أثبتت الأحداث عبر الأشهر الأخيرة من هذا العام أن الاحتجاجات الكبيرة التي قام بها الحوثيون باليمن لم تكن وكما أشرنا في مقال سابق من أجل غلاء الأسعار أو من أجل تغيير الحكومة أو لبعض المطالب الخاصة لتلك الحركة التي أثبتت بعد استطاعتها السيطرة علي مدينة صنعاء في سبتمبر الماضي أنها كانت من أجل تحقيق نوايا خبيثة لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية كبري يحركها صراع ديني وعقائدي متأجج منذ فترة طويلة باليمن ومستمدا قوته من محيطه الإقليمي ومتأثرا بالتوجه والصراع الديني بالمنطقة، وبالأحري هو مخطط كبير تقف من وراءه إيران وحزب الله في لبنان لنشر المذهب الشيعي في الكثير من البلدان العربية من ناحية والسيطرة علي الأماكن الحيوية والإستراتيجية فيها ومنها السيطرة علي مضيق باب المندب للتحكم في التجارة الدولية والتأثير السلبي علي دول الجوار ومنها السعودية ومصر ودول الخليج لسحب البساط من قناة السويس والخليج العربي. إن الحركة الحوثية في اليمن انبثقت في البداية من حركة الشباب المؤمن وكان شعارها الموت لأمريكا وإسرائيل ثم بدأت في الظهور كحركة دينية ضد السنة في منطقة ديماج باليمن حتي تطورت تدريجيا من المذهب الشيعي إلي المذهب المنشق وهو المذهب الزيدي أو ما يسمي بالاثني عشرية الذي يكن العداء للصحابة وآل البيت والمذهب السني وتقف من ورائه إيران التي ظلت تسانده وتدعمه حتي قوي نفوذه عسكريا واقتصاديا وبخاصة بعد استغلاله للأحداث السياسية بعد الثورة اليمنية وكسبه للرأي العام بالشارع اليمني عندما ظهر أمام اليمنيين وبخاصة الطبقات الفقيرة والمهمشة في الأقاليم البعيدة علي أنه مدافع عن حقوق اليمنيين وأنه خصم قوي للسلطة، ولكنه بعد الثورة اليمنية ورحيل علي عبد الله صالح عاد ليعلن عن نفسه بقوة مستغلا الضعف والهوان الذي تمر به البلاد وبخاصة ضعف الجيش اليمني والمؤسسة الأمنية الأمر الذي انعكس علي ضعف رئيس الدولة الحالي عبد ربه منصور والحكومة الحالية وأيضا بسبب ضعف قوة القبائل في أقاليم اليمن وظهور تنظيم القاعدة بها وهو الأمر الذي أدي إلي حالة من الفراغ السياسي والعسكري في اليمن مع وجود حالة من التجاذبات السياسية ومع ميل الجنوبيين إلي الانفصال والاستقلال عن اليمن كالعهد السابق وهو ما أدي إلي تمدد الحركة الحوثية وسيطرتها بعد التظاهرات الأخيرة علي صنعاء بدون مقاومة بل وعلي كثير من محافظات الشمال وصولا إلي مدينة الحديدة علي البحر الأحمر ومضيق باب المندب ثم التفكير الآن بعد سيطرتهم علي قصور عائلة الأحمر التمدد نحو مدينة تعز السنية ومنها السيطرة علي جنوب اليمن، وخلال سيطرتهم علي كل تلك المحافظات بعد خرقهم لقرارات مجلس الأمن وهدنة الصلح وفض الاعتصامات استطاعوا أن يبسطوا نفوذهم علي المؤسسة العسكرية والأمنية وعلي المحافظات والإدارات اليمنية والتحكم في الحكومة ووزرائها وتهديد رئيس الدولة بعد سحب عضويته من حزب المؤتمر الشعبي وبخاصة بعد ظهور الرئيس علي عبد الله صالح علي الساحة السياسية مرة أخري وانضمامه إليهم وتورطه في الأحداث الأخيرة وكثرة الاغتيالات التي طالت بعض الرموز السياسية والحزبية، وكذلك تحكم الحوثيين الآن بقوة الرصاص علي القرار اليمني ورسم السياسة الداخلية والخارجية والاقتصادية وفق مصالحهم هم ومصالح الدول المساندة لهم وعلي رأسها دولة إيران التي أقرت مؤخرا بانتصاراتهم. وبهذا التمدد غير المنقطع النظير تمكن الحوثيون من تطويق اليمن وبالتالي إمكانية تهديد حركة الأمن والسلم والتجارة في منطقة الخليج ومصر وتحويل اليمن إلي منطقة موقوتة وممهدة لصراع ديني منتظر بين الشيعة والسنة بعد ظهور بوادره الآن بين تنظيم القاعدة السني والحركة الحوثية من جهة وبين الجنوبيين وبين الحوثيين من جهة أخري، يحدث ذلك في غياب الدور الحقيقي المنوط لجامعة الدول العربية لخطورته علي اليمن المهدد وخطورته علي المنطقة والدول العربية المحيطة باليمن بسبب الانشغال بما يحدث في العراق وسوريا وليبيا لانتشار التنظيمات الإرهابية الخطيرة بها، وكذلك لانشغال دول مجلس التعاون الخليجي ببعض القضايا الخلافية فيما بينهم ومنها ما تسببه دولة قطر وخطورة الأوضاع في العراق وسوريا، رغم أن ما يحدث في اليمن الآن لا يقل خطورة أبدا عما يحدث في البلدان العربية الأخري ولا ينفصل عنه وعن جسامة وفداحة خطورته بسبب الأهداف الخبيثة والاستعمارية لأطماع الحوثيين ومن ورائهم إيران علي منطقة الخليج والدول العربية المجاورة وذلك بعد أن أصبحت الحركة الحوثية حركة دينية وسياسية وعسكرية متطرفة لا تختلف عن التنظيمات الإرهابية المنتشرة الآن بالدول وبالتالي لابد أن نعمل علي أن ينظر إليها بسبب أفعالها وأهدافها المشبوهة باعتبارها تنظيما إرهابيا منشقا عن الدولة اليمنية وأعراقها المتعددة يمكن أن يهدد المنطقة والعالم لأنه سيؤدي لاحقا إلي نشوب الحروب الدموية والنزاعات باليمن وبالتالي إلي خرابه وتحويله إلي بؤرة إرهابية.