هاهو العيد جاء وقد تبدلت الأحوال من حال الي حال وكسي الوجوم الوجوه، والعبرات تنساب حري من الجفون، والآهات تعتمل الصدور، والجراح النازفة الراعفة ما زالت مفتوحة علي المزيد، والآلام تقض مضاجع الموجوعين والثكالي والمكلومين. يأتي العيد هذا العام بطعم الدموع التي سالت مدرارا لفقد عزيز قضي تحت أنقاض البيت. يأتي العيد بطعم الدم النازف من أجساد الابناء والبنات والاخوة والاخوات والاباء والامهات الاجداد والجدات في القطاع المنكوب بالنار والدخان والدمار. يأتي العيد وقد غاب أعز الناس عنا الي الابد خلف سحب الدخان بعد أن تركونا نتضور آلام الفقد وحسرة الفراق. يأتي العيد ولا بيت لاستقبال الزائرين ولا اطفال بانتظار المعيدين ولا من يكفكف دموع اليتامي والمساكين من الاعمام والاخوال والخالات والعمات والاجداد والجدات. لم يعد أحد في البيت يشعل البخور ولا من يقدم كعك العيد المحشو بالتمور، وغاب أطفال الجيران الذين طالما سمعت ضحكاتهم والتمع الفرح في عيونهم بهجة بملابس العيد في الازقة والشوارع الضيقة. في العيد يبحث الأطفال عن آبائهم وأمهاتهم والاباء والامهات عن أبنائهم. في العيد يتنقل الناجون من المحرقة بين المدارس والمشافي وانقاض بيوتهم المدمرة بحثا عن بقايا أنفاس لاحبتهم فلذات أكبادهم تحت الردم وأعمدة الدخان. في العيد يتبادل المقهورون الاهات والمكلومون الدموع والنازفة جراحهم تتجافي جنوبهم عن المضاجع ألماً من تباريح الجراح واوجاع الفقد. في العيد يلملم الغزيون أوجاعهم واشلاء ابنائهم واحذية اطفالهم وعبوات حليبهم وحقائبهم المدرسية من بين انقاض بيوتهم التي غاصت عدة امتار تحت سطح الارض.