بصوت متشخشن تخترق المعديات مياه النيل ويظهر وجهها القبيح كلما اقتربت وتشاهد أن الجميع يفترشون الارض بها لافرق بين حيوان وإنسان فالجميع يرغب في الوصول الي البر الثاني من النهر بأي حال من الأحوال و هو يردد الشهادتين خوفا من الغرق، فالجميع في النهاية لا يمثل لدي صاحب المعدية سواء ' زبون ' و يسعي لزيادة الحصيلة دون وعي أو إدراك لما يمكن أن يحدث جراء تحميل تلك المعديات أكثر من حمولتها القانونية , الأمر الذي جعل البعض يصفها بأنها قنبلة موقوتة. فأكثر من 178 معدية بمراكز المحافظة التسع في حالة يرثي لها, وبمجرد جلوس الراكب يفاجأ بحمار أو خروف بجواره، دون مراعاة لآدمية الركاب، فالمعديات تحمل البشر والحيوانات والسيارات القادمة من المحاجر في آن واحد, و رغم المآسي التي تشهدها المعديات بالمحافظة فإن الحكومة بعيدة تماما عما يحدث و كأن الأمر لا يعنيها. 'الأسبوع ' إلتقت بعض المواطنين ليستعرضوا لنا المعاناة التي يواجهونها أثناء رحلة المعديات بنهر النيل و كانت البداية مع 'هاني فراج ' موظف و الذي قال : المعديات عمرها الإفتراضي إنتهي منذ سنوات، و رغم ذلك مازالت تعمل تحت سمع وبصر المسئولين رغم ما بها من أعطال، غير أن المعديات أصلاً أصبحت متالكهة لا تحتمل الرحلة القصيرة التي تتم بين البر و النهر. و إستطرد قائلا : المعديات أهملها أصحابها و جعلوها وسيلة مواصلات للبشر و الحيوانات و البضائع، فالحيوانات تجلس بجوار الركاب، و في حالة الاعتراض علي ذلك لا تسمع غير جملة واحدة من صاحب المعدية 'مش عاجبك أنزل عوم في البحر '. وأضاف حسين مهدي - فلاح أن أصحاب وسائل النقل النهري يقومون بتحميل أكثر من 7 سيارات نقل محمله بكميات بعشرات الأطنان من الطوب والحجارة في نقلة واحدة, بجانب تحميل المواطنين والتلاميذ في وقت واحد مما يجعل المعدية تثير بشكل مائل بالنيل ومخيف ولكن الستار موجود. و يعرب ' مصطفي إسماعيل ' مدرس مقيم مركز بني مزار عن إستيائه الكبير من إستخدام المعديات كوسيلة للنقل و المواصلات معللا أنه بالرغم من إطلاق إسم ' معديات الموت أو معديات الغرق ' عليها، إلا أن جميع المسؤلون يتعاملون بكل سذاجة مع الوضع الراهن, و لا يخشون من تكرار الحوادث البشعة التي إعتادت عليها محافظة المنيا أو عروس الصعيد سابقا. بصوت يائس يقول ' محمد جمال ' أحد أهالي قرية بني خالد بسمالوط ' أن الكثير من أصحاب المعديات يقومون بتحميل المعدية فوق طاقتها فتجد العشرات من المواطنين والسيارات النقل كبيرة الحجم والفلاحون بأغنامهم وأبقارهم في نقلة واحدة دون المبالاة مما يمثل حمولات كارثية وضخمة من المحتمل أن تؤدي لاختلال توازن المعدية وغرقها بقاع النيل. و أضاف 'جمال ' نتحمل المخاطر حتي لا نضطر إلي الدوران والسير لمسافة كبيرة بالمواصلات، ورغم ذلك يعمل أصحاب المعديات بمزاجهم ودون أي مواعيد ثابتة، وآخر موعد لها في الساعة السابعة مساء. جدير بالذكر أن مراكز المنيا تشهد من وقت لاخر غرق معدية، وأخرها معدية غرقت بالقرب من قرية 'بني حسن الشروق' بمركز أبوقرقاص منذ سنوات وراح ضحيتها 13 شخصًا من الطلاب والفتايات وبعدها بشهور تكرر نفس الحادث المأسوي بمرسي الحاج قنديل بملوي وراح ضحيته 19 شخصًا نتيجة للحالة السيئة بسبب الحالة السيئة لأكثر من 90% من المعديات وما بها من عيوب صيانة وعدم وجود الرقابة الفنية والقانونية اللازمة من مسئولي هيئات النقل والمواصلات بالمحافظة. و قد ناشد الآلاف من أهالي قري شرق النيل مسئولي محافظة المنيا بسرعة عمل كباري أو إيجاد بديل لتلك الوسيلة التي يركبونها حاملون أرواحهم علي كفوفهم ولكن لم تتم الاستجابة لهم حتي الآن ولا حياة لمن تنادي.