تبدو الغالبية العظمي من الأحزاب.. وخاصة الأحزاب المدنية.. راكدة.. ركودًا تامًا.. رغم أن أشهرًا قليلة للغاية تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية القادمة. هذا الركود لا مبرر له.. إلا أن يكون قادة هذه الأحزاب، قد تصوروا أن بإمكانهم حصد الأصوات.. وكسب الانتخابات.. وهم جالسون في مقاعدهم.. منهمكون في اجتماعاتهم.. ومستمرون في الجدل حول نسب المقاعد التي سيتفاوضون.. أو يحصلون عليها. ويبدو أن الغالبية العظمي من الأحزاب المصرية.. والتي تتعرض لمطاعن عدة من الرأي العام المصري، بغيابها التام عن الشارع، وانحسار دورها في التواصل مع الجماهير.. لا تدرك آليات العملية الانتخابية.. والاستعدادات المطلوبة لخوض غمار المنافسة في واحدة من أخطر وأهم الانتخابات، كما عبر عن ذلك، وبحق، الرئيس عبد الفتاح السيسي. آفة العديد من الأحزاب المصرية، انها تصدق نفسها، وتتوهم أن مجرد اطلالة عبر الفضائيات، أو تصريح صحفي هنا أو هناك، أو مجموعة لافتات توضع في اماكن متناثرة يمكن ان تحقق فوزًا في الانتخابات.. وهي نظرة قاصرة، تنم عن جهل مروع بطبيعة الانتخابات، والعملية الانتخابية برمتها. وكنا نتصور بعد ثورة الثلاثين من يونية، وبعد كل ما حاق بالوطن من أحداث علي مدار أربع سنوات 'عجاف' مرت بها مصر، أن يتعلم قادة الأحزاب من دروس الواقع، ومن التجارب القديمة التي عاشت مصر وطأتها، ودفعت ثمنها غاليًا من دماء أبنائها، ومؤسساتها، ومرافقها العامة.. ويعملوا علي تدارك أخطاء الماضي، عبر تجاوزها، والسير في الطريق الصحيح، والذي يضمن للقوي المؤيدة لثورة الثلاثين من يونية، والمؤمنة بأهداف وشعارات ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأن تخوض غمار المعركة القادمة بجدية وحرص شديدين علي الفوز والنجاح. وأولي آليات هذا الفوز، هي الالتحام بالجماهير، والتواجد بين صفوفها، والسعي بينها لكسب أصواتها، والحصول علي ثقتها.. ولن يتأتي ذلك إلا بالتواجد المباشر بين الناس، والحوار المتصل معهم لطرح أهداف وبرامج تلك الأحزاب، وما تسعي لتحقيقه من خلال رؤيتها للأوضاع المستقبلية في البلاد كل ذلك لم يتحقق حتي الآن.. فالأحزاب شبه غائبة عن الشارع السياسي.. ومحاصرة في غرف ضيقة.. وبعيدة كل البعد عن إدراك نبض الناس.. لأن الحزب الحقيقي هو الذي يتواصل مع الجمهور في الحارة، والشارع، وفي المسجد، والكنيسة.. وفي كل مكان علي أرض الوطن.. يتواجد بالليل والنهار.. لكي يمنح الناس الثقة في ضرورة انتخاب عناصره ومرشحيه لخوض الانتخابات المقبلة. لقد كانت لدينا في حلوان، وعبر الانتخابات التي خاضها الأستاذ مصطفي بكري منذ العام 1995، وحتي العام 2011 تجارب عملية علي ما نقول.. واستطعنا في كل المعارك الانتخابية، ومن بينها معركتان مع اثنين من أقوي الوزراء في الحكومة، أن ننتصر في جميع معاركنا، سواء تلك التي فاز فيها الأستاذ مصطفي بكري بعضوية مجلس الشعب في دورتي 2005 و2011، أو تلك التي أسقطوه فيها عمدًا بالتزوير في انتخابات 1995 و2000 و2010.. ولم يكن ذلك ليتم، رغم ضآلة الامكانيات، بل وندرتها.. إلا لأن الجماهير قد التفت من حولنا، وآزرتنا، واحاطتنا بكل الحب والرعاية، بعد أن تأكدت من مصداقيتنا معها.. فمنحتنا ثقة ما بعدها ثقة، وقادت هي معارك مصطفي بكري الانتخابية في كل وقت وحين. أذكر ذلك.. كنموذج.. يمكن أن يستدل به علي مدي الثقة التي يمكن أن توليها الجماهير لمن يقف معها، ويدافع عنها، ويتبني قضاياها.. وأن يتواجد بين صفوفها. والأمر الأكثر حيرة في الأحزاب المدنية المصرية، أنها لم تتوصل حتي الآن إلي توافق وطني عام.. يقرب نقاط الائتلاف، والتوحد.. بعيدًا عن الخلافات التي ليس لها مكان في عالم اليوم.. فالمؤامرة علي الوطن كبيرة.. والأعداء إن في الداخل، وإن في الخارج، يتربصون بمصر.. ويحاولون جاهدين إفشال الانتخابات القادمة، والتسلل خلسة إلي البرلمان.. في محاولة مستمرة لكسر الإرادة المصرية.. وهي أمور تستدعي من الجميع أن يكونوا عند مستوي المسئولية، ويقفوا صفًا واحدًا في مواجهة النزعات الفردية.. والطموحات الجامحة.. التي لن يحصدوا من ورائها سوي الخسران المبين.. حمي لله مصر.. ووقاها شر الفتن والدسائس.