كتاب 'مُحمّد مُشتهَي الأُمم' يعد أهم موسوعة علمية تضم شهادات كبار فلاسفة الغرب وعلمائه حول عظمة الإسلام ونبيه. حيث عرض -المؤلف- كمالات الشخصية المحمدية بمنهج جديد عن طريق دراسة وتحليل مؤلفات مشاهير الغربيين الذين أنصفوا خاتم الأنبياء، ورأوا فيه مثالاً للكمال والعبقرية والعظمة، التي لم تشهد البشرية لها مثيلاً. هذا الكتاب لمؤلفه الباحث/ محمد عبد الشافي القوصي، صدر عن مكتبة مدبولي الصغير بالقاهرة، في مجلد يقع في 300 صفحة من القطع الكبير، اتبع المؤلف الرؤية العلمية، ذات المنحي العقلاني في طرحه، لإبراز فضل النبي الخاتم علي الدنيا، وما قدّمه للإنسانية من عطاء في مختلف الميادين العلمية والحضارية والاقتصادية والاجتماعية. وقد استعرض الكتاب موقف الإسلام من قضايا الحرية وحقوق الإنسان والرق والمرأة، وحرية العقيدة، وحرية الرأي، وحرية الفكر. وكيف كان للإسلام السبق في هذه الميادين. كما استعرض الأوضاع الاقتصادية والسياسية من المنظور الإسلامي. فنقل شهادات المشاهير أمثال: ادوارد رمسي، وفولتير، وكويليام، ولايتنر، ولامارتين، ومارجليوث، وجولد تسيهر، وبرناردشو، وبونابرت، وجوته، واللورد هدلي، والسير بودلي، وإرنولد توينبي، وسيجريد هونكة، وآن ماري شيمل، ورودي بارت، ونولدكه، وجارودي، ودُرّاني، وهوفمان، وباول شيمتز، ومايكل هارت، وديكارت، وجان جاك روسو، وولتر، وليبون، ومونتيه، وجيمس متشنر، وتولستوي، وسنكس، وكارلايل، وبرنارد لويس، وأدموند بيرك، وهامفري بريدو، ومونتجمري وات، والقس لوزان، والقس ميشون، والقس بوش، وهانز كونج، وكارين أرمسترونج، وريتشارد جابريل، وغيرهم من عباقرة الغرب وفلاسفته. وقد أفصحت عن ذلك المستشرقة الألمانية 'أنا ماري شمل' Annemari Schimmel '1922-2003' في كتابها 'مُحمّد رسول الله' بقولها: 'إن الحضارة التي رسم معالمها نبيّ الهُدي والسلام لهي جديرة بانتشال العالم من وطأة الصراع السياسي والأيديولوجيات التي تستغل الإنسان أسوأ استغلال، وقيادته إلي بر الأمان علي سُنة تحية 'السلام' التي صارت شعاراً له'. معجزة الإسلام الخالدة من ضمن الموضوعات التي حواها الكتاب، موضوع معجزات الأنبياء، ومعجزة الإسلام الخالدة وهي 'القرآن الكريم' فيتساءل -المؤلف- أليس في ظهور هذا الكتاب علي لسان 'أُميّ' أعظم معجزة وأقوي حُجّة وأدلّ برهان علي أنه ليس من صنع البشر، وإنما هو النور المنبعث عن شمس العِلم الإلهي، والحُكم الصادر عن المقام الرباني! ويستشهد بما قاله فيليب حتي: 'إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، ثم إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يُقلّد، لأنه إعجاز إلهي، فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبري.. وهو الذي حفظ اللغة العربية وصانها من أن تتمزق إلي لهجات'. وما قاله العالم اللغوي Hanna john في كتابه 'قصة الإنسان Human story': 'إنه لابد من الإقرار بأن القرآن –فضلاً عن كونه كتاب هداية وتشريع- فهو أيضاً دستور خالد للفصحي، ولطالما يعود إليه أئمة اللغة في بلاغة الكلمة وبيانها، سواء كانوا هؤلاء الأئمة مسلمين أم مسيحيين، وإذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية لغة القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزّلاً ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضاً بهذه الصوابية، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصي عليهم أمر من أمور اللغة'. وما حدث لبلغاء قريش في الماضي من الخشوع والانحناء أمام الإعجاز النفسي والغيبي، تكرر بالمثل مع المفكر الإنجليزي الشهير وليم بيرشل بيكارد w.B.Beckard الذي يحكي تجربته قائلاً: 'اشتريتُ نسخة من ترجمة فرنسية لمعاني القرآن، فصارت عندي أغلي ما أملك، لأني لقيتُ من مطالعتها أعظم متعة، وابتهجتُ بها كثيراً، حتي غدوتُ وكأن شعاع الحقيقة الخالد قد أشرق عليّ بنوره المبارك'. وقد أكد صاحب كتاب 'حضارة الإسلام' المستشرق جرونباوم Grunbaum في القرن العشرين، ذات المعني، فقال: 'القرآن ظاهرة لم يسبق لها مثيل في اللسان العربي، وليست آياته مما يستطع نبيّ أن يخترعها، بلْ هي –إنْ جاز هذا القول- الصورة العربية لكلمة الله نفسه، ولا يستطيع مُحمّد أن يضيف إليه كلمة واحدة، أو يلغي منه كلمة واحدة'. ومن أجل هذا أعلن العالم الألماني كارل إيرنستErnst Karl 'أنّ القرآن هو المصدر الأول والأرفع ليكون معيار السلوك القويم، لأنّه كلام الله'. لأنه 'المعجزة الكبري والدليل القاطع علي صِدق النبوّة الخاتمة –كما تقول آنا ماري شميل Annemarie Schimmel في كتابها 'حياتي الغرب شرقية'. وأبلغ من ذلك ما أكده صاحب كتاب 'فهْم الإسلام' المستشرق الفرنسي –المتخصص في شرح العقائد الشرقية- فريثجوف شيون frithjon Schuon إذْ يقول: 'ولابد للقارئ إذا أراد أن يفهم رسالة القرآن أنْ يذكر أنه كتاب فرائض وكتاب إقناع وكتاب هداية، وأنّ الإعجاز فيه لا يرجع إلي فصاحة اللفظ وحدها ولا إلي نسق البيان وحده، ولكنه يرجع إلي إيحاء اللفظ وإيحاء البيان بما يعجز كلّ كلام 'غير إلهي' عن الإيحاء بمثله'. وفي هذا العصر 'عصر العلم' ومع ظهور الاكتشافات العلمية المختلفة، وقف العلماء الغربيون أمام آيات القرآن مشدوهين ومبهورين.. وخرّوا ساجدين أمام الفيوضات الإلهية والحقائق الكونية التي أخبر عنها الكتاب المجيد الذي نزل في بيئة أُميّة بدوية، قبل 14 قرناً من الزمان! أوَلمْ يتوصّل علماء الطبيعة الفلكيةAstro.physicists طبقاً لقوانين الجاذبية، وبناء علي قانون الفلك، أنه سوف يأتي القمر قريباً من الأرض مرة أخري، ويرون أنه عند وقوع هذا، فسوف ينشق القمر، وسوف يتناثر حول فضاء الأرض في صورة حلقة.. أليستْ هذه النظرية من أعظم موافقات العلم لتلك النبوءة الواردة في القرآن الكريم، حول انشقاق القمر، حين تقترب القيامة، لقوله تعالي: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ القَمَرُ. وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ [القمر: 1-2]. وقد أخبر القرآن عن عِلْم 'الجيولوجيا' وأسرار طبقات الأرض، فجاء أكثر من مرة أن الجبال أُرسيت في الأرض حِفاظاً علي توازنها، من ذلك قوله تعالي: وَأَلْقَي فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ [لقمان:10]. وظل العِلم جاهلاً بهذه الحقيقة طوال القرون الماضية، لكن دارسي الجغرافيا الحديثة يعرفونها جيداً تحت اسم 'قانون التوازن' Isostasy ولا يزال العلم الحديث في مراحله البدائية بالنسبة إلي أسرار هذا القانون، يقول البروفيسور فان إنجلن Englin: 'من المفهوم الآن أن المادة –الأقل وزناً- ارتفعت علي سطح الأرض، علي حين أصبحت أمكنة المادة الثقيلة خنادق هاوية، وهي التي نراها الآن في شكل البحار، وهكذا استطاع الارتفاع والانخفاض أن يحافظا علي توازن الأرض'. ويقول العالم الفلكي جيمس جينز james jeans–الأستاذ بجامعة كمبردج، وصاحب كتاب 'النجوم في مسالكها'- الذي كانت ترتعد يداه، وتنهمر الدموع من عينيه، ويهتز قلبه من هيبة الله وجلاله، عندما يلقي محاضرة عن الأجرام السماوية ونظامها، وطرقها ومداراتها، وجاذبيتها، وطوفان أنوارها المذهلة، وهذا الذي دعاه أن يعلن إسلامه علي الملأ، عندما سمع قوله تعالي: وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَي اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ [فاطر:27-28]. حيث ملكته الدهشة والرهبة والغرابة، وصاح يقول: من أنبأ 'مُحمّد' بهذا وهو الأُميّ، إنه لا يمكن أن يكتشف هذا السر بنفسه، ولكنّ الله هو الذي أخبره به. وجاء في القرآن الكريم أيضاً- أنه قد مضي علي الأرض زمن طويل سوّاها الله خلاله، قال تعالي: وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا [النازعات:30-31]. وهذه الآية الكريمة تطابق مطابقة عجيبة أحدث الكشوف العلمية، وهو 'نظرية تباعد القارات' أو انتشارها Theory of Drifting Continents حيث نري في هذه النظرية أن جميع القارات كانت في وقت ما أجزاء متصلة، ثم انشقت وبدأت تتقاذف أو تنتشر من تلقاء نفسها، وهكذا وجدت قارات تحول دونها بحار واسعة. وقد طُرِحت هذه النظرية في العالم لأول مرة عام 1915 حين أعلن خبير طبقات الأرض الألماني ألفريد واجنر Alfred waagner أنه لو قربت القارات جميعاً، فسوف تتماسك ببعضها. وهناك شبه كبير يوجد علي سواحل البحار المختلفة، كأن نجد جبالاً متماثلة عمرها الأرضي واحد، وكأن نجد فيها دواباً وأسماكاً ونباتات متماثلة أيضاً! وهذا ما دفع عالم النباتات البروفيسور رونالد جود Ronald good في كتابه جغرافية نباتات الزهور Geography of flowering plants إلي أن يقول: 'لقد اتفق علماء النباتات علي النظرية القائلة بأنه لا يمكن تفسير ظاهرة وجود نباتات متماثلة في مختلف قارات العالم، إلا إذا سلّمنا بأنّ أجزاء الأرض هذه كانت متصلة بعضها ببعض في وقت من الأوقات'. وهناك الكثير من الحقائق العلمية والكونية التي أخبر عنها القرآن الكريم، والتي تجاوزت ألف آية علمية صريحة، منها ما يتحدث عن عِلْم الفلك، وعِلْم الفيزياء، وعلم البحار، وعلم طبقات الأرض، وعلم الأغذية، وعلم النبات وأسرار الطبيعة، وغيرها. وقد آمن بحقيقة القرآن الكريم العالم الأمريكي jelly Sumson فقال: 'إنّ الوحي القرآني يمكنه أن يقود مسيرة العِلْم في العصور المقبلة'. بل إن الفيلسوف والباحث رينيه غينيوR. Jinyu استهلّ كتابه 'رسول الدنيا world prophet' بقوله: 'لقد أردتُ أن أستعصم بنص إلهي مقدّس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, فلم أجد بعد الدراسة الطويلة العميقة المضنية سوي القرآن الكريم, فهو الكتاب الوحيد الذي أقنعني وأمّنّ علي ما في قلبي. ورسول الإسلام هو الرسول الذي أحببته وسعدتُ بالسير تحت لوائه, وغمرتني أقواله وأفعاله بالسعادة النفسية والسكينة الروحية. ولولاه e لغرقتْ الإنسانية في بحار المادية والإلحاد والانحلال الخُلُقي والدمار الروحي'. بعد استعراض عشرات القرائن والبراهين من شهادات الغربيين علي عظمة القرآن وإعجازه، يتساءل -المؤلف- أيّ برهانٍ علي النبوّة أعظم من هذا؟ أُميٌّ أتي بكتابٍ أعجز العالمين، وأتي بأخبار الأولين والآخرين! وقرر للعالم أجمع معالم الشريعة وأصول الدين، كما جاء بحِكَمٍ ومواعظٍ وآدابٍ وشرائعٍ تخضع لها القلوب، وتهشّ لاستقبالها العقول، وتنصرف وراءها الهِمم مسرعة في الخيرات بإذن الله.