لقد سطرت مقالا قبل قيام ثوره ميدان التحرير بأيام قليله وبالتحديد يوم 17/2/2011 بعد ثلاثة ايام من فرار الرئيس التونسي "بن علي" بعنوان "ملاحظتان حول احداث تونس" وكانت الملاحظه الاولي انني شاهدت علي شاشة احدي القنوات التلفزيونيه لقطات لايام عز الرئيس الفار "بن علي" , حيث ظهرت علي الشاشه فئه من الشعب تلوح بالاعلام الحمراء حتي كلت اياديهم من التلويح في مناسبة كثيره , كما بثت القناه التلفزيونيه خطب واشعار واغاني للكتاب والمطربين وغيرهم من الذين يسبحون بحمد "بن علي" ويضفون عليه كل الالقاب والصفات الجليله والتي تجعل منه نصف نبي , بل نصف اله , ثم انتقلت القناه الي نفس اولئك النفر بعد الفرار الكبير للرئيس "بن علي " وهم يلعنونه ويصفونه بما فيه وما ليس فيه ويذكرون جرائمه التي ارتكبها في حق شعبه ويضيفون اليها من باب " وطنيتهم التي استيقظت فجأة !!" مالم يرتكبه وتسائلت سؤالا استنكاريا لماذا يفعل ذلك النفر المنافقون ذلك ؟! , ولم يجب احد لان الكل - بدون شك - يعرف الجواب . تذكرت هذا المقال الذي لم يمر عليه شهرا واحدا وانا اقلب صفحات الجرائد المسماه بالقوميه , واري رموزها وكتابها الكبار علي الشاشات في الثمانية ايام التي سبقت البيان الاول للرئيس سواء يوم بدأت الثوره او يوم الجمعه التي تلته , او كما يحلوا لي ان اسميه يوم "الزوبان العظيم " فخلال الثمانية ايام الاولي من اشتعال ثورة ميدان التحرير كانت اللغه واللهجه والنغمه التي تعلوا في الصحف المسماه بالقوميه في الاتجاه المضاد للثوره , وبعد خروج الرئيس علي شاشة التلفاز ليعلن مشروعية مطالب الشباب , من ساعتها تغيرت الامور في الصحف المسماه بالقوميه رويدا رويدا , حتي وصلت الي زروتها اليوم , فاضحي المواطن يقرأ الثلاث صحف الكبار فيعتقد انه يقرأ تلك الصحف " الكافره" , والتي كانت الصحف المسماه بالقوميه تصفها تاره بانها الصحف الغير قوميه او صحف المعارضه او الصحف الصفراء , تلك الصحف التي كانت متهمه بانها تضر بالامن الاجتماعي اذا تكلمت عن فساد احد المسئولين من ساداتنا الوزراء او معاونيهم , وتوصف بالعماله والخيانه اذا تكلمت عن الشأن الداخلي وعلاقتنا ببعض الدول الاخري , وفي بعض الاحيان تقوم تلك الصحف المسماه بالقوميه بتأليب الساده الكبار علي تلك الصحف المستقله وتستعديهم علي كتابها فتقدم ضدهم البلاغات الي الجهات النيابيه ويحالون الي المحاكمات وقد سجن البعض منهم , وفي بعض الاحيان كان الساده رؤساء تحرير تلك الصحف المسماه بالقوميه يفردون الصفحات في العدد الاسبوعي لمهاجمة الكفار والخارجين علي القانون من كتاب الصحف المعارضه والمستقله , انني منذ اربعة ايام او يزيد اذا امسكت باحدي الصحف المسماه بالقوميه , وبدأت في مطالعة مواضيعها , يتسرب الي احساس قوي بأنها احد صحف المعارضه اوالمستقله فاقلب الجريده في يدي مرارا واطالع اسمها لاتأكد من انها ليست احدي الصحف المعارضه اوالمستقله , واعود فأقرأ اسم الصحيفه مرات ومرات غير مصدق ان الصحف المسماه بالقوميه تكتب مثل هذا الكلام او الاخبار , لقد اصبحت الصحف المسماه بالقوميه اكثر حرصا من الصحف الاخري في نقل فضائح الساده الوزراء"السابقين طبعا " وافراد الصفحات لكشف الفساد " السابق طبعا " الذي ملأ البلد , حتي ان اكبر جريده منهم نشرت خبرا اليوم عن قيام احد الضباط من حرس مجلس الشوري بالتعدي بالضرب والسب علي الزميل الصحفي الذي يعمل بها موفدا الي مجلس الشوري وقام بسحب تصريحه , والذي اثار انتباهي ودهشتي ان تعلق الجريده بقولها " كيف يحدث هذا الامر والناس مازالوا ثائرين في ميدان التحرير والحكومه تبشر بفجر يوم جديد و وبانتهاء العصر القديم "!! وانني ازاء هذا التحول التاريخي والذي بناءا عليه تحولت الصحف الحكوميه الي صحف قوميه فعلا ولاول مره منذ زمن طويل , اسمحوا لي ان اسأل سؤالا اعتقد انه لايحتاج الي اجابه لاننا جميعا نعرف اجابته , اذا كانت الصحف الحكوميه قد حزت اليوم حزو الصحف المعارضه والمستقله " كافرة الامس " ومشت علي دربها واقتفت خطواتها , فهل اليوم اّمنت الصحف المعارضه والمستقله ؟! ام ان الصحف الحكوميه كفرت؟!!! * خبير بالمنظمه العربيه للتنميه الاداريه [email protected]