منذ أن أُعلن عن اختفاء المستوطنين 'الجنود' الثلاثة منذ ليلة الخميس الجمعة، ودولة الاحتلال تقوم وتقعد علي هاجس بات يسيطر علي عقول الجميع يتعلق باحتمالية أن يكونوا مختطفين علي يد مجموعة فلسطينية. من جانبها، انشغلت الصحافة العبرية والأوساط الأمنية العسكرية والسياسية والدبلوماسية الصهيونية بتوقع الخطوة القادمة وكيف يمكن لدولة الاحتلال أن تعوض الساعات العشرة التي وصفتها ب'الذهبية' والتي أضاعتها بعد اختطاف 'الثلاثة' من مستوطنة 'غوش عتصيون' جنوب بيت لحم. وبحسب التقارير العبرية، فإن عملية 'الخطف' جرت في الساعة العاشرة من ليلة الخميس الجمعة فيما بدأت أجهزة الاحتلال العسكرية والأمنية البحث عنهم الساعة الثامنة من صباح أمس الجمعة ما وفر للخاطفين عشر ساعات ذهبية للاختفاء والاحتماء والتملص ومسح الاثار واستحالة الامساك برأس خيط في التحقيقات الجارية. وانشغلت محطات التلفزة العبرية في الحديث عن العملية، واستضافت خبراء أمن وعقداء وجنرالات ومحللين عسكريين ورؤساء أجهزة سابقين وقادة الكوماندز، في ما كانت الحيرة تبدو مسيطرة عليهم وخصوصا أنهم نشروا قوات مكثفة من الجيش والمشاة وسلاح الطيران والمخابرات والاستخبارات دون جدوي وكان التخبط باديا حينما طلبوا مساعدة أجهزة أمن السلطة ثم انهالوا عليها باللائمة. وكانت المصادر الصهيونية ألمحت في البداية إلي اتهام الجهاد الاسلامي ثم سرعان ما اتهمت حماس ولكنها عادت واتهمت خلايا تابعة للقاعدة ثم فقدت صوابها وبدأت تلقي بالتحليلات والاتهامات في كل صوب وحدب وسط عجز كامل عن تحديد هوية الجهة التي يمكن أن تقف وراء العملية. ولوحظ في ال 36 ساعة الماضية أن وسائل الاعلام العبرية هي التي تقود الأمن الصهيوني وليس العكس لا سيما وسط حساسية شديدة من الجبهة الداخلية التي انهارت معنوياتها بعد أن ظنت أنها محمية من أية عمليات وكانت 'تهزأ' من الأوضاع في سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن. من جانبه، لم يختلف المحلل العسكري الصهيوني المعروف روني بن يشاي عن باقي المحللين ولكنه في مقالة نشرتها 'يديعوت احرونوت' وضع تصورا عما يمكن للجيش الصهيوني أن يفعله في الساعات والأيام القادمة فقال: العمل المكثف من الجيش و'الشاباك' في كافة ارجاء الضفة الغربية ونشر المزيد من القوات. معرفة اذا كانوا أحياء أو أموات وهو ما يتطلب نشر عدد كبير من الجنود والاستخبارات والتغطية الجوية لمنع الخاطفين من تحريك المخطوفين ونقل مكانهم. استخدام مكثف للمخابرات السرية والعلنية. في حال أعلن الخاطفون مطالبهم ستكون الساعة الكبري قد دقت علي رأس نتنياهو ووزير الجيش يعلون لأنهما سيكونان مطالبان باتخاذ القرار الصعب وخصوصا بعد تأييدهما لتقرير 'شمغار' يناير 2012م. والأخطر كيف سيكون رد الحكومة علي تصويت الكابينت قبل اسبوعين من منع إطلاق سراح اسري. الاعلامي الدكتور ناصر اللحام يقول بهذا الصدد: اسرائيل فقدت السيطرة علي الأمر وهي الان تتصرف مثل فيل دخل في محل للخزف وستقوم بثلاث خطوات: اولا: محاولة ملاحقة واستهداف والتصنت علي التنظيمات الفلسطينية لمعرفة أي منها قام بعملية الاسر والعمل بكل جد من أجل تحميل فصائل المقاومة في غزة المسؤولية ومحاولة منع جني ثمار حكومة الوفاق عن سكان غزة. ثانيا: في حال فشلت الخطوة الاولي ستعمل 'اسرائيل' - ويمكن بالتزامن مع النقطة الاولي - علي تحميل السلطة الفلسطينية وأبو مازن وحكومة الوفاق مسؤولية كل ما يحدث في محاولة يائسة من نتنياهو لمنع سقوط حكومته علي طريق تصدير الازمة الي رام الله. ثالثا: في حال فشل النقطة الاولي والثانية ستلجأ 'اسرائيل' مثل اي احتلال غاشم الي التنكيل بالسكان وفرض عقوبات جماعية وهو ما سيؤدي الي قتل المستوطنين وربما اندلاع انتفاضة ثالثة.