المعديات من أكثر الوسائل التى يلجأ إلها الملايين من المواطنين يومياً فى معظم المحافظات خاصة مع قلة الكبارى على نهر النيل ورغم اهميتها وخطورتها إلا أن يد الإهمال سيطرت عليها، والحكومة تجاهلتها. فالمعديات تعد من أكثر الضروريات اليومية بالنسبة للمواطنين ، إلا أنها فى الوقت ذاته تعد من اكثر وسائل النقل التى قد تودى بحياة المواطنين للتهلكة وهذا ما يتضح بشكل كبير فى تزايد حوادث المعديات وتكرارها من حين لآخر ، لاسيما وأن أغلب المعديات تخلو تماما من أى أطواق نجاة فى حالة تعرضها للغرق، الأمر الذى جعل الكثيرين يطلقون عليها " معديات الموت" وفى رمضان يزداد الاقبال على المعديات كوسيلة نقل فى الساعات التى تسبق الإفطار مما يدفع المسئولين عنها الى تحميلها باكثر مما تحتمل وهو ما يؤدى لوقوع حوادث كثيرة ...." النهار" قامت بجولات ميدانية للتعرف على هذه الوسيلة، ومخاطرها وما سبب هذه المخاطر ؟ وهل تحتوى على عناصر ووسائل إنقاذ فى حالة حدوث أى عطل بها أو وجود تلفيات مما يحول دون غرقها. الإجابة فى السطور التالية :- سائق معدية : نجرى الصيانة كل يوم ونعانى من نقص فى وسائل النجاة فى البداية أكد الحاج صلاح، سائق بمعدية" المعصرة - الحوامدية" أنه يعمل سائقاً على المعدية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وخلال هذه الفترة تعرضت المعدية للتعطل مئات المرات، إلا أن هذا الأمر لا يمنع أن المعدية تتوقف يومياً لنحو ساعة لإجراء الصيانة عليها لمنع تعطلها مرة أخرى ، لافتاً إلى أنه فى حال حدوث اى عطل بالمعدية فإن مسئولى الصيانة يقومون على الفور بإصلاح العطل، وذلك للحفاظ على حياة المواطنين. وأضاف صلاح أن أكثر ما يعيب المعديات هو خلوها تماماً من أطواق النجاة، إذ أنها تحتوى على قارب نجاة واحد ويعد قديما ومتهالكاً للغاية ، وبالفعل تقدمت إدارة المعديات بشكوى لوزارة النقل إلا أن الحكومات السابقة دائماً تتجاهل ملف المعديات رغم أهميتها القصوى بالنسبة لملايين المواطنين. وأيده فى الرأى الحاج محمد حماد ، سائق بمعدية المنيل - المعادي، قائلاً إن أكثر الاشكاليات بالمعديات هو خلوها تماماً من وسائل الاستغاثة والأمان ، إذ إنها لا يوجد بها هاتف يتم استخدامه فى حالة حدوث اى عطل بالمعدية وهى تسير فى عرض النهر، إذ إنه فى حالة حدوث أى عطل فإن سائق المعدية يستغيث بأحد زملائه عن طريق الهواء. واضاف الحاج محمد أن المعديات تخضع لإشراف ورقابة النقل النهري، إلا أنه رغم ذلك لم تسع للتخلص تماماً من الإشكاليات التى تعوق عملها ، كما أنها لم تسع لتوفير اطواق نجاة واستغاثة جديدة رغم أن هذه المعديات تدر يومياً ملايين الجنيهات للدولة. أحمد حسين : نعانى من أعطالها المتكررة وتهالكها فى حين يرى أحمد حسين، محاسب، أن المعديات تتعطل فى اليوم أكثر من مرة ، الأمر الذى يجعل المواطنين يتأخرون على الذهاب لعملهم، موضحاً أن الأمر لا يتوقف على ذلك إذ أنه فى حالة تعطل عمل المعديات تظهر ما تسمى ب" لانشات" وهى مراكب نيلية صغيرة ، ويستغل أصحابها أزمة تعطل المعدية ويقومون بزيادة حمولتها أكثر من اللازم خاصة وان حمولتها لا تتعدى الخمسة وعشرين راكبا، الامر الذى يصبح أكثر خطورة على حياة المواطنين. واضاف حسين أن هذه اللانشات لا تخضع لرقابة النقل النهرى، إذ إنها ملكية خاصة لأفراد، مطالباً وزارة النقل بتشديد الرقابة على وسائل النقل النهري، كما أنه لابد من منح اللانشات تراخيص للعمل وتحديد حمولة لها ومن يخالف ذلك يتعرض للغرامة والحبس وذلك فى محاولة للحفاظ على حياة المواطنين، كما أنه لابد من تزويد المعديات بأحدث وسائل التكنولوجيا وإجراء صيانة دورية عليها لمنع وقوع أى حوادث مرة أخري. أحمد عبد السلام : لا نستطيع الاستغناء عنها بسبب لقمة العيش فى حين أكد أحمد عبد السلام، موظف، أنه يومياً يستخدم المعدية للذهاب لعمله، إذ إنه يضطر يومياً لاستخدام هذه الوسيلة الخطيرة من أجل لقمة العيش، موضحاً أن السبب وراء لجوء المواطنين لاستخدام المعديات هو عدم وجود كوبرى يربط بين المعصرة والحوامدية ، موضحاً أن الأهالى طالبوا المحافظ أكثر من مرة بإنشاء كوبري، وبالفعل تم اعتماد ميزانية لإنشائه إلا أنه لم يتم تنفيذه حتى الآن لأسباب مجهولة. واضاف عبد السلام أن إنشاء الكوبرى يعد أكثر الوسائل أمناً وأفضل بديل للمعديات، وإن كان سيكلف الدولة مليارات الجنيهات ، إلا أنه سيحافظ على أرواح الآلاف الذين يستخدمون المعديات يومياً، موضحاً أن المعديات لا تصلح على الاطلاق للاستخدام الآدمى خاصة وأنها تنقل المواشى والمئات من الباعة الجائلين هذا بجانب أنها ملقى للزبالة. واوضح عبد السلام أن مدينة الحوامدية توجد بها معديتان فقط لنقل المواطنين، ومن ثم فى حالة تعطل إحداهما، فإن العمل يزداد على الأخرى الأمر الذى يهدد بتعطلها هى الأخرى ، ورغم كل هذه الإشكاليات إلا أن الحكومة باردة ولم تسع على الاطلاق لدراسة إشكاليات المعديات وإيجاد حلول لها، إذ إنها تتجاهلها تماماً دون معرفة الاسباب وراء ذلك رغم أن الدولة تحصل على مليارات الجنيهات منها يومياً. مروة السيد : أغلب المعديات غير صالحة للاستخدام الآدمى وحول آراء المواطنين فيما يخص المعديات، قالت مروة السيد، طالبة، إنها يومياً تستقل المعديات وهى ذاهبة لجامعة حلوان، مؤكدة أن أغلب المعديات التى تنقل المواطنين تعد غير صالحة للاستخدام الآدمى خاصة وأنها غير صالحة وغير آمنة ، وهذا ما يتضح بشكل كبير عليها، وكانها يتم استخدامها منذ آلاف السنين إذ تبدو متهالكة للغاية ومن ثم من السهل جداً أن تعرض حياة المواطنين للخطر. واضافت مروة انها قبل أن تركب المعدية فإنها دائماً تلفظ الشهادة، لاسيما وانها أكثر من مرة يحدث بها عطل وهى تسير فى عرض النهر ، ومن ثم تأتى معدية أخرى لسحبها حتى شاطئ النهر الأمر الذى يجعل المواطنين يشعرون وأنهم باتوا على حافة الموت من لحظة لأخري. المعديات فرخة تبيض ذهباً ..تتكلف قليلاً وتدر أرباحاً كثيرة مع الانتشار العمرانى والتزايد السكانى وازدياد الحاجة الى المعدية كوسيلة أساسية للتواصل والحياة بين جانبى النهر تعددت اشكال وانواع المعديات واصبحت مصدرا مهما لرزق البعض الذين رأوا فيها فرخة تبيض ذهبا فهى لا تكلفهم الكثير فى صناعتها لكنها تدر الكثير من الربح عليهم وبالتدريج وبعيدا عن الرقابة اصبح فى مصر وبالتحديد فى المدن الساحلية ما يسمى بمافيا المعديات. ومن وقتها بدأ التاريخ الأسود لحوادثها. بعد ان لجأ صانعوها الى أردأ انواع الحديد من ناحية وعدم الاهتمام بصيانتها من ناحية اخرى فكانت النتيجة كوارث لاحصر لها كان اخرها مؤقتا ما حدث قبل فترة وجيزة فى رشيد.. ووقعت حوادث مماثلة فى العام الماضى وما قبله وما قبله وتعد اشهر حوادث المعديات ما حدث قبل عدة سنوات فى محافظة المنيا التى شهدت حادثا أليما نتيجة سقوط سيارة نصف نقل من فوقها اثناء عبورها مدينة مغاغة مما ادى الى غرق 9 اشخاص وفى 1997 غرقت معدية فى أبو غالب بمركز امبابة وراح ضحيتها 13 فتاة غرقن داخل السيارة التى كانت فوق المعدية وغير ذلك الكثير من حوادث المعديات التى حدثت خلال السنوات الماضية.. كشفت هذه الحوادث عن يد الاهمال الآثمة المتمثلة فى عدم اجراء عمليات الصيانة وتحميل المعديات فوق طاقة استيعابها ويفسر خبراء بناء السفن هذه الحوادث ببناء المعديات من الحديد الخردة الذى لا يصلح للاستخدام فى بناء مثل هذه المعديات بالاضافة الى عدم وجود مشرفين متخصصين عند عملية البناء. فيما يرى خبراء الطرق والكبارى أن المعديات معروفة عالميا وان استبدال طرق وكبارى بها يحتاج الى اموال طائلة، وان الهدف الاساسى الذى لابد ان يتوافر عند انشاء اى كوبرى هو العائد الاقتصادى من ورائه. د. مجدى صلاح : التكلفة الكبرى لإنشاء الكبارى وراء انتشارها أكد الدكتور مجدى صلاح، استاذ هندسة النقل والطرق بجامعة القاهرة ، ان فكرة المعديات لجأت إليها الحكومات السابقة كحل أساسى لإنشاء الكبارى ، والتى تصل تكلفته نحو ثمانى مليارات جنيهات، وهو الأمر الذى لا تستطيع الحكومة إنشاءه نظراً لتكلفته المرتفعة خاصة وأن ظروف البلد الاقتصادية لا تسمح بذلك على الاطلاق، هذا بجانب ان المعديات تدر أموالاً تدخل لخزانة الدولة ، تستخدمها فى تحسين مرافقها ومؤسساتها. وأضاف صلاح أن المعديات توجد بكل محافظات الجمهورية، ومن ثم تقع مسئوليتها لإشراف المحافظين، موضحاً أن المعديات تخضع للرقابة والصيانة بشكل دوري، إذ إن المحافظة ترسل عدداً من الفنيين لمعرفة مدى صلاحيتها فى الاستخدام، وإن أكدت اللجنة عدم صلاحيتها فإنه فى الحال يتم إلغاؤها ، ومخالفة ذلك يؤكد وجود تقصير من المحافظ ومن ثم يتعرض للمساءلة القانونية ، خاصة وأنه يعرض حياة المواطنين للخطر. مطالب بتشديد الرقابة لمنع وقوع الحوادث تكشف الدراسات وتؤكد الوقائع أن جميع الحوادث التى تحدث فى المعديات تكون نتيجة أخطاء بشرية من طاقم "المعدية" سواء كان بتحميل الوحدة بعدد أكبر من العدد الذى يمكن ان تتحمله والمحدد فى الترخيص تشغيلها بطريقة خاطئة وعدم توافر طفايات الحريق ووسائل الانقاذ. ولهذا تتزايد المطالب بضرورة تشديد الرقابة على هذه المعديات والتأكد من السلامة الأمنية ومدى مطابقتها لمواصفات الجودة بالاضافة الى التأكد من صلاحية التراخيص سواء كانت تراخيص السائق أو المعدية ومدى توافق خبرات السائق على قيادة مثل هذه المعديات لتقليل حوادث المعديات النيلية التى تقع كثيراً فى المناسبات والأعياد فتحول افراح الناس إلى مآتم .