة، كالاحتفاظ بالعلاقات الاستراتيجية القديمة التي تربط بين موسكوودمشق، غير أن نهجه غير العشوائي قد جلب درجة من الوضوح كانت متطلبة بشدة إلي الجدل الدائر حول الأزمة السورية. ولفت في هذا الصدد إلي أنه حتي جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، الذي أكد مرارا علي أنه لن يكون هناك اتفاق سلام طالما بقي الأسد في السلطة، ها هو كيري قد اضطر إلي إعادة التفكير والتراجع عن موقفه، قائلا إن مستقبل الأسد ينبغي أن يكون جزءا من التسوية التفاوضية للصراع. ومضي الكاتب 'ولكن أيا كانت خطايا الأسد، وهي كثيرة، فإنه لا يشكل تهديدا علي العالم الخارجي، إنما المتعصبون الإرهابيون الموالون لداعش هم من يشكلون الخطر الأكبر، وبينهم مئات الجهاديين بريطانيّي المولد الذين من المتوقع عودتهم إلي بريطانيا بعد الحصول علي التدريب في معسكرات داعش الإرهابية.' واختتم كوغلين قائلا 'إذا كان بوتين يريد شن حرب ضد داعش، فيتعين علينا الاستعداد لإعطائه دعمنا الكامل.'