أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن هناك العديد من المظاهر المميزة في مصر علي مر التاريخ لاستقبال شهر رمضان الكريم، بدءا من يوم رؤية الهلال وطوال أيام الشهر المبارك، حيث كان يخرج قاضي البلاد لرؤيه هلال رمضان بصحبة القضاة ويتوجه إلي جامع محمود 'مندثر الآن ' بسفح جبل المقطم، يجلسون علي دكة مرتفعة تعرف بدكة القضاة لرؤية هلال رمضان، مشيرا الي أن من أول هؤلاء القضاة القاضي غوث المتوفي عام 68ه وقد أكد علي رؤية هلال رمضان بنفسه وسمع البينة وكذلك قاضي مصر الفقيه المالكي أبو الذكر محمد بن يحيي الأسواني عام 311ه. وأوضح ريحان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - أنه بعد سقوط الدولة الفاطمية أصبحت الاحتفالات برؤية هلال رمضان سمة كل عام، ففي آخر ليالي شعبان يوفد إلي الصحراء عددا من الرجال لمحاولة رؤية الهلال ويسير موكب المحتسب من القلعة إلي بيت القاضي يتبعه مشايخ الحرف والجنود والمنشدون والموسيقيون ويمكثون عند بيت القاضي حتي يعود أحد ممن أوفدوا لمشاهدة الهلال أو يتقدم ممن يؤكد رؤيته بعدها ينطلق الموكب فيتفرق إلي جماعات تجوب المدينة وهي تقول ' يا أمة خير الأنام غداً صيام صيام حكم من شيخ الاسلام '. وأضاف أن مئذنة مدرسة السلطان المنصور قلاوون بالنحاسين ارتبطت برؤية هلال رمضان في العصر المملوكي، ففي ليلة الثلاثين من شهر شعبان عام 876ه توجه قضاة القضاة إلي رؤية هلال رمضان بالقبة المنصورية علي العادة، وبعد رؤية الهلال نودي في الناس أن غداً بداية شهر رمضان وأرسلوا ليعلموا بذلك السلطان، وكانت النساء يخرجن في ليلة الرؤيا ولا يستطيع أحد منع زوجته من الخروج في هذه الليلة، واشترطت الزوجات عند الزواج أن يكون لهن حق الخروج من بيت الزوجية في هذه الليلة، وقد جرت العادة أن تحمل الفوانيس علي البغال أمام وخلف ركب الملوك حين يسيرون في ليالي رمضان. من جانبه.. أشار الباحث الأثري أبو العلا خليل الي أن من عادة الخلفاء الفاطميين في القرن الرابع الهجري عند مرورهم أمام الشعب في المواكب أن يحمل أحد الموظفين كيساً من الحرير مملوء بالدنانير الذهبية لتوزع في الطريق الذي يجتازه موكب الخليفة علي الرجال والنساء والقرّاء الذين يقرؤن القرآن علي جانبي الطريق، كما كانت هناك كسوة تفرق علي أهل الدولة وعلي أولادهم ونسائهم، وكان الموكب يتجمع حول أحد الشموع الضخمة التي يجرها الأولاد علي عجلات وقد أمسك كل منهم بفانوسه وهم يغنون بأغنيات دينية جميلة ويطوف الموكب المضئ دروب البلد وأزقته من بعد المغرب حتي موعد صلاة العشاء والتراويح حتي إذا ما جاء وقت السحور خرج المسحراتي يدق الأبواب وينادي علي أصحاب البيوت. وأضاف أبو العلا خليل أن صلاة التراويح أقامها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأمر الناس بها في شهر رمضان سنه14ه، وكان هناك صاريا من الخشب بأعلي مآذن القاهرة القديمة لتعليق القناديل في شهر رمضان وكانت العادة بأن تظل موقده طوال ليل رمضان فإذا ما أطفئت علم الناس أنه بداية يوم الصوم وعليهم بالامتناع عن الطعام والشراب.