شعار 'رابعة العدوية' وقطرات من الدموع علي من يسمونهم بضحايا مجزرة 'رابعة' وبضع كلمات وتصريحات عن الشرعية والحرية والديمقراطية.. تلك هي الأدوات البسيطة التي استخدمها رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ليجذب عدداً من قيادات 'الإخوان' وحلفائهم إلي بلاده.. لتصبح تركيا بين يوم وليلة منصة ينطلق منها التنظيم الدولي الإخواني بمعلوماته ومخططاته ومواقعه وصفحاته الإلكترونية وقنواته ومحطاته الفضائية.. وفي تركيا ومن أرضها يخوض 'الإخوان' معركتهم ضد جيش مصر.. !! والسؤال هنا: هل هناك علاقة بين احتضان تركيا لمراكز القيادة الإخوانية خاصة الإعلامية والإلكترونية منها وبين الاتفاقيات الأمنية التركية الإسرائيلية المشتركة أو بمعني أدق عمليات التجسس المشترك بين تركيا وإسرائيل، والمخططات التي استهدفت الجيوش العربية من العراق إلي سوريا ثم مصر؟!! الإجابة عن هذا السؤال نجدها في دراسة أعدها د.هشام فوزي عبد العزيز أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد بكلية المعلمين في حائل بالمملكة العربية السعودية تحت عنوان: 'العلاقات العسكرية الإسرائيلية التركية'، وكشف فيها عن أخطر جوانب التعاون التركي الإسرائيلي، وما تضمنه من اتفاقيات أمنية وعمليات تجسس تستهدف العديد من الدول العربية مثل العراقوسورياولبنان وفلسطين ومصر. يقول الباحث: 'لقد اعتمدت العلاقات بين إسرائيل وتركيا في فترة الثمانينيات علي موقف الجهاز السياسي والعسكري التركي من إسرائيل، إذ شهدت الفترة بين عامي 1980- 1984م فتوراً في العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بينهما، وكان ينظر إلي إسرائيل علي أنها تشكل خطراً علي تركيا، لكن تلك النظرة قد تغيرت بعد عام 1985م وأصبح ينظر إليها إيجابيا، وتعزز ذلك بانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان في ذلك العام، عندها أعيدت العلاقات العسكرية بين الطرفين حيث شكلت لجان مشتركة بينهما، وذلك لبحث ومناقشة القضايا العسكرية والأمنية بينهما. وفي عام 1989م وقعت اتفاقية عسكرية محدودة بين سلاحي الجو التركي والإسرائيلي، بهدف التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات العسكرية'. ويؤكد الباحث أن 'الفترة بين عامي 1991م وبداية 1996م كانت مرحلة لبناء العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين تركيا وإسرائيل ففي المجال الأول، رفع مستوي التمثيل السياسي بين البلدين إلي مستوي السفراء عام 1991 م، كما قام وزير السياحة التركي السابق عبد القادر أتش Abdul kadir Ates بزيارة إلي إسرائيل عدت الأولي من نوعها، وتمخض عنها توقيع معاهدة في حزيران 1992م لتسهيل الزيارات السياحية بينهما. كما قام حكمت جتين Hikmet Cetin، بأول زيارة لوزير خارجية تركي إلي إسرائيل في 12 تشرين الثاني 1993م نتج عنها التوقيع علي مذكرة للتفاهم والتعاون المشترك ما بين تركيا وإسرائيل، وتم فيها التأكيد علي التعاون الاقتصادي والعلمي وتبادل الزيارات، والتعاون الإقليمي، وتنسيق الجهود المشتركة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي المقابل قام عزرا وايزمن Ezra Weizman، رئيس دولة إسرائيل بزيارة إلي تركيا في 25 كانون الثاني 1994م، ولمدة ثلاثة أيام، تناولت المباحثات التي اجراها مع الأتراك سبل تطوير شتي العلاقات بين البلدين وللتأكيد علي مستوي العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين، قامت تانسو جللر Tansu Ciller رئيس الوزراء التركية بزيارة إلي إسرائيل في 31 آذار 1994م، تم فيها التوقيع علي العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية'. ويكشف الدكتور هشام فوزي عن أخطر مجالات التعاون بين تركيا وإسرائيل ويقول: 'وفي مجال العلاقات العسكرية، فقد سمحت تركيا لإسرائيل في عام 1990م بإنشاء محطات للتجسس الأمني والاستخباري علي الدول المجاورة وبخاصة العراقوسورياوإيران. وفي أثناء أزمة الخليج عام 1991م سمحت تركيا للطائرات الإسرائيلية باستخدام مطاراتها العسكرية لأغراض التجسس علي العراق. وضمن إطار الزيارات العسكرية، فقد زار قائد سلاح الجو الإسرائيلي هرتزل بودينغر Herzel Bodenger، تركيا في شهر آب 1993م، والتقي فيها وزير الدفاع، ورئيس هيئة الأركان، وقائد سلاح الجو الأتراك. وتم فيها البحث في سبل تطوير العلاقات العسكرية بين البلدين. وأعقبها زيارة قام بها دافيد عفري David Evri، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إلي أنقرة أواخر ذلك العام، علي رأس وفد من كبار قادة الجيش الإسرائيلي. وقد اجتمع الوفد الإسرائيلي مع نظيره التركي، وكان محور المحادثات إقامة روابط عسكرية علي أساس المصالح الاستراتيجية المشتركة، ورغبة في توطيد العلاقات العسكرية والأمنية بين تركيا وإسرائيل، قام المفتش العام للشرطة الإسرائيلية اساف حيفتسIsaf Hevetz بزيارة تركيا في شهر تشرين الأول 1994م، واجتمع مع رئيس خدمات الأمن التركي محمد آجار. وتناولت المباحثات التعاون في مجال ' مكافحة الإرهاب. وفي 18أيلول1995م، اجتمع دافيد عفري مع قادة الجيش التركي في أنقرة، وبحث موضوع المشاريع الأمنية المشتركة، وتطورات الوضع في الشرق الأوسط'. وأثمرت الجهود الإسرائيلية التركية خلال الفترة ما بين عامي 1990-1995م عن تطورات جذرية في العلاقات السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين خلال الفترة اللاحقة التي تمتد ما بين عامي 1996-1998م إذ شهدت انطلاقة جديدة في حجم ونوع العلاقات العسكرية بينهما، فتجسد ذلك في عقد الاتفاقيات العسكرية والأمنية، وقيام إسرائيل بتحديث مختلف أسلحة الجيش التركي، إضافة إلي تزويده بشتي أنواع الأسلحة، وإجراء المناورات الجوية والبحرية المشتركة، فضلاً علي التنسيق العسكري والاستراتيجي، وتبادل الزيارات العسكرية علي مختلف المستويات والأصعدة . ففي مجال عقد الاتفاقيات العسكرية بين إسرائيل وتركيا، أثمرت جهودهما عن التوقيع علي اتفاقية التعاون العسكري والأمني في 24 شباط 1996م وتضمنت تبادل زيارات العسكريين والأسلحة والمعدات العسكرية في البلدين، وإجراء التدريبات الجوية والبحرية، بالتنسيق والتعاون المشترك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. إضافة إلي التعاون الأمني والاستخباري و'مكافحة الإرهاب'. وقد تم الإعلان عن بعض تلك البنود رسمياً مثل إجراء التدريبات المشتركة المحدودة، وسرب البعض الآخر منها في الصحف التركية والإسرائيلية. وثمة بنود أخري، تتعلق بطبيعة العلاقات العسكرية ومجالاتها وأهدافها، بقيت سرية ولم يعلن عنها'. ويكشف الباحث عن تطور العلاقات العسكرية الإسرائيلية التركية بعد تسلم القيادي الإخواني نجم الدين أربكان Necmettin Erbakan، رئاسة الحكومة في الفترة من حزيران 1996م إلي حزيران 1997م، وتغيير مواقفه من إسرائيل وخضوعه للجيش، وتبريره للتعاون العسكري بين الدولتين والإدعاء بأنه في مصلحة تركيا. ويشير الباحث إلي مثال لتغير موقف اربكان من إسرائيل بقوله إنه اجبر علي استقبال دافيد ليفي David Lavy وزير الخارجية الإسرائيلية في أنقرة خلال شهر شباط 1997م وقابله دون أن يتحدث معه عن العلاقات العسكرية بين البلدين. ويقول الباحث : 'رأت تركيا أن مساهمة إسرائيل في تحديث قواتها العسكرية سيجعلها مؤهلة لان تساهم بفاعلية في المجال الإقليمي، أي في منطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطي، هذا في ظل قوة اقتصادية تتمتع بها، وموقع استراتيجي مهم. ومن شأن ذلك أن يتيح لها القيام بدور إقليمي بارز في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، بالتنسيق والتعاون مع إسرائيل والولاياتالمتحدة، وذلك بهدف مواجهة 'الإرهاب' الذي يتمثل من وجهة نظرهم ' بالإسلام الأصولي' ممثلاً ببعض المنظمات الإسلامية المتطرفه في تركيا، ومنظمة حماس الفلسطينية وحزب لله اللبناني، وحزب العمال الكردستاني. كما تسعي تلك الدول من وراء تعاونها الإقليمي إلي نشر الاستقرار والأمن، وحفظ التوازن الإستراتيجي، ومنع انتشار الأسلحة غير التقليدية لدي الدول الأخري غير تركيا وإسرائيل، وبالذات الدول الإسلامية'. وهذا كله يناقض الأدوار المسرحية التي تمارسها تركيا بادعاء الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم وتأييد حماس وما إلي ذلك من مسرحيات!! ويقول الباحث في دراسته : 'لقد استطاعت إسرائيل أن تمارس ضغوطاً عسكرية علي سوريا، من خلال وجودها العسكري المكثف في الأراضي التركية، الأمر الذي أتاح لها جمع المعلومات الاستخبارية عن المنشآت العسكرية والاقتصادية الحساسة في سوريا، بحيث غدا أمنها القومي معرضاً للخطر من جراء ذلك، إذ أن تلك المعلومات ستستغل مستقبلاً من قبل إسرائيل نفسها أو تركيا، في حالة نشوب حرب مع سوريا'. ويؤكد أن 'إسرائيل أن توطيد علاقاتها العسكرية مع تركيا من شأنه أن يدعم دورها الإقليمي في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، إذ أن تلك العلاقة قد منحتها بطاقة دخول رسمية أخري، غير معاهدات السلام العربية الإسرائيلية، إلي منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي، عبر دولة إسلامية. كما أن تعاونها مع تركيا، سيمنحها القدرة علي طرح المشاريع المشتركة بينهما لتكون وفقا لمصالحهما ورؤيتهما للموضوع، إضافة إلي سعيها المشترك للتصدي للقوي الإقليمية الأخري إيران، سوريا، ومصر، والتي قد تحاول أيجاد نوع من التوازن الإستراتيجي مع تركيا وإسرائيل. وتعلق الأخيرة آمالها، من خلال توطيد علاقاتها العسكرية والاقتصادية مع تركيا، أن تكون بوابة دخول لها إلي الدول الإسلامية في آسيا الوسطي، حيث الموارد الاقتصادية الهامة هناك وبخاصة البترول وذلك لأن تركيا تربطها بتلك الدول، علاقات دينية وتاريخية وقومية وجوار جغرافي'. وتتحدث الدراسة عن موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية من هذا التحالف ويقول: 'شجعت الولاياتالمتحدةالأمريكية علي إقامة التحالف الإسرائيلي - التركي، ويتضح ذلك من التصريحات الأمريكية الرسمية، فقد أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيقولاس بيرن Nicolas Burn، أوائل عام 1997مبان الإدارة الأمريكية رحبت بهذا الحلف'. وبين أنه 'من الأهداف الاستراتجية للولايات المتحدة أن تقوم تركيا وإسرائيل بتطوير تعاونهما العسكري وعلاقاتهما السياسية، وإذا لم يعجب ذلك بعض الدول العربية، فان ذلك يعود للحلف'. وعندما زار مسعود يلماز، رئيس الوزراء التركي الأسبق، واشنطن في أعقاب تشكيله للحكومة التي خلفت حكومة أربكان في شهر تموز 1997م صفر 1418ه، التقي بالرئيس الأمريكي بيل كلينتون، الذي استقبله اسقبالاً حاراً، وأكد له أهمية تركيا كحليف يعتمد عليه مع العلم بأن إسرائيل حليفة طبيعية للولايات المتحدة، وبالتالي فإن الدول الثلاث متحالفة مع بعضها البعض. ولقد أكد متحدث آخر باسم وزارة الخارجية الأمريكية جيمس فولي James Foloy في شهر كانون الأول 1997 م. أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ترحب بالحلف التركي الإسرائيلي وتدعمه لانه يمثل السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط'. ويخلص الباحث في دراسته إلي أن ثمة مصالح إسرائيلية وتركية وأمريكية في إقامة علاقات عسكرية وتحالفيه ما بين إسرائيل وتركيا، لأن من شأن تلك العلاقة تأكيد دورهما الإقليمي وسعيهما لطرح مشاريع عسكرية وأمنية واقتصادية في الشرق الأوسط، وفقا لمصالحهما، والمصالح الأمريكية. وفي المقابل أضعاف النفوذ العربي والإسلامي في المنطقة. ويشير الباحث إلي أن نجم الدين اربكان، رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت، وقع علي اتفاقية عسكرية مع إسرائيل لتحديث طائرات 'الفانتوم 4' وقد اخذ يبرر ذلك بأنها صفقة تجارية. علماً بأنه قد تم تمويل تلك الصفقة من قبل البنوك الإسرائلية بضمانة من الحكومة الإسرائيلية، ولعل الهدف من وراء ذلك تشجيع تركيا وتحفيزها لعقد الصفقة مع إسرائيل'. وسعت تركيا إلي توثيق علاقاتها مع إسرائيل في مجال الفضاء، وذلك ضمن اطار التعاون الأمني والاستراتيجي بينهما، حيث توصلتا إلي اتفاق بهذا الشأن في اثناء زيارة اسحاق مردخاي وزير الدفاع الاسرائيلي، الي تركيا في شهر كانون الأول 1997م ومن بين مجالات التعاون الفضائي، التنسيق والتعاون في مجال الأبحاث الفضائية، وإقامة مشاريع مشتركة بهذا الشأن، مع التركيز علي مشاريع الفضاء ذات الأهداف العسكرية. وقد ابدي الاتراك اهتمامهم بالفنية الإسرائيلية المتقدمة في مجال التجسس الفضائي وبخاصة بالقمر الاسرائيلي Ofek، الذي ارسل للفضاء لاغراض عسكرية عام 1997م'. وتستعرض الدراسة جوانب من التعاون الأمني والاستخباري بين اسرائيل وتركيا في عدة مجالات منها التعاون في مجال ما يسمي في المصطلحات الاسرائيلية والتركية والامريكية ب 'مكافحة الارهاب'، والذي يتمثل من وجهة نظرهم ب'الاسلام الاصولي'، وما يتفرع عنه من تنظيمات وأحزاب إسلامية، كحزب الرفاه في تركيا وحماس والجهاد الفلسطينيين، وحزب لله اللبناني، اضافة إلي حزب العمال الكردستاني، وبعبارة أخري التنظيمات والاحزاب المعادية لتلك الدول ومتابعة التطورات العسكرية التي تحدث في منطقة الشرق الاوسط والدول العربية والاسلامية المجاورة لاسرائيل وتركيا، وبخاصة ايرانوسورياوالعراق، والتركيز علي الاسلحة غير التقليدية التي تمتلكها تلك الدول، وآلية التعامل معها، يضاف الي ذلك، فان إسرائيل وتركيا تسعيان لطرح مشاريع أمنية وعسكرية في المنطقة بحيث تكون لهما الريادة، والتعاون الأمني والاستخباري بين إسرائيل وتركيا في شتي المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، والتعاون في مجال تحليل البيانات والاحصاءات العسكرية والامنية التي تهمهما. ويقول الباحث: 'هناك نشاطات ومظاهر تكشف عن التعاون الأمني والاستخباري بين البلدين، فبالنسبة للنشاطات، فإنه في أثناء زيارة حكمت جتين وزير الخارجية التركي الأسبق إلي إسرائيل 13/11/1993م أعلن ان بلاده وإسرائيل ستتعاونان ضد التوسع الإسلامي الأصولي، وستجريان مشاورات استخبارية بشأن إيران ونفوذها. وصرح عزرا وايزمن في 27/1/1994م، بأن إسرائيل وتركيا ستتعاونان في المجال الاستخباري ضد الإرهاب الانفصالي، أي ضد حزب العمال الكردستاني. وكانت الصحف الإسرائيلية، قد أشارت إلي أن التعاون في ذلك المجال قائم بين الدولتين وفي أثناء زيارة تانسو جللر، الي إسرائيل في 4تشرين الثاني 1994م، وقعت اتفاقية مع الجانب الإسرائيلي، ورد في أحد بنودها نص لتبادل المعلومات الأمنية المتعلقة بالارهابأي 'الاسلام الاصولي' وحزب العمال الكردستاني وقد تزامنت تلك الزيارة، مع زيارة أخري، قام بها رئيس وكالة الاستخبارات التركية العام إلي اسرائيل، وذلك بهدف توثيق العلاقات الأمنية والاستخبارية بين البلدين'. واثمرت الجهود الاسرائيلية التركية المشتركة في المجال الأمني والاستخباري، عن توقيع اتفاقية متعلقة بهذا الأمر في شباط 1996م، ضمن ملحقات الاتفاقيات العسكرية والامنية الاسرائيلية التركية. وقد وقعت الاتفاقية الأمنية من قبل ممثلين عن الموساد الاسرائيلي، ووكالة الاستخبارات التركية العامة. وتؤكد الدراسة أن التعاون الأمني والاستخباري الاسرائيلي التركي استمر في عهد حكومة القيادي والرمز الإخواني الكبير نجم الدين اربكان 1996-1997م علي النهج نفسه دون إحداث تغيير فيه وفي أثناء زيارة اسماعيل كردائي، رئيس هيئة الاركان التركي، إلي اسرائيل في الفترة بين 24-28 شباط 1997م / 17-21، أعلن ان الدولتين اعلنتا بأنهما سوف تعملان علي زيادة التعاون الاستخباري بينهما. وفي نفس الاتجاه، قام امنون شاحق، رئيس هيئة الاركان الاسرائيلية، بزيارة أنقرة في شهر تشرين الأول 1997م، ناقش مع نظرائه الأتراك، موضوع تقوية الجهود الثنائية في المجال الاستخباري. ويتحدث الدكتور هشام فوزي عن التطبيقات العملية للتعاون الاستخباري المشترك ويضرب مثالاً له بقيام 50 خبيراً من الاستخبارات الاسرائيلية، بزيارة تركيا في شهر اذار 1995م، حيث قدموا لتركيا ' معلومات تتعلق بغزوها لمنطقة الحكم الذاتي في شمال العراق إضافة الي تقديم المشورة للاتراك استناداً إلي خبراتهم التي اكتسبوها في محاربة التنظيمات الفلسطينية واللبنانية المختلفة في لبنان'. كما ان إسرائيل اسهمت بفاعلية في إلقاء القبض علي زعيم حزب العمال الكردستاني عبدلله أوجلان في بداية عام 1999م بعد أن تابعت تحركاته ونشاطاته المختلفة قبل تلك الفترة'. وتكشف الدراسة عن زرع محطات التجسس في داخل الاراضي التركية وبالقرب من الحدود مع سورياوالعراقوايرانوسوريا وبهذا الصدد يقول اوري لوبراني، أحد اعمدة اجهزة المخابرات الاسرائيلية والمسئول عن ملف جنوبلبنان منذ الثمانينيات وحتي وقت اعداد الدراسة، بان تركيا قد 'سمحت لاسرائيل باستئناف نشاطاتها السرية ولتعمل بحرية مطلقة في ربوع الاراضي التركية، وخصوصا في منطقة ديار بكر جنوبتركيا، حيث انتشرت اجهزة التنصت والرصد والخدمات الاستخبارية، لتتابع عن كثب ما يجري في كل من العراقوسوريا ... كما عززت اسرائيل نشاطها، فاقامت محطات استخبارية إضافية داخل الحدود التركية'. وعن نشاط جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية من الجو تقول الدراسة : 'لقد اتاحت الاتفاقية العسكرية والأمنية الموقعة بين اسرائيل وتركيا في شباط 1996م. لاسرائيل القيام بطلعات جوية في الاجواء التركية بالقرب من الحدود مع سورياوإيرانوالعراق. وقد اشارت مصادر تركية واسرائيلية وعربية ان تلك الطائرات تحمل اجهزة الكترونية للتجسس علي تلك الدول، مما شكلت مصدراً هاماً للمعلومات الاستخبارية للبلدين، وبخاصة ان تلك الطلعات كانت تجري بصورة دورية كما اشارت بعض التقارير الصحفية ان تركيا قد انشأت قاعدة جوية في شرق الاناضول، من اجل استخدامها للاغراض الامنية والاستخبارية مع اسرائيل . كما زودت اسرائيل تركيا، بطائرات رادارية بلا طيار، بهدف جمع المعلومات الأمنية والاستخبارية عن الدول المجاورة لها. كما زودت اقمار التجسس الاسرائيلية، تركيا بمعلومات وصور عن النشاطات العسكرية لدول جوارها'. وتم تنظيم خلايا تجسس في الدول المجاورة لاسرائيل وتركيا، والاستفادة من الاقليات الموجودة في تلك الدول. فإن إسرائيل نجحت في تجنيد فئات من الاكراد لصالحها، كما أن تركيا استطاعت تجنيد بعض الأفراد من تركمان سوريا للعمل لصالحها. وثمة نماذج للمعلومات الأمنية والاستخبارية التي قدمتها اسرائيل لتركيا عن الاسرار العسكرية لسوريا، منها معلومات تقنية عن طائرات الميج Mig- 29-، الروسية الصنع والتي تعد عماد سلاح الجو السوري، والطائرات الاحدث فيه، حيث حصلت علي نماذج منها، من احدي الدول الاوروبية، ويعتقد بانها المانيا. وفي ضوء ذلك اصبح جزء من اسرار سلاح الجو السوري بحوزة الاتراك واسرائيل، وزودت إسرائيل تركيا بمعلومات وصور جوية حصل عليها الطيارون الاسرائيليون في اثناء طلعاتهم الجوية في جنوبتركيا، عن مصنع سوري للغازات الكيماوية، يمارس نشاطه بشكل سري، في موقع مخفي تحت جبل بالقرب من الحدود مع تركيا. ويؤكد الدكتور هشام فوزي عبد العزيز في دراسته أن 'اسرائيل وتركيا تعاونتا في مجال قضية الأمن في الشرق الأوسط، حيث ساهمتا إلي جانب أطراف أخري في المحادثات الثنائية المتعلقة بالسيطرة علي السلاح، والأمن الإقليمي Arms Countrol and Regional Security الذي يرمز له اختصاراً ب Acrs، ويهدف الي تبادل المعلومات العسكرية المتعلقة بالأمن في منطقة الشرق الأوسط، والحؤول دون قيام منازعات عسكرية، والعمل علي بناء الثقة العسكرية بين تلك الدول. وكان ذلك في أعقاب عملية السلام العربية الإسرائيلية منذ عام 1991م. وضمن هذا الإطار، فان الدولتين شاركتا في محادثات متعددة الأطراف الإقليمية التي عقدت لموظفي وزارات الخارجية في المنطقة، والمتعلقة بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط'. وقد شكل التحالف الاسرائيلي التركي اختراقاً للامن القومي العربي والاسلامي، ومن ذلك ان اسرائيل قد استغلت الاراضي والأجواء التركية، للتجسس علي ايرانوالعراقوسوريا، بحيث غدت نسبة لا بأس بها من أسرارها العسكرية في متناول يد اسرائيل وتركيا . كما ان بإمكان الطائرات الاسرائيلية المتواجدة في القواعد الجوية التركية توجيه ضربات جوية للاهداف الحيوية والهامة في تلك الدول، وحتي يمكن ان تصل الي دول الخليج . وتعتبر صحيفة هاراتس - الإسرائيلية أن تحليقات سلاح الجو الاسرائيلي في المجال الخلفي لسوريا بشكل أساس ردع لايستهان به. ونكتفي بهذا القدر من الدراسة ونضيف إليها أن إسرائيل طالبت تركيا بالإطاحة بنجم الدين أربكان بعد فشله في السيطرة علي حزبه وتوسع أعضاء الحزب في العمل الإسلامي في تركيا بشكل حقيقي بعيداً عن سيطرة أربكان ومن معه من قيادات إخوانية في ذلك الوقت، أما عن اردوغان وحقيقة التوتر في العلاقات بين تركيا وإسرائيل عقب مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي علي مجموعة سفن كانت تنقل مساعدات إلي قطاع غزة في مايو 2010، فنؤكد أن مسرحية الهجوم الخطابي الذي كان يشنه رجب طيب أردوغان كانت من قبيل الأدوار المتفق عليها، لكن أردوغان زاد في تمثيل هذا الدور عقب خلاف حقيقي نشب بينه وبين إسرائيل وأدي إلي توتر في العلاقات ليس بسبب غزة أو الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ولكن بسبب رفض إسرائيل تسليم مجموعة من صور الأقمار الصناعية للمراقبة الفضائية المتفق عليها في إطار التعاون الاستخباري بين البلدين، وكان دافع الرفض الإسرائيلي هو أن الموساد رأي أن مثل هذه الصور تشكل خطراً علي الأمن الإسرائيلي نفسه، وفي آذار 2013 تجاوزت تركيا وإسرائيل نقاط الخلاف وتم الاتفاق علي أن يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات يعلن فيها اعتذارا إلي نظيره التركي رجب طيب أردوغان عن مقتل الأتراك التسعة، والاعتذار إلي الشعب التركي عن أي خطأ قد يكون أدي إلي خسارة أرواح ويتم الاتفاق علي تعويضات مناسبة، وقبلت الحكومة التركية الاعتذار حسب المتفق عليه - مؤكدة علي أهمية الصداقة بين الشعبين اليهودي والتركي'. هذه هي تركيا، وهذا هو الملاذ الآمن لقيادات 'الإخوان'، وهذا ما ظهر من جوانب الصورة الحقيقية لكل من أربكان وأردوغان ومن سار علي دربهم من 'الإخوان' وما خفي كان أعظم!!!