في أول مجلس برلماني في الجمهورية الثانية في تونس وجه الشعب التونسي ضربة موجعة للأحزاب الإسلامية المتمثلة في حزب النهضة الذي يرأسه راشد الغنوشي بعد تفوق حزب نداء تونس الجديد الذي يرأسه الباجي قايد السبسي رئيس الحزب في نتائج مازالت غير نهائية، ومع ذلك فقد اعترف الغنوشي بتراجع حزبه أمام تفوق حزب نداء تونس الذي شكله السبسي عام 2012 حتي حقق شعبية كبيرة في تونس عندما فتح الآفاق مرة أخري بعد هيمنة حزب النهضة بعد الثورة علي مقاليد الحكم في البلاد بعد اندفاع الأصوات نحو الأفكار الدينية أثناء وبعد الثورة التونسية والحكومة المؤقتة، ولكن يبدو أن الشعب التونسي قد أحدث مراجعة مع الذات والرغبة مرة أخري للاتجاه نحو الأحزاب الليبرالية والحكم الديمقراطي والتخلص تدريجيا من التطرف الديني والأفكار المتشددة التي كان يحملها الغنوشي وحزبه الذي كان يسعي للسيطرة علي مفاصل الدولة في وقت كان اتجاه شعوب ثورات الربيع العربي تتجه نحو الأحزاب الدينية التي تكسرت سريعا في دول الربيع العربي وبخاصة في مصر التي خلع شعبها حكم الإخوان إلي غير رجعة وتسبب ذلك في القضاء علي آمال التنظيم الإخواني الدولي والدول التي كانت تسانده، وفي تونس تطلع الشعب التونسي من جديد إلي بناء دولته علي أسس ديمقراطية وتعددية حزبية مالت إلي حزب نداء تونس الذي يحمل أفكار ليبرالية وعلمانية معتدلة ويتجه الآن إلي تحقيق بعض التحالفات مع الأحزاب الأخري لتشكيل الأغلبية البرلمانية للوقوف في وجه حزب النهضة، وقد جاءت النتائج مطمئنة لدول الاتحاد الأوروبي ودول الجوار مما سيسمح بفتح آفاق جديدة مع الاقتصاد التونسي تجاه المستقبل سوف تؤدي إلي رفع الموانع الدولية تجاه تونس الأمر الذي سيقود حتما إلي تحقيق الاستقرار وإعادة التوازن. يذكر أن تراجع شعبية حزب النهضة في تونس يرجع إلي عدة عوامل منها كثير من التونسيون حملوا الحزب الفشل في إدارة شئون البلاد طوال الفترة الماضية، كما حملوا الحزب أيضا المسئولية عن وقوع الكثير من الاغتيالات بسبب الأفكار المتطرفة التي يحملها الحزب، إضافة إلي انكماش العلاقات الخارجية مع تونس الأمر الذي انعكس سلبا علي الاقتصاد بعد أن أعطت تونس مؤشر بعد سنوات الثورة بميلها واندفاعها نحو الدين والأفكار المتشددة وتلاعب الغنوشي بتلك الأفكار واستفادته من فشل الأحزاب الدينية في الدول المجاورة، الأمر الذي أدي إلي حركة جديدة من وعي الشعب التونسي واستفادته من تجارب الدول المجاورة كمصر حتي جاءت النتائج لصالح حزب نداء تونس مما شجع قائده الباجي السبسي إلي خوض الانتخابات الرئاسية في تونس الشهر المقبل أمام المرزوقي الرئيس الحالي ولربما استطاع السبسي الفوز في تلك الانتخابات بعد فوز حزبه وتحقيقه للمرتبة الأولي في الانتخابات البرلمانية الآن. وقد أشادت الصحف الغربية والعربية بالانتخابات البرلمانية ونزاهتها في الداخل والخارج، كما نوهت الصحف عن حركة تصحيح الشعب التونسي لمسار ثورته مرة أخري وميله نحو الديمقراطية والارتياح لتراجع شعبية حزب النهضة في وقت يتم فيه محاصرة الإخوان في ليبيا ومصر مع غلقه للحدود الجزائرية لتضييق الخناق علي الحركات الأصولية ومع توجيه ضربات موجعة للتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا ولبنان، الأمر الذي سيؤدي حتما إلي انكسار موجة تلك الحركات الدينية المتطرفة التي تعصف بتلك الدول، وفي نفس الوقت إشادة الصحف بعودة تونس لوجهها الحضاري والعلماني نحو العالم مع إشادة بتلك الانتخابات من سكرتير عام الأممالمتحدة والرئيس الأمريكي اللذان عبرا عن تقديرهما لنزاهة الانتخابات البرلمانية والتجربة الديمقراطية الناجحة في تونس.