1- رداً علي سؤال حول تقييم الوزير للعلاقات السودانية المصرية في أعقاب ثورة 30 يونيو، أشار فهمي إلي أن العلاقات المصرية السودانية لها سمات خاصة وفريدة، لا يجب أن يتم تقييمها وفقاً لمعايير عادية أو نمطية. فهي علاقة جوار جغرافي، وميراث تاريخي، والتحام عضوي بين شعبي وادي النيل، فضلاً عن مصالح مشتركة لا تتأثر بتغير النظم الحاكمة أو الظروف المحيطة. وأشار إلي أن الخرطوم كانت المحطة الأولي في جولاته الخارجية، للتأكيد علي خصوصية العلاقة بين البلدين. وأعرب عن اعتقاده أن الزيارة التي قام بها وزير خارجية السودان إلي القاهرة مؤخراً، واللقاءات الثلاث التي جمعت بينهما علي مدار الأيام الماضية في مناسبات مختلفة، تؤكد جميعها أن هناك رغبة مشتركة لدي الطرفين للنهوض بالعلاقات الثنائية إلي مستواها الطبيعي تحقيقاً لتطلعات الشعبين المصري والسوداني. وفيما يتعلق بموقف السودان من قضيه سد النهضة، أكد الوزير أن مصر تدرك من البداية أن كل دولة من الدول الثلاث 'إثيوبيا والسودان ومصر' لها رؤيتها وتقييمها الخاص لهذا المشروع، والذي لا نتوقع أن يكون متطابقاً لأن تلك هي طبيعة الأمور، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد مسئولية علي الدول الثلاث للجلوس سوياً من أجل التوصل إلي تفاهمات مشتركة تحقق المنافع للجميع، وتحول دون وقوع أضرار علي أي طرف. وفي الواقع، فإن أياً من الدول الثلاث لا تملك رفاهة التصرف علي غير هذا النحو لأسباب فنية واقتصادية وقانونية وسياسية. فدول حوض النيل الشرقي تشترك في نهر دولي واحد، ولها حقوق وواجبات تجاه التعامل مع هذا النهر، كما أن لها مصالح مشتركة يجب أن تعمل علي الحفاظ عليها، وعلاقات تاريخية لا يمكنها التضحية بها. وبالنسبة لدور السودان في اجتماعات الدول الثلاث في الخرطوم، أوضح فهمي إن مصر قدرت الجهود التي قامت بها الخرطوم خلال جولات التفاوض الفنية الثلاث لمحاولة التوصل إلي التفاهمات المنشودة، وتأمل في أن يستمر السودان في القيام بهذا الدور الإيجابي، وأن يسعي لمحاولة تنحيه المصلحة الخاصة التي يتوقع أن تعود عليه من بناء السد، في مقابل تسهيل التوصل إلي اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأي طرف. وأضاف فهمي أن ما يُقلقنا ويزعجنا في الوقت ذاته، أن أثيوبيا غير راغبة في تفهم الشواغل والاعتبارات المصرية المشروعة، بل وغير مستعدة للدخول في أي حوار جاد يضمن تحقيق أهدافها التنموية مع عدم الإضرار بأمن مصر المائي. وكي أصدقك القول، فإن مصر لديها أفكار ومقترحات عديدة من شأنها أن تسهم في تقريب وجهات النظر من أجل التوصل إلي اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف، إلا أن المشكلة تكمن في أننا لا نجد أمامنا شريك جاد لديه الرغبة والإرادة السياسية للتوصل إلي تلك التفاهمات، ويصر علي استكمال البناء دون الالتفات إلي أية اعتبارات، وهو إجراء لا يمكن القبول به أو السكوت عليه. رداً علي استفسار حول تقييم الوزير لاتفاقيات التعاون الثنائي بين البلدين، وبالتحديد اتفاقيات الحريات الأربع، أوضح أن هناك مصلحة مشتركة للبلدين في تنفيذ اتفاقيات الحريات الأربع، وإلا لم يكن هناك داع للتوقيع عليها من البداية. وهناك لجان مشتركة قائمة بالفعل تبحث كيفية تنفيذ كل تلك الاتفاقيات، وإزالة المعوقات التي تطرأ علي بعضها بين الحين والآخر. وفي الحقيقة، فإنه من المهم ألا نتعامل مع هذا الموضوع بقدر مبالغ فيه من الحساسية، فلكل دولة شواغلها واعتباراتها الداخلية التي تتغير مع تغير الظروف، ومن المهم في العلاقات بين الأشقاء، أن يكون هناك تفهماً لتلك الاعتبارات والشواغل، ولطبيعة الظروف التي تمر بها كل دولة، وتجنب القفز إلي استنتاجات غير دقيقة وفي غير صالح تحقيق الهدف النهائي المطلوب.وأوضح أن المرحلة القادمة سوف تشهد انفراجة في العديد من الموضوعات الثنائية العالقة، وهذا هو ما تم الاتفاق عليه بالفعل خلال اللقاءات الأخيرة مع وزير خارجية السودان. وحول ما إذا كانت مصر لديها إستراتيجية واضحة للتحرك أفريقياً، أجاب وزير الخارجية بالطبع نحمل رؤية واضحة للتحرك في أفريقيا، بل وأكثر من ذلك نعمل بشكل مستمر علي تطوير هذه الرؤية للتواكب مع العديد من المتغيرات التي تشهدها القارة الأفريقية والعالم من حولها. أفريقيا كانت دوماً في مقدمة أولويات السياسية الخارجية وأحد الدوائر الحيوية الرئيسية لدور مصر الخارجي، ولقد أسهمت مصر خلال هذه العقود في العديد من القضايا الهامة التي ارتبطت باستقلال ومصير الشعوب الأفريقية، وهو ما خلق رصيداً كبيراً لمصر لدي شعوب القارة لاسيما في دعم حركات التحرر واستقلال الدور الأفريقية وإعانتها علي بناء مؤسسات الدولة وامتلاك مقومات الاستقلال الاقتصادي والسياسي. الآن التطورات التي يشهدها العالم تطرح علي القارة الأفريقية ومصر من ضمنها مجموعة من القضايا الملحة، لعل في مقدمتها التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وإنسانياً، وما يرتبط بذلك من ضرورات مثل التكامل الإقليمي وإرساء الاستقرار السياسي والأمني، والنهوض بمعدلات التنمية البشرية والاجتماعية. وما نهدف أليه الآن هو تعزيز مساهمة مصر في جميع هذه القضايا الحيوية، وتدعيم موقف أفريقيا في المنظومة الدولية فيما يتعلق بجميع هذه القضايا. نحن نقوم في هذا الإطار بالعديد من المبادرات علي المستوي الوطني وكذلك علي المستوي الإقليمي، وأشار إلي قرار إنشاء الوكالة المصرية الجديدة للشراكة من أجل التنمية، والتي تهدف إلي تعزيز الدعم الفني المقدم من مصر لدعم عمليات التنمية بالدول الأفريقية الشقيقة. وقد قمت حتي الآن بست جولات في القارة الإفريقية وأعلنت منذ البداية أن مسألة استعادة مصر لدورها ومكانتها في القارة الإفريقية يأتي علي رأس أولويات مصر بعد الثورة باعتبار أن جذورنا إفريقية، وأستطيع القول أن هناك ترحيباً إفريقياً كبيراً بعودة مصر إلي إفريقيا وعودة إفريقيا إلي مصر. وذكر فهمي أنه بالإضافة إلي تحركنا في الأطر الإقليمية والدولية، فنحن أيضاً نتحرك بنشاط علي المستوي الثنائي، ولقد قمت حتي الآن كما ذكرت بزيارة 10 دول أفريقية، بعضها أكثر من مرة مثل السودان، إلي جانب الزيارات الأخري التي يقوم بها المسئولون رفيعو المستوي بوزارة الخارجية والوزارات المصرية الأخري، فضلاً عن المشاركة المصرية رفيعة المستوي في العديد من المؤتمرات مثل قمة القمة العربية الأفريقية الثالثة بالكويت، وقمة الكوميسا في كينشاسا، والاجتماع الوزاري لتجمع الساحل والصحراء بالخرطوم، وقمة التنمية والأمن في أبوجا، وقريباً سوف أتوجه للمشاركة في القمة الرابعة لأفريقيا/ الاتحاد الأوروبي. ورداً علي سؤال حول العلاقة بين مصر وجنوب السودان، وتقييم مصر للأزمة الحالية في الجنوب، أوضح الوزير نبيل فهمي أن العلاقة مع جنوب السودان إستراتيجية، وترتبط بمصالح مشتركة وميراث تاريخي من العلاقات، وليس خفياً، أن جنوب السودان يمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر، وأن استقرار أوضاعه وسلامه الاجتماعي يُعد جزءً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري. انطلاقاً من تلك الفرضية، ليس مستغرباً أن تجد مصر حريصة علي أن تكون قريبة من متابعة الأحداث الجارية في جنوب السودان منذ اندلاع الأزمة الأخيرة, ومستعدة لأن تقدم كل الدعم المطلوب لتسوية الخلافات بين الأطراف المتنازعة، وهي في ذلك تدعم بوضوح جهود تجمع الإيجاد للتسوية السياسية للأزمة. ليس خفياً أيضاً، أن مصر ساهمت وما تزال تساهم بالكثير، من أجل المساعدة في إعادة بناء وتعمير جنوب السودان بعد الاستقلال. وفي سبيل تحقيق ذلك، قدمت مصر برامج ومشاريع تنموية عديدة لمساعدة شعب وحكومة جنوب السودان لمواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية والإنسانية التي واجهت دولة الجنوب الوليدة. وبالتالي، فإن الاهتمام المصري بدعم جهود التسوية السلمية للأزمة الحالية هو اهتمام طبيعي ومنطقي. ونأمل في أن تكلل جهود الإيجاد بالنجاح، وأكرر أن مصر مستعدة دائماً للمساهمة في تلك الجهود، فضلاً عن جهود الأممالمتحدة لحفظ السلام في الجنوب.