قال الدكتور عادل عدوي وزير الصحة والسكان، ان كل التقديرات السكانية الأخيرة في مصر تدق ناقوس الخطر، حيث انه من المتوقع أن يصل عدد السكان في مصر في عام 2030 إلي 118.9 مليون نسمة إذا ما استمر معدل الخصوبة كما هو عليه الأن وهو 3.5 طفل لكل سيدة. وتساءل في كلمته التي ألقاها اليوم الخميس، بمناسبة إطلاق الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية للفترة من 2015 إلي 2030، بحضور السيد المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزارء كيف سنواجه جميعاً، حكومة وشعباً، تلك الزيادة في ظل الموارد المالية والطبيعية المتاحة لمصر حالياً؟ سؤال يجب أن نفكر فيه ملياً حتي نعبر بمصر هذه المرحلة الحرجة من خلال تحقيق التوازن المطلوب بين الزيادة السكانية ومعدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في المرحلة القادمة. وأشار إلي إهتمام الحكومة المصرية بالقضية السكانية منذ عقود عديدة ربطت فيها ما بين تلك القضية المتعددة الأبعاد وكافة القضايا التنموية الأخري، إلا ان التركيز الأكبر في الفترة السابقة اقتصر علي برامج تنظيم الأسرة دون الاهتمام الكافي للأبعاد الأخري للقضية السكانية، مثل الارتقاء بالخصائص السكانية للمواطنين والتوزيع الجغرافي المتوازن للسكان، وكذا القضاء علي التفاوتات الديموجرافية والاقتصادية والاجتماعية للشرائح المجتمعية المختلفة. ولفت وزير الصحة إلي نجاح البرامج السابقة لتنظيم الأسرة في خفض معدل الخصوبة الكلي إلي 3 أطفال لكل سيدة، إلا أن النتائج الأخيرة للمسح الديموجرافي الصحي في 2014 قد أشارت إلي ارتفاع تلك النسبة إلي 3.5 مولود لكل سيدة. الجدير بالذكر أن كافة المؤشرات السكانية قد شهدت مرحلة ثبات منذ عام 1994 حتي عام 2006، ولكن عدد المواليد المسجلين قد كسر حاجز ال 2 مليون مولود عام 2008، ثم حاجز ال 2.5 مليون عام 2012 بعد فترة من الاستقرار حول 1.6 مليون مولود في التسعينات من القرن الماضي. وتابع ' لقد حاولت الاستراتيجية الجديدة التي طرحت للنقاش اليوم الرد علي هذا السؤال من خلال طرح رؤية جديدة للقضية السكانية تتلخص في الوصول بالمجتمع المصري إلي مجتمع أكثر تجانساً يحقق التوازن بين عدد سكانه وموارده الطبيعية قادر علي تلبية تطلعات أفراده لتحقيق نوعية حياة أفضل، يتيح لهم فرص متساوية للحصول علي الخدمات الأساسية ويرتقي بخصائصهم من أجل الوصول لمعدلات مرتفعة للتنمية البشرية تحقق مجتمع متماسك وريادة إقليمية. هذه الرؤية لن يتم الوصول إليها إذا لم تتحقق الإرادة السياسية والشعبية المطلوبة لتنفيذ تلك الرؤية، وتحقيق الأهداف المحددة المدرجة في الاستراتيجية مع تخصيص الموارد البشرية والمالية التي تتسم بالاستدامة بما يضمن الوصول إلي الأهداف المنشودة لتحقيق التنمية ليس فقط في مجال السكان ولكن في كافة المجالات الأخري. الجدير بالذكر أن الاستراتيجية الجدية للسكان والتنمية تتسم بالشمولية وتتطرق للمحاور المختلفة للقضية السكانية مثل التعليم والصحة والإعلام، هذا بالإضافة إلي محوري تمكين الشباب و المرأة، وذلك بما يحقق التوازن المطلوب بين المدخل الصحي لتناول تلك القضية المحورية والمداخل التنموية الاخري. كما تنطلق الاستراتيجية الجديدة من منظور حقوقي يسعي إلي التأكيد علي مبدأ المساوة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز. هذا وقد راعت الاستراتيجية الجديدة في تناولها لتلك الموضوعات المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي شهدتها مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، إضافة إل مراعاتها للواقع التشريعي الراهن الذي يعكسه دستور مصر الجديد، والذي يتضمن مادة مستقلة للسكان تؤكد علي التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلي تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار في الطاقة البشرية وتحسين خصائصها، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة. هذا وتسعي الاستراتيجية الجديدة لاستثمار، ليس فقط تلك المادة الخاصة بالسكان، لكنها تسعي أيضاً إلي الاستفادة من كافة المواد الأخري الواردة في الدستور والتي تنحاز إلي المواطن المصري البسيط في محاولة لتحقيق نقلة إيجابية في نوعية الحياة التي توفرها له الدولة بما يمكنه من مساهمة أكثر فاعلية في مسيرة التنمية التي تشهدها مصر الأن، والتي تهدف إلي استعادة مكانتها المتميزة علي الصعيد الإقليمي والدولي.