في اليوم الخامس من شهر يوليو عام 1968 توفي الفنان عبد السلام النابلسي 'الكونت دي نابلوز كما كان يُلقب نفسه' أسطورة الكوميديا عن عمر يناهز السبعين عاما بعد ان كون لنفسة شخصية فنية متميزة واستطاع أن يملأ مساحة فنية من الصعب أن يشغلها غيره، فهو فنان كوميدي تميز بأسلوب فريد أسر به الجمهور بمصر والعالم العربي بالرغم من أن معظم أدواره كانت ثانوية. والجدير بالذكر أن النابلسي ولد في 23 أغسطس عام 1899 في طرابلسبلبنان في أسرة ذات أصول فلسطينية. نشأ النابلسي نشأة دينية كانت سبباً رئيسياً في سفره إلي القاهرة لكي يدرس بالأزهر الشريف حتي يستكمل مسيرة عائلته في مجال القضاء الشرعي، إلا أن أضواء الفن والشهرة جذبته فأهمل دراسة الأزهر لينضم لفرقة جورج أبيض وعزيز عيد مما تسبب في غضب أفراد أسرته الذين قرروا قطع علاقتهم به. كما عمل النابلسي بالصحافة الفنية والأدبي، وقد جاءت الفرصة الأولي للنابلسي في السينما علي يد السيدة آسيا في فيلم ' غادة الصحراء' وإن كان فيلم 'وخز الضمير' هو الذي فتح له أبواب السينما في الثلاثينيات. لم يكتف النابلسي بالتمثيل فقط وإنما عمل كمساعد مخرج في العديد من الأفلام وخاصة أفلام يوسف وهبي ولكنه في عام 1947 تفرغ التام للتمثيل بعد فيلم 'القناع الأحمر' وخاصة بعد ازدياد الطلب عليه مع انتشار موجة أفلام الكوميديا في ذلك الوقت. و كانت البدايات في أدوار الشاب المستهتر ابن الذوات ولم يكن مضحكا في أفلام عديدة منها 'العزيمة' و'ليلي بنت الريف' و'الطريق المستقيم' وغيرها. في عام 1955 ظهر مع عبد الحليم حافظ في فيلم ' ليالي الحب' ثم ' فتي أحلامي' و'شارع الحب' و' حكاية حب' و'يوم من عمري'. لعب البطوله في فيلم حلاق السيدات. كما تقاسم عبد السلام النابلسي بطولة العديد من الأفلام مع الفنان إسماعيل ياسين، مع نهاية عام 1962م، وكان من المفترض أن يشارك عبد الحليم حافظ في فيلم ' معبودة الجماهير' وهو الدور الذي قام به الفنان فؤاد المهندس رحل إلي لبنان بعد ما تفاقمت مشاكله مع الضرائب والتي بلغت 13 ألف جنيه مصري في حينها ولم تفلح محاولاته لتخفيضها إلي 9 آلاف وأخذ يرسل ل الضرائب حوالة شهرية بمبلغ 20 جنيهاً فقط الأمر الذي يعني أن تسديد المبلغ المستحق عليه سيستغرق 37 عاماً، وهو ما اعتبرته مصلحة الضرائب دليلاً علي عدم جديته في السداد فقررت بعد ثلاث سنوات من رحيله للبنان الحجز علي علي أثاث شقته في الزمالك والتي لم تكن بقيمة المبلغ المطلوب. وظلت القضية معلقة حتي وفاته رغم تدخل العديد من رموز الفن في مصر وكان علي رأسهم أم كلثوم. في بيروت عاش النابلسي ملكاً وأصبح مديراً للشركة المتحدة للأفلام وساهم في زيادة عدد الأفلام المنتجة كل عام في لبنان ومثل في أفلام 'فاتنة الجماهير' و'باريس والحب' و'أفراح الشباب' و'بدوية في باريس' و'أهلاً بالحب'، حقق النابلسي رغبته القديمة في الاستقرار الأسري بعد أن ظل متمتعاً بلقب أشهر عازب في الوسط الفني وحتي وصل إلي الستين من عمره وذلك عندما تزوج من إحدي معجباته 'جورجيت سبات'، دون علم أسرة الفتاة والتي دخلت معه في صراع مرير أرغمته علي تطليقها قبل أن تحكم المحكمة بصحة الزواج ويتم الصلح بينهم أما نهاية الكونت دي نابلوز لم تتناسب مع شخصيته المرحة التي طالما ظهر بها في أفلامه السينمائية، فقد تلاحقت الأحداث سريعاً في الأشهر الأخيرة من حياته حيث أعلن النابلسي إفلاسه وذلك بالتزامن مع زيادة آلام المعدة لديه، وأخذت حالته تزداد سوءا إلي أن امتنع عن الطعام تماما قبل رحيله، واشتد المرض علي النابلسي وأثناء نقله إلي المستشفي لفظ أنفاسه الأخيرة، واستمراراً للمأساة لم تجد زوجته بعد وفاته مالاً كافياً لإجراء الجنازة فتولي صديق عمره الفنان فريد الأطرش ذلك الأمر كما تولي أيضاً رعاية زوجة النابلسي حتي آخر يوم في عمره.