تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طنطاوي رفض 200 مليار دولار مقابل تكليف الشاطر تشكيل الحكومة

تفاصيل اللقاء الثلاثي بين الكتاتني والجنزوري بحضور سامي عنان الجنزوري يهدد: لن أستقيل وإذا قررتم إقالتي سأعقد مؤتمرًا صحفيًَا عالميًا وأكشف الحقائق 'الإخوان' تعمدوا إفشال الجمعية التأسيسية لتفويت الفرصة علي إعداد الدستور قبل انتخابات الرئاسةمحمد مرسي بعد لقائه مع السيسي والعصار وشاهين قال لي: 'السيسي ده 'فلتة''!!
سامي عنان قبل الجولة الأولي للانتخابات الرئاسية: المنافسة محصورة فقط بين مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح
سألت المشير: لماذا لا تدعم شفيق أو عمرو موسي، فقال لي:نحن علي الحياد والشعب صاحب القرار.
في الحلقة السابعة من كتابه الهام والخطير 'لغز المشير' والذي سيصدر قريبًا عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، يكشف الكاتب الصحفي مصطفي بكري عن تفاصيل المباحثات التي جرت بين المجلس العسكري وقادة الأحزاب الممثلة في البرلمان وعدد من النواب المستقلين للتوصل إلي اتفاق مقبول بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.
ويرصد المؤلف الأسباب الحقيقية التي دعت الإخوان إلي الانقلاب علي حكومة الجنزوري والضغط علي المجلس العسكري لإقالتها فورًا، وكذلك الانذار الشهير الذي أعلنه رئيس مجلس الشعب من علي شاشة قناة الجزيرة يمنح الحكومة مهلة أيام محدودة للاستقالة وإلا فإن البرلمان سيلجأ إلي إقالتها.
ويكشف الكاتب عن حقيقة تهديدات الجنزوري للكتاتني بحل مجلس الشعب وتفاصيل اللقاء الثلاثي الذي جري في سرية تامة بين الجنزوري والكتاتني بحضور الفريق سامي عنان يوم الخميس 22 مارس.
ويروي الكاتب عن مصادر عليا داخل المجلس العسكري تفاصيل العرض الذي قدمه محمد مرسي وخيرت الشاطر وسعد الكتاتني بتكليف خيرت الشاطر لتشكيل الحكومة مقابل 200 مليار دولار استثمارات تضخ إلي مصر وكيف رفض المشير طنطاوي هذا العرض رغم موافقة أغلبية أعضاء اللجنة المكلفة علي هذا العرض.
بعد الإعلان عن انتخاب الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الدائم للبلاد، زادت حدة الانتقادات في الشارع المصري، وأعلن العديد من القوي والأحزاب والمجتمع المدني رفضه للطريقة التي جري بها انتخاب الجمعية وهددوا بالمقاطعة ورفض الدستور الذي سيعد بواسطتها.
في هذا الوقت دعا المشير طنطاوي إلي اجتماع للقيادة العسكرية حيث تمت مناقشة تداعيات هذا الحدث، وخطورة انفراد الإخوان والسلفيين بتشكيل الجمعية التأسيسية، استمر النقاش عدة ساعات، تم فيها بحث الخيارات المطروحة وجري الاتفاق علي دعوة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان وعدد من النواب المستقلين للاجتماع بعدد من قادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
تم الاتفاق في حينه علي أسماء رؤساء 19 حزبًا ممثلين في البرلمان وثلاثة من النواب المستقلين هم مصطفي بكري وياسر القاضي ومريام ملاك، وتم تحديد السابع والعشرين من مارس2012 موعدا للاجتماع في مبني وزارة الدفاع.
كان وفد المجلس العسكري مكونا من المشير طنطاوي رئيس المجلس والفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس ورئيس الأركان وعدد من أعضاء المجلس، مساعدي الوزير أبرزهم اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية واللواء محمد العصار واللواء سامح صادق واللواء ممدوح عبد الحق واللواء ممدوح شاهين
واللواء عادل عمارة واللواء أحمد أبو الدهب مدير الشئون المعنوية.
وفي هذا اللقاء تحدث المشير طنطاوي مطولاً عن ضرورات التوصل لاتفاق حول سبل الخروج من أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية، وأكد المشير أنه يحترم البرلمان كمؤسسة شرعية، ولكن نظرًا لأن الدستور الجديد هو دستور لكل المصريين لذا لزم التوافق حوله من أبناء الأمة جميعًا.
وقال المشير: إن عنصر الزمن عامل مهم في تلك المرحلة والتوقيتات الزمنية تحكمنا، خاصة أن المجلس العسكري مصمم علي تسليم السلطة في الموعد المحدد سلفًا آخر يونيو المقبل.
وتحدث في هذا اللقاء عدد من رؤساء الأحزاب وممثلو المستقلين والذين أبدوا قلقهم من تشكيل الجمعية التأسيسية وطالبوا بأن يتم التشكيل بالتوافق وتحت رعاية المجلس العسكري.
انتهت الجلسة في هذا اليوم بعد نحو ست ساعات من انعقادها، وقد طلب مني المشير طنطاوي في هذا الوقت أن اتولي إعلان البيانات الصادرة عن الاجتماعات وعقد المؤتمرات الصحفية لشرح حقائق ما جري.
وقبيل عقد الاجتماع الثاني يوم الخميس 29 مارس جمعني لقاء مطول مع الفريق سامي عنان لدراسة آخر تطورات الموقف وتقييم الجلسة السابقة.
وبالفعل مع بدء عقد الجلسة الثانية التي استمرت لنحو أربع ساعات تقريبا طلب المشير طنطاوي من الحاضرين ضرورة التوصل إلي اتفاق سريع في هذه الجلسة وقال: 'إن الشعب كله ينتظر موقفكم وأتمني أن تكونوا عند مستوي التحديات التي تواجه البلاد'!!
ورغم المناقشات المطولة لم ينجح قادة الأحزاب في الوصول إلي حل ينهي هذه الأزمة وجري الاتفاق فقط علي ما سبق أن أكدته الأحزاب والقوي السياسية من مبادئ عامة لصياغة الدستور والمطالبة بتشكيل لجان نوعية فنية تكون مهمتها معاونة الجمعية التأسيسية وتقديم خبراتها في إعداد وصياغة ومراجعة النصوص الدستورية.
في العاشر من أبريل أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا يقضي بحل الجمعية التأسيسية للدستور، بسبب عدم مرعاتها لأحكام المادة 60 من الإعلان الدستوري، والإصرار علي انتخاب نصف أعضائها من نواب مجلسي الشعب والشوري.
وقد أثار الحكم ردود أفعال واسعة، مما استدعي من المجلس العسكري أن يدعو مرة أخري إلي عقد لقاء جديد في الخامس عشر من أبريل بحضور ذات الأحزاب وممثلي المستقلين.
وقد حدثت مشادات متعددة في هذا اللقاء خاصة عندما قال المشير طنطاوي إنه لن تجري انتخابات رئاسة الجمهورية بدون دستور دائم للبلاد تم التوافق في هذا الاجتماع علي ضرورة تحديد موعد لرؤساء الأحزاب الممثلة للبرلمان بعض النواب المستقلين مع رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب داخل مجلس الشعب والشوري لعقد اجتماع مع رئيس مجلس الشعب وذلك للاتفاق حول قواعد تشكيل الجمعية التأسيسية، ثم العودة مرة أخري للاجتماع مع المشير طنطاوي ووفد المجلس العسكري يوم الأحد 21 ابريل 2012علي أن يتلو ذلك توجيه الدعوة من رئيس المجلس الأعلي إلي مجلس الشعب والشوري للانعقاد وانتخاب الجمعية التأسيسية علي الفور.
وقد طلب د.محمد مرسي خلال الاجتماع مني أن أتولي شخصيا هذا الأمر وأن التقي بالدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب وأبلغه بما تم الاتفاق عليه للبدء فورًا في عقد الاجتماع المرتقب.
وبعد انتهاء الاجتماع، وقبيل تناول طعام الغداء مباشرة، طلب مني محمد مرسي أن أعد له لقاء مع المشير طنطاوي حتي يمكن تصفية آثار الأزمة الناشبة بين الإخوان والمجلس العسكري التي نجمت بعد اتهام الإخوان للمجلس بالإعداد لتزوير الانتخابات الرئاسية ورد المجلس الحاد علي الجماعة كنت أجلس دوما علي المائدة الرئيسية مع المشير والفريق عنان ومعنا د.السيد البدوي رئيس حزب الوفد، وفي هذا الوقت أبلغت المشير برغبة محمد مرسي في الاجتماع معه جانبا، إلا أن المشير، قال إنه مرتبط بموعد مسبق وليس لديه وقت، وهنا طلب المشير من اللواء عبد الفتاح السيسي واللواء العصار واللواء ممدوح شاهين الجلوس مع محمد مرسي واشترط ضرورة حضوري لأكون شاهدًا علي هذا الموقف.
وبالفعل جلسنا ومعنا محمد مرسي في الصالون الملحق بقاعة الاجتماعات، وقد قلت في بداية اللقاء إن د.محمد مرسي لديه بعض الايضاحات لموقف الإخوان يريد إبلاغها، ثم استأذنت وانصرفت لعقد المؤتمر الصحفي الدوري في أعقاب كل اجتماع بحديقة وزارة الدفاع هبطت إلي الدور الأول حيث ينتظر الصحفيون عقد المؤتمر الصحفي وظل المؤتمر مستمرًا لأكثر من نصف ساعة، وكان السؤال الأهم ماذا يعني المشير بمقولة إن الانتخابات الرئاسية لن تجري إلا بوجود دستور جديد للبلاد.
وقبيل نهاية المؤتمر الصحفي بقليل جاء إلينا د.محمد مرسي، وبعد انتهاء المؤتمر طلب مني أن نتجول سويا في حديقة الوزارة، لأنه يريد أن يبلغني بما جري خلال اللقاء مع أعضاء المجلس العسكري الذين التقي بهم.
وبالفعل بدأ محمد مرسي يحكي لي باختصار ماذا حدث، فقال إن اللواء عبد الفتاح السيسي شخصية واعية جدًا، وأنه رجل مسيس، وشعر بالصدق في كلامه، وأنه مرتاح جدا لهذا اللقاء، وقال.. أعتقد إن الأزمة أنتهت وسأبلغ اخواننا بما حدث، ثم بادرني بالسؤال.. بالقول: وهل تعتقد أن أصحابك جادون فعلاً في تسليم السلطة، وكان يقصد بذلك المجلس الأعلي للقوات المسلحة.
فقلت له: ألم تسمع المشير أكثر من مرة، أعتقد أنهم جادون تماما، وأنا علي ثقة من ذلك.
قال: ولكن ما معني الأزمات التي يفتعلونها مع جماعة الإخوان بين الحين والآخر؟
قلت له: يا دكتور المجلس العسكري ليس هو الذي يفتعل الأزمات ولكن لديكم عناصر في الجماعة تتعمد الاستفزاز، ومن بينها حكاية تدخل المجلس العسكري في الانتخابات الرئاسية القادمة.. المجلس العسكري ليس صاحب مصلحة في نجاح هذا الشخص أو ذاك، لقد قالوها أكثر من مرة إنهم علي مسافة واحدة من الجميع.
قال: ولكن مجريات الأحداث يمكن أن تغير الأوضاع وتغير موقفهم.
قلت له: أريد أن أحكي لك حكاية يا د.مرسي، لتعرف أنه ليس هناك تربص بكم، أثناء انتخابات مجلس الشوري، كنت في اليوم التالي التقي بالفريق سامي عنان في مكتبه، وسألته في هذا الوقت عن توقعاته بمن سيفوز في الانتخابات وقال لي دون تفكير: الحرية والعدالة طبعا، ليست هناك قوي آخري يمكن أن تنافسهم في الوقت الحالي.. وأكمل حديثه معي بالقول 'لقد سألتني ابنتي أثناء ذهابها للإدلاء بصوتها عن الحزب الذي يمكن أن تعطيه صوتها، فقلت لها علي الفور.. الحرية والعدالة طبعا.
اندهش د.محمد مرسي ونظر إليّ غير مصدق وقال: معقولة هذا الكلام؟!
قلت له: هذه الحقيقة لا أحد لديه موقف مسبق منكم.
تواعدنا علي التواصل من أجل إنهاء أزمة الجمعية التأسيسية، ولكن في اليوم التالي كان محمد البلتاجي يشن هجوما شرسا علي المجلس العسكري ويطالبه بالتوقف عن التدخل في تشكيل الجمعية التأسيسية ويحذر من أن اشتراط المجلس العسكري ضرورة وضع الدستور أولاً قبل انتخابات الرئاسة يعني أن المجلس يهدف إلي تأجيل الانتخابات والاستمرار في التمسك بالسلطة.
ويبدو أن البلتاجي لم يكن هو وحده الذي يتبني وجهة النظر تلك، ففي يوم الثلاثاء 17 أبريل كان موعدي مع د.سعد الكتاتني وأبلغته بما اتفقنا عليه مع المجلس العسكري وبحضور د.محمد مرسي الذي كان في هذا الوقت مرشحا احتياطيا لرئاسة الجمهورية.. واقترحت عليه عقد لقاء الأحزاب ورؤساء الهيئات البرلمانية 18 أبريل، إلا أنه طلب مني تأجيل الاجتماع إلي الحادية عشرة من صباح الخميس 19 أبريل بسبب انشغاله في جلسات المجلس.
وفي اليوم التالي أجريت اتصالاً بسامي مهران أمين عام مجلس الشعب للاتفاق معه علي استعدادات عقد الاجتماع داخل المجلس، إلا أنه أكد لي أن رئيس المجلس سعد الكتاتني لم يعطه أية تعليمات بذلك، أبديت دهشتي، أجريت اتصالاً آخر مع الكتاتني، وشعرت أنه يتهرب من وعده.
في تمام الساعة العاشرة من صباح الخميس 19 أبريل 2012 كان هناك موعد لي للقاء مع المشير طنطاوي، حضرت مبكرًا، التقيت بالفريق سامي عنان، وأطلعته علي رفض الإخوان عقد الاجتماع المقرر للأحزاب ورؤساء الهيئات البرلمانية للاتفاق علي تشكيل الجمعية التأسيسية، وسألته عن موقف المجلس العسكري من تلك التطورات.. فقال لي الفريق عنان، هذه مراوغة، ولكن بالقطع سنبحث ذلك تفصيليا مع المشير..
وبالفعل في الموعد المحدد صعدنا وحضر المشير ومعه اللواء ممدوح شاهين المسئول عن الشئون القانونية والدستورية بالمجلس الأعلي.
قال المشير: بعد موقف الإخوان، هل تري ضرورة بعقد لقاء 21 أبريل للأحزاب مع المجلس العسكري؟!
قلت: الموقف في مجلس الشعب أوضح كل شيء، الحقيقة أن الإخوان لا يريدون دستورًا علي الإطلاق وبعد استبعاد خيرت الشاطر من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية أصبحوا في مأزق شديد ولا أظن أن لديهم أملا في الفوز الناس يسمون محمد مرسي 'الاستبن' ويتهكمون عليه وكل استطلاعات الرأي تؤكد أنه في مركز متأخر بين المرشحين.
هنا قال سامي عنان: وأنا حفكرك، المسألة محصورة فقط في اثنين، محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح أحدهما سوف يفوز في انتخابات الرئاسة.
استبعد المشير حدوث ذلك وقال القوات المسلحة علي مسافة واحدة من الجميع، ولكن استبعد فوز أحدهما..
قلت له: ولماذا لا يدعم المجلس العسكري أحمد شفيق أو عمرو موسي؟!
قال: الشعب هو اللي يختار، نحن سنقف علي الحياد.
قلت: أنا رأي من الواجب أن نعقد الاجتماع المقرر مع الأحزاب يوم 21 أبريل.
قال الفريق عنان: يوم 21 أبريل، هناك اجتماع مقررمع حوالي ثلاثين من أساتذة القانون لبحث الموقف من الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية ياريت نختار موعد آخر.
قال المشير: وهل تعتقد أن هناك جدوي من اللقاء مع الأحزاب مرة أخري؟
قلت: يجب عقد الاجتماع حتي يتحمل كل منهم مسئولية ما يحدث، الشارع المصري غاضب ويعرف تماما أن جماعة الإخوان لا تريد دستورًا وما حدث بيني وبين الكتاتني والهجوم الذي شنته اللجنة التشريعية علي المجلس العسكري بدعوي تدخله في تشكيل الجمعية التأسيسية هي محاولة هدفها البحث عن مبرر.
قال المشير: نحن لا ناقة لنا ولا جمل في كل ذلك لقد طلبنا منهم الاتفاق، وقد رأيت بنفسك كيف وافق محمد مرسي علي القرار في الاجتماع السابق، ولكن للأسف هناك قرارات أخري تلزم الجميع.
قلت: ولماذا لا يصدر اعلان دستوري للمادة '60' من الإعلان الصادر في 30 مارس 2011، يحدد تشكيل الجمعية التأسيسية ويلزمها إصدار الدستور قبيل انتخابات الرئاسة؟.
قال المشير: صعب إصدار إعلان دستوري جديد الآن، ومجلس الشعب لن يسمح، أنت تعرف الموقف وتعرف الهدف.
قلت: إذن كيف سيكون التصرف؟!
قال المشير: نحن عازمون علي تسليم السلطة في الموعد المحدد 30 يونيو، أيا كان الأمر، نحن لن نبقي يوما واحدا بعد الموعد.
قال الفريق عنان: بل إن الانتخابات إذا حسمت يوم 24 مايو، وفاز المرشح الرئاسي من أول مرة فسوف نسلم له السلطة علي الفور دون تردد.
قلت للمشير: هناك مخاوف من حل مجلس الشعب!!
قال: دي تبقي مصيبة، احنا مش ناقصين، نعمل انتخابات وندفع فلوس تاني، منين، البلد أحوالها صعبة.
قال ممدوح شاهين: لقد سبق أن حذرنا من أن قانون الانتخابات قد يتعرض للطعن الدستوري خلينا نشوف بكره حكم المحكمة الإدارية العليا في القضية المرفوعة والتي تطعن في عدم دستورية قانون الانتخابات.
قلت: إذا حدث ذلك فهل معني هذا أن الطعن يؤثر في قانون الانتخابات الرئاسية الذي أقره مجلس الشعب؟
قال ممدوح شاهين: لدينا سوابق عديدة وقرارات مجلس الشعب محصنة ولا تجيز بطلان ما اتخذ من قرارات سابقة، ولكن الأمل كبير في أن يستمر مجلس الشعب في أداء مهامه.
قال المشير: أيا كان الأمر، لا بديل عن تسليم السلطة في موعدها للرئيس المنتخب.
قلت: الموقف غامض، والناس قلقون في الشارع، وكلام الفريق عنان عن احتمال فوز مرسي أو أبو الفتوح يقلق، ويجب أن يؤخذ مأخذ الجد، فلماذا لا تتحدث للشعب المصري، أنت لك فترة طويلة لم تخاطب الشارع.
قال المشير: أنا موش عاوز ومبحبش الكلام
قلت: الاستاذ محمد حسنين هيكل أبلغني برسالة أبلغها لك
قال: خير
قلت: يطلب منك أن تتواصل مع الجماهير من خلال الأحاديث التليفزيونية والصحفية.
قال: اتكلم فين؟!
قلت له: أي مكان تريد، التليفزيون المصري أو الفضائيات وبعد جدل طويل اقنعت المشير بإجراء حوار تليفزيوني للتليفزيون المصري وعدد من الفضائيات.
قال: أنا موافق، مين حيعمله معاك.
قلت: أنا اقترح ياسر رزق.
قال: وكمان صلاح منتصر
قلت له: ياريت
قال: خلاص نتفق علي إجراء الحوار فورًا، يوم السبت 21 أبريل الساعة 7 بنادي الجلاء، ودلوقتي انزل مع سيادة الفريق سامي، واتفقوا علي النقاط والمحاور الرئيسية للحوار..
انصرفنا من مكتب المشير إلي مكتب الفريق سامي عنان
قال لي الفريق: جميل إنك اقنعت سيادة المشير، لقد حاولنا جميعا في المجلس العسكري ولم نتمكن من اقناعه بالحديث.
قلت: أعرف إن المشير عازف عن الحديث، وأتمني أن يحدث اللقاء المنتظر.
جلسنا سويا لأكثر من ساعة، اتفقنا علي المحاور الرئيسية، ثم ارسلها الفريق إلي اللواء يسري زكي مدير مكتب المشير..
خرجت من مبني وزارة الدفاع، اتصلت بالزميل ياسر رزق فوافق علي الفور، ثم اتصلت بالاستاذ صلاح منتصر، وقال إنه يريد فرصة للتفكير، وما أن وصلت ميدان العباسية حتي وجدت اللواء يسري يحدثني هاتفيا ويقول 'المشير يطلب منك تأجيل موعد الحوار وسيتصل بك لابلاغك بالموعد الجديد.
في هذه اللحظة تأكدت أن المشير لن يجري الحوار علي الاطلاق وقلت لن أفتح هذا الموضوع مرة أخري معه، وانتهي الأمر عند هذا الحد.
كان الحديث عن قرب حل مجلس الشعب يتردد في الكثير من الأوساط السياسية والشعبية والقضائية خاصة بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي العجاتي والذي قضي بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخاب مجلس الشعب وانتفاء شرط المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وإحالة الحكم الصادر إلي المحكمة الدستورية العليا.
عقد مكتب الارشاد اجتماعا خصص لسبل التعامل مع هذا الحكم ودراسة مخاطر احتمال صدور حكم من الدستورية يقضي بحل البرلمان، دار حوار مطول بين أعضاء المكتب والمرشد تم الاتفاق فيه علي التحرك السريع لمواجهة تداعيات هذا الحكم.
في هذا الوقت طلب وفد مكون من خيرت الشاطر ومحمد مرسي الالتقاء بالمشير طنطاوي، ووافق المشير علي اللقاء، وحضر الوفد في الموعد المحدد.
استقبل المشير وفد جماعة الإخوان في حضور عدد من أعضاء المجلس العسكري، وكان محمد مرسي هو أول المتحدثين.
قال مرسي: لقد جئنا إليك سيادة المشير باحثين عن حل للأزمة الاقتصادية الراهنة، نحن نعرف أن معدلات النمو قد تراجعت، وأن الجيش قد دعم الدولة بالمليارات، ولكن استمرار الأحوال بهذه الطريقة سيؤدي إلي انهيار اقتصادي كبير، ويدفع الناس إلي التمرد وإحراق البلد.
قال المشير: وماهي مقترحاتكم التي طلبتم ابلاغها؟!
قال مرسي: لقد اتفقنا علي توفير مبلغ 200 مليار دولار كاستثمارات من الخارج تضخ إلي الخزانة المصرية علي الفور، وستنعش الاقتصاد، وتحسن مستوي دخل المصريين وتحدث طفرة كبيرة في البلاد.
قال المشير: والله ده اقتراح رائع، وإيه المانع؟!
قال محمد مرسي: هذا لن يتم إلا بتولي المهندس خيرت الشاطر رئاسة الحكومة وإعادة تشكيلها من رجال متخصصين.
قال المشير: يعني حكومة من الإخوان!!
قال خيرت الشاطر: القضية ليست إخوان أو غير إخوانا يا سيادة المشير، البلد علي حافة الانهيار ونحن نبحث عن حلول ناجحة، ليس معقولاً أن نستجلب مليارات من الخارج، ثم تبددها حكومة الجنزوري التي لا نثق في أدائها.
قال المشير: لقد كنتم من أنصارها حتي وقت قريب، بل أنتم أيدتم ترشيح الجنزوري لرئاسة الحكومة منذ البداية!!
قال مرسي: كان ظننا بها حسنا، ولكن للأسف المم
ارسات كشفت عن الكثير من أوجه القصور، نحن علي ثقة من أن تشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس خيرت الشاطر سيؤدي إلي تحقيق انجازات كبري، ومبلغ ال 200 مليار دولار جاهز ياسيادة المشير، ولكن لا أحد يريد أن يستثمر في ظل وجود هذه الحكومة.
قال المشير: طالما أنتم جادون في هذا العرض، فأنا لا أستطيع أن أرفضه، ولكن قرار تشكيل حكومة برئاسة خيرت الشاطر هو قرار خطير ستكون له ردود أفعال عديدة، ولذلك أنا لا أستطيع أن اتخذ هذا القرار وحدي، أنا سأشكل لجنة من تسعة من أعضاء المجلس العسكري للاجتماع مساء اليوم لمناقشة العرض وإبلاغي بالقرار الذي سيجري الاتفاق عليه.
انتهي الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة، قرر المشير بعدها تشكيل لجنة من تسعة من أعضاء المجلس، وطلب منهم دراسة العرض جيدًا، وإبلاغه بالنتيجة صباح غد.
وفي مساء ذات اليوم اجتمع أعضاء اللجنة المكلفة وظلوا مستمرين في اجتماعهم حتي وقت متأخر من المساء، وكل منهم أدلي برأيه وفي نهاية الاجتماع تم التصويت علي القرار.
في صباح اليوم التالي وقبل أن يصعد المشير إلي مكتبه قام بالمرور علي مكتب اللواء ممدوح عبد الحق عضو المجلس وأحد أعضاء اللجنة.
سأله: ماذا فعلتم؟
قال اللواء ممدوح: ناقشنا العرض حتي وقت متأخر من المساء.
قال المشير: والنتيجة ايه؟
قال اللواء ممدوح: خمسة وافقوا علي تولي الشاطر تشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة وأربعة رفضوا العرض.
أبدي المشير دهشته وقال: وأنا صوتي بكام؟!
قال اللواء ممدوح: سيادتك المرجح لأي قرار.
قال المشير: لازم يعرف الجميع، طول ما أنا موجود علي رأس المجلس العسكري أنني لن أسمح للإخوان بتشكيل الحكومة أو حتي أن يكون لهم وجود بداخلها، هذا العرض مرفوض، والقوات المسلحة لن تسمح بانهيار البلد، ونحن لن نقبل بتشكيل الإخوان للحكومة ولو كان المقابل ألف مليار وليس مائتي مليار.
.. صعد المشير إلي مكتبه، كان غاضبًا، وطلب إبلاغ الدكتورمحمد مر
سي برفض المجلس العسكري للعرض الإخواني، وإغلاق هذا الملف نهائيا.
أدرك الإخوان أن المشير يقف عقبه أمام تشكيلهم للحكومة، فسعوا إلي التصعيد ضد الدكتور الجنزوري، واتهموا المجلس العسكري بمساندته ودعمه في مواجهة مطالب الإخوان.
في هذا الوقت أجري المذيع الإخواني أحمد منصور حديثا مع رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني ثم بثه علي شاشة قناة الجزيرة مساء الأربعاء 25 أبريل 2012 وفي هذا الحوار شن الكتاتني هجومًا شديدًا ضد الجنزوري ووجه إلي حكومته انذارا شديد اللهجة وقال 'إنني أمهل الحكومة موعدا لا يتجاوز الأحد 29 ابريل 2012 لكي تقدم استقالتها، وإذا لم تقدم هذه الاستقالة فيجب علي المجلس العسكري أن يقيل هذه الحكومة، وإلا فإن البرلمان سوف يبدأ بعد هذا اليوم إجراءات سحب الثقة منها، وهدد بأن المجلس لن يتعامل معها أبدًا.
وفاجأ الدكتور الكتاتني الرأي العام برواية غير صحيحة 'إذ أعلن أن الجنزوري هدده خلال لقائهما مع الفريق سامي عنان بأن قرار رحيل مجلس الشعب موجود في درج المحكمة الدستورية، ومن الممكن أن يصدر في أي وقت'.
كانت تلك هي المرة الأولي التي يكشف فيها النقاب عن اللقاء الثلاثي الذي جري يوم 22 مارس، وحاولنا تكتم أمره بعيدا عن الصحافة ووسائل الإعلام، لكن الأخطر من ذلك هو قول الكتاتني 'إنه لا يعتبر هذا الأمر تهديدًا من الجنزوري وإنما استقواء منه بالمجلس العسكري.
وفي مساء ذات اليوم حدثني الدكتور الجنزوري عن تفاصيل هذه المقابلة التي لم أكن قد شاهدتها، وقال لي : 'إن ما ردده الكتاتني في هذه المقابلة عن تهديده بحل مجلس الشعب غير صحيح، ثم دعاني إلي اللقاء يوم الجمعة 27 أبريل للمشاركة في لقائه 'مع الاتحاد العام لعمال مصر الذي كنت قد أعددت له'.
وفي هذا اللقاء أكد الجنزوري مرة أخري نفيه لما أثاره الكتاتني وقال 'إن ما تحدث به أمر لا يقبله عقل أو منطق وأنا استشهد في ذلك بالفريق سامي عنان، الذي كان قد نفي لي حدوث ذلك جملة وتفصيلاً.
في الثامن والعشرين من ابريل تم عقد الاجتماع الرابع للاحزاب الممثلة في البرلمان وبعض النواب المستقلين مع المشير طنطاوي والفريق عنان وعدد من أعضاء المجلس العسكري لبحث آخر تطورات الموقف بالنسبة لتشكيل الجمعية التأسيسية.
حذر المشير في بداية اللقاء من خطورة عدم انجاز الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، وقال للحاضرين: 'أنا اسألكم ماذا فعلتم، وهل انجزتم وما وعدتم به في المرة الماضية؟'.
وفي هذا الاجتماع الذي استمر ساعات طوالا جري بحث النقاط الخلافية وتفاصيل الاجتماعات التي أجرتها بعض الأحزاب في أحد فنادق القاهرة للاتفاق علي صيغة تشكيل الجمعية التأسيسية.
وتحدث حسين إبراهيم ممثل الأكثرية الإخوانية في البرلمان وقال 'إن الجمعية التأسيسية هي وحدها التي ستحسم وضع الدستور، ولا يجب العجلة بغض النظر عن انتخابات الرئاسة، بل علينا أن ننتهي أولا من تشكيل الجمعية التأسيسية.
وهنا قال المشير: ليس لدينا وقت، وأنا لا أريد أن ألجأ إلي أي وسيلة أخري لتشكيل الجمعية التأسيسية.
وكان المشير يقصد بذلك التهديد باستخدام سلطته في إصدار اعلان دستوري ملحق بالمادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011.
كنت أتابع الموقف عن كثب، وأدون كلمات المتحدثين حرفيا، حيث ثار جدل كبير بين المشاركين في هذا الاجتماع، بينما كان المشير ينصت بصبر غريب لمحاولات الاستفزاز التي كان يصطنعها مندوبا الإخوان عصام العريان وحسين إبراهيم.
عندما تحدثت وقلت 'إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يتراخي في إصدار بعض القرارات التي يمكنها أن تحسم الأمور وتضع حدًا للمراوغة في تشكيل الجمعية التأسيسية وأن المجلس العسكري يتحمل مسئولية ما آلت إليه الأوضاع، وجدت المشير يخرج من هدوئه المعتاد وشعرت أن صبره قد نفد عندما قال 'أنا أعرف مسئولياتي جيدًا، وأعرف رأيك الذي قلته في الفضائيات أكثر من مرة، ولكن أريد أن أقول لك وللجميع إنني عندما اتخذ قرارًا اتخذه بوعي وحرص شديد وأراعي فيه مصالح مصر والمصريين'.
وقال المشير: 'أنا أعرف تاريخ هذا الشعب من أيام رمسيس حتي الآن، هذا شعب عظيم، صاحب حضارة، ولا يمكن أبدًا أن ننسي مواقفه.
وقال: 'أنا اختلف مع الذين يتهمون الشعب المصري باتهامات غير صحيحة، هذا كلام كذب وغير صحيح الشعب المصري شعب يعرف دوره، ونحن معه ونعمل لأجله ولا يمكن أن نيأس أو نتردد، بل سنعمل حتي اللحظة الأخيرة لصالحه ولتفويت المؤامرة التي تستهدفه'.
وقال المشير: أريد أن أطمئنكم أن قواتكم المسلحة ستبقي وفية لهذا الشعب، وهي تتحمل من أجله الكثير، لقد استشهد لنا كثيرون في الحرب دفاعا عن مصر، وتحملنا الكثير منذ ثورة 25 يناير من أجل الشعب، ولكننا سنظل نحافظ علي البلد مهما أساء إلينا البعض، أنا أقرأ علي الحوائط بعض الكلمات التي تسيء إليّ شخصيا وإلي القوات المسلحة، ولكننا أبدًا لن نتخلي عن هذا الشعب، وضباطنا وجنودنا في قمة الانضباط والشعور بالمسئولية، لأنهم وطنيون ومنضبطون ويعرفون قيمة هذا البلد العظيم ومستعدون للتضحية من أجله بكل شيء.
وقال أنا حسين طنطاوي مصري ابن مصري، واعرف مسئولياتي، وأنا أعرف جيدا ماذا أفعل ومتي أتدخل، ومتي أصدر القرار، يطالبني البعض بالتدخل وحسم الأمور، وأنا أقول لكم، من يعرف أبعاد المؤامرة علي مصر، ومن يتولي المسئولية في هذه الظروف الصعبة، عليه أن يتصرف بحكمة وغدا ستعرفون معني هذا الكلام، أسهل شيء أن أتدخل، ولكن اسألوا أنفسكم عن ردود الفعال الداخلية والخارجية حال حدوث ذلك.
وقال: لقد أخذنا علي أنفسنا في القوات المسلحة عهدًا يتماشي مع عقيدتنا الوطنية بأن نحمي هذا الشعب وأن نتحمل كل التجاوزات، ولن نطلق رصاصة واحدة علي أحد، لأن ذلك لو حدث لا تقولوا لي ليبيا أو سوريا، بل سيكون الموقف أخطر ومصر مستهدفة، وكلكم تعرفون ذلك.
وقال المشير: ليس أمامكم إلا أن تتوافقوا الآن مصر تحتاج إلي جهد الجميع، لا نريد أن نصوم ونفطر علي بصلة، نريد أن يفطر المصريون علي 'تورتة' تليق بهم وبتاريخهم.
وقال: أنا أحدثكم من القلب وأقول لكم، حافظوا علي مصر، مصر حتضيع، إن لم نحافظ عليها ونتصرف بحكمة، أنتم لا تتخيلون يا سادة لو ضاعت مصر إيه اللي كان ممكن يحدث، لن يكون هناك فائز ولا مغلوب بل مصر هي التي ستعاني، وشعبها هو الذي سيدفع الثمن.
وقال: إن كل أمنياتنا في القوات المسلحة هي أن نعبر لبر الأمان، ليس لدينا مطامع خاصة، ونريد أن نسلم السلطة لرئيس منتخب في 30 يونيو المقبل، ساعدونا علي أن نحقق حلم المصريين، أنا لدي ثقة كبيرة أننا سنعبر لبر الأمان، نحن لا نعرف اليأس، مصطفي كامل قال في يوم ما بعد أن شعر بالاحباط وحدة الأزمات 'لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس'.
الموقف نفسه وقفه سعد زغلول الذي قال 'الحق فوق القوة، نعم الحق سينتصر مهما كانت الصعوبات وهناك كثيرون قالوا نفس الكلمات في فترات تاريخية متعددة، ونحن لن نيأس.
وقال المشير: أرجوكم لا تحبطوا ولا تيأسوا، ولو كان الأمر كذلك، لكان من باب أولي أن أكون أنا أول المحبطين، ولكنني لن أترك المسئولية ولن أترك مصر إلا منتصرا أو شهيدا، فالوطن في دمي كما هو في دمائكم، وأنا لا أريد شيئا سوي حماية مصر للعبور من هذه العاصفة الخطيرة.
وقال المشير: لقد نصحني البعض وقالوا لي اية اللي دخلك في المشكلة دي، ولماذا تركت البعض يتطاول عليك، وعلي القوات المسلحة، وقالوا هذا شعب فيه وفيه، فقلت لهم 'أنتم لا تعرفون شعب مصر، هذا شعب عظيم وأنا احترمه، وحتما سيتوحد ويخرج بلاده من أزمتها.
وقال 'صدقوني أنا لا أتكلم كلاما رومانسيًا، أنا اتكلم من القلب وللقلب'.
وقال المشير: لم يعد لدينا وقت وأنا أريدكم أن تتفقوا، عاوزين بلدنا تقف علي رجليها، عاوزين شعبنا يشعر بالتغيير للأفضل، فقط نريد أن نحافظ علي مصر متماسكة، لأن البديل خطير.
وقال 'نحن لا نأخذ قراراتنا في الجيش إلا بعد نقاش طويل، والقرارات تكون دائما لمصلحة مصر وليس لمصلحة أحد آخر، نحن لا نريد أن نتكلم، ولكن حتما سيأتي يوم تعرفون فيه الدور الحقيقي للقوات المسلحة، نحن لا نمن علي أحد، هذا البلد وهذا الشعب له في رقابنا دين كبير، ونحن أبناؤه وسنبقي مخلصين له حتي اليوم الأخير.
وقال: أحيانا يأتيني البعض ويقول لي: لماذا تصمت علي المظاهرات التي تسيء إليكم وتتطاول علي القوات المسلحة؟ وكنت أقول: لهم من المستحيل أن ننجر إلي الصدام مع أبناء شعبنا مهما حدث من تطاول، لأننا نعرف الشعب المصري وأصالته وتاريخه، وقلت لهم سأتحمل كل شيء وأدعوكم أن تتحملوا معي.
وقال المشير: البعض كان يتهمنا بالضعف والتردد وكنت أقول لهم 'غدا ستعرفون أن ما ترونه ضعفا سترونه غدا قوة وحكمة في إدارة الأمور، وقلت لهم لن يستطيع أحد أن يدفعني إلي أي تصرفات قد تدفع مصر ثمنها غاليا.
وبعد أن أنهي المشير كلمته، ساد الصمت بين جميع الحاضرين وبدأنا النقاش مجددًا، وتم الاتفاق في نهاية الاجتماع علي أن يقوم رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة بدعوة مجلسي الشعب والشوري للانعقاد لاختيار الجمعية التأسيسية وفقا للقانون وفي ضوء ما تم الاتفاق عليه بين الأحزاب بخصوص طريقة وآلية تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، واتفقنا علي الانتهاء من وضع الدستور قبل إجراء انتخابات الرئاسة المقررة في 23 و 24 مايو 2012.
غير أن جماعة الإخوان كان لها مخطط آخر، فقد اجتمعت اللجنة التشريعية في مجلس الشعب يوم 29 أبريل 2012 ورفضت الاتفاق الذي أبرمته الأحزاب مع المجلس العسكري، وبدأت حملة الهجوم داخل البرلمان تتهم الجيش بالتدخل في أمور هي من صلاحيات اللجنة المكلفة من قبل مجلس الشعب لوضع معايير تشكيل الجمعية التأسيسية.
بعدها مباشرة جري تشكيل لجنة من البرلمان التقت بالمشير طنطاوي والفريق عنان وعدد من أعضاء المجلس في العاشرة من صباح الأحد 6 مايو 2012، وبعد انتهاء الاجتماع دعينا إلي اجتماع للجنة العامة للمجلس للاطلاع علي فحوي اللقاء والذي كان أبرز نتائجه تأكيد المجلس العسكري تسليم السلطة في موعدها المحدد وضرورة وضع الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
وقد قوبل موقف المجلس العسكري برفض شديد من غالبية أعضاء اللجنة العامة لمجلس الشعب وتم رفض أن يصدر المجلس العسكري إعلانا دستوريا يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية حال الفشل في انجاز الدستور قبل انتخابات الرئاسة.
وعاد الموقف مجددًا إلي نقطة 'الصفر' واستمرت جماعة الإخوان تراوغ وتحاور وتناور دون الوصول إلي نتيجة محددة، فقط ركزوا هدفهم في هذا الوقت علي إجراء تغيير في حكومة الجنزوري بعد أن فشلوا في اقالتها.
وقد حدثني الجنزوري في لقاء معه صباح الاثنين 30 أبريل 2012 عن مضمون اللقاء الذي حدث بينه وبين المشير طنطاوي والفريق سامي عنان والذي استمر من الساعة الثانية والنصف إلي الساعة الرابعة من عصر اليوم السابق 29 أبريل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.