فتحت صحيفة نيويورك تايمز قضية الرواتب التي يتقاضاها المسؤولون العراقيون لقاء أدائهم وظيفتهم، إذ لا يتجاوز الوقت الذي يقضونه في أداء مهماتهم أكثر من 20 دقيقة هذا العام. فقد ذكرت الصحيفة الأمريكية أن المسؤولين في الحكومة العراقية يتقاضون رواتب شهرية تصل إلي 22500 دولار، إضافة إلي ارتيادهم أفخر الفنادق العراقية مجانا. وقالت الصحيفة إن هذا الوضع قد يكون طبيعيا في دول العالم المتقدم، إلا أن الوضع المتردي للعراقيين وأحوالهم السيئة يدفع إلي التساؤل عن أسباب مثل هذه التفرقة في حجم الرواتب. وأكدت الصحيفة أن الجماهير العراقية لطالما حذرت المسؤولين العراقيين من الاستمرار في حياة الترف تلك، بينما يبحث العراقي عن قوت يومه فلا يجده. الأسوشيتد برس يستحق نواب البرلمان العراقي الحالي لقب أقل الناس عملا وأغلاهم أجرا كونهم يتقاضون 22500 دولار شهريا، رغم أنهم حتي هذا التاريخ لم يعملوا سوي 20 دقيقة فقط، ناهيك عن المزايا الأخري التي يتمتعون بها. فبينما يستعد البرلمان لعقد جلسة هي الثانية له منذ انتخابه في مارس/آذار الماضي، تبرز علي السطح مجددا الرواتب الضخمة والامتيازات الخاصة التي يتقاضاها البرلمانيون وتعمق بدورها حالة الامتعاض والاستياء في الشارع العراقي حيال الأزمة السياسية والاقتصادية المستحكمة بالبلاد. وبلغة الأرقام، يتقاضي البرلماني العراقي راتبا شهريا أساسيا قدره عشرة آلاف دولار أميركي أي أقل ب4000 فقط عن نظيره في الكونغرس الأميركي، تضاف إليه علاوات تصل في مجموعها إلي 12500 دولار بدل سكن وتعويضات للترتيبات الأمنية. في المقابل، يدفع البرلماني العراقي ما نسبته 6% فقط من راتبه الأساسي ضرائب، لكنه وفي نفس الوقت يحظي بامتيازات خاصة، منها إقامة مجانية في فندق الرشيد بالمنطقة الخضراء الآمنة نسبيا سواء أكان البرلمان في حالة انعقاد أم لا. وعلاوة علي هذه الامتيازات، يتقاضي البرلماني 600 دولار يوميا مقابل أي مهمة رسمية خارج أو داخل العراق، وعند خسارته المنصب البرلماني يتقاضي النائب 'السابق' 80% من راتبه الأساسي شهريا مدي الحياة، مع الاحتفاظ لمدة 8 سنوات بجوازات السفر الدبلوماسية الممنوحة له ولعائلته. ومن باب المقارنة لا أكثر، يتقاضي مدرس أو طبيب في مستشفي حكومي راتبا شهريا لا يزيد عن 650 دولارا أميركيا، في حين يحصل سائق سيارة أجرة في بغداد علي 750 دولارا شهريا في الموسم الجيد من العمل، بينما لا يتجاوز راتب موظف حكومي من الفئة المتوسطة 600 دولار في أندر الأحوال. مبررات ويبرر البرلمانيون هذه الامتيازات المالية الخاصة بقولهم إنهم يخاطرون بحياتهم عبر المشاركة في الحياة السياسية، ويتعرضون لمحاولات اغتيال أو تخريب، حسب رأي النائب حيدر الجوراني أحد نواب مدينة البصرة. ويضيف هؤلاء أن التحرك والانتقال الآمن يكلف أموالا طائلة، كما هو الحال بالنسبة للاستقبالات والحفلات الرسمية التي يقيمها النواب. لكن للشارع العراقي رأي آخر يري أن التهافت علي عضوية البرلمان ليس سوي وسيلة لجني المال لا حبا في خدمة الوطن والمواطن معتبرين أن الطمع غلب نداء الواجب. من جهته يقول جلال محمد -موظف حكومي متقاعد- إن النواب في البرلمان الحالي وبدلا من الانخراط في العمل الجاد يتمتعون بعطلة مدفوعة الأجر، ودعا الحكومة إلي عدم صرف رواتب البرلمانيين ما لم يكونوا "ذوي فائدة لوطنهم". ولم يعقد البرلمان العراقي الحالي سوي جلسة واحدة في يونيو/حزيران الماضي اقتصرت أعمالها علي تلاوة آيات من الذكر الحكيم وعزف النشيد الوطني وأداء القسم للنواب الجدد ومرسوم واحد يقضي بإبقاء الجلسة مفتوحة حتي إشعار آخر، ومع ذلك يتقاضون رواتبهم كل شهر مقابل عمل لم يتعد 20 دقيقة. هذه الصورة هي التي دفعت وتدفع بالعديد من العراقيين للقول جهرا "لولا الامتيازات لما رشح أحد نفسه للانتخابات".