أكد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين أن وتيرة الاعتداء علي مدينة القدس بلغت ذروتها هذه الأيام بسبب انشغال الكثير من الدول العربية بأوضاعها الداخلية، إلي جانب الانقسام الفلسطيني وتقاعس المجتمع الدولي عن أداء دوره بهذا الشأن. وقال المفتي، عبر بيان له اليوم، إن هذه الهجمة الوحشية علي المدينة المقدسة ليست وليدة اليوم، لكنها اشتدت وازدادت وتيرتها بشكل خاص في النصف الثاني من العام الماضي وبداية العام الجاري، حينما أطلقت الحكومة الإسرائيلية اليمينية العنان لتصريحات مسؤوليها سواء من الوزراء أو أعضاء 'الكنيست'. وأوضح أن هذا الأمر أفسح لهم المجال ليتفوهوا بما يشاؤون، ولذلك كثرت تصريحاتهم بتهويد مدينة القدس واقتحامات المسجد الأقصي، وإقامة الهيكل المزعوم، وهو ما أدي أيضا إلي تسارع وتيرة الحفريات أسفل الأقصي وفي البلدة القديمة وبلدة سلوان. وأشار مفتي القدس إلي أن كل هذه العوامل تدل علي أن وتيرة الاعتداء علي المدينة المقدسة وصلت ذروتها هذه الأيام لعدة عوامل منها تطرف هذه الحكومة اليمينية الصهيونية التي لا تريد السلام في الأصل، ثم ما يساعدها علي هذه الهجمة الشرسة من حال الأمة العربية والإسلامية في ظل قضايا الربيع العربي والانشغالات الداخلية والحروب المؤسفة في كثير من تلك الدول. وأضاف أن أحد عوامل تزايد الاعتداءات علي القدس أيضا مرتبط باستمرار الانقسام الفلسطيني، وبالتالي عدم وجود موقف فلسطيني موحد علي كل الأصعدة، بالإضافة إلي المجتمع الدولي الذي لا يقوم بواجبه بالشكل الصحيح بتطبيق الشرعية الدولية، رغم أنه ينادي بها ويزعم أنه يرعي حقوق الإنسان. وقال مفتي القدس إن 'الإسرائيليين' يطلقون في الواقع نداءات لتقسيم المسجد الأقصي زمانيا ومكانيا منذ فترة ويحاولون تطبيق ذلك من خلال اعتداءاتهم المتكررة واقتحاماتهم لباحات وحرم المسجد الأقصي، ولكن يقظة حراس المسجد لمثل هذه الاعتداءات وتصدي المصلين لها يحول دون تنفيذ هذا المخطط حتي الآن. وأضاف 'إن 'الإسرائيليين' يحاولون في الحقيقة تقسيم الأقصي رمانيا، ولذلك يقومون في الفترة الصباحية من الساعة السابعة والنصف وحتي الحادية عشر بفتح باب المغاربة، الذي استولت السلطات المحتلة علي مفاتيحه منذ عام وتحتفظ بها حتي اليوم، ويتم فتحه عنوة وضد رغبة الأوقاف الإسلامية، لإدخال المتطرفين والسائحين والجنود لباحات المسجد'. وأشار حسين إلي 'أن أحزابا أخري، لاسيما المتطرفة منها، تعلن بشكل واضح أنه يجب إقامة هيكل مكان المسجد الأقصي المبارك، لذلك نحن نقول القدس والأقصي في خطر حقيقي، خاصة في هذه الأيام التي يظهر فيها انشغال العرب بمشاكلهم الداخلية وبالفتن والحروب وانشغال العالم الإسلامي ثم سكوت المجتمع الدولي عما تقوم به سلطات الاحتلال من حماية المتطرفين وكل من يريد أن يقتحم الأقصي'. وأوضح أن 'الإسرائيليين' خرجوا الآن بنغمة جديدة هي محاولة الاستيلاء علي باب القطانين وفتحه تماما كما يحدث في باب المغاربة أمام السائحين واقتحامات المستوطنين، والمقصود بذلك توسيع الهجمة علي المسجد الأقصي من أكثر من بوابة، وفي الوقت نفسه إرباك السدنة وحراس المسجد والمصلين الذين يدافعون عنه، مؤكدا أنها 'خطة جهنمية' لمحاولات الاستيلاء علي المسجد، ومن ثم تنفيذ المخططات الهادفة لتقسيمه علي غرار الحرم الإبراهيمي. وقال المفتي حسين إنه يجب علي كل فلسطيني في فلسطين التاريخية يستطيع أن يصل للمسجد الأقصي، أن يخصص جزءا من وقته ليكون مرابطا بالمسجد، ورأي أن شد الرحال للأقصي 'إن كان سنة فقد ارتفع الآن إلي مرتبة الواجب، فالذهاب للمسجد والمرابطة فيه تشكل حماية له أمام هذا العدوان'. وأوضح أن هذه الدعوة للفلسطينيين بتخصيص جزء من وقتهم للمرابطة في الأقصي تتزامن مع دعوة أخري يوجهها ويطلق فتوي بها إلي المسلمين، لزيارة الأقصي من جميع البلاد الإسلامية، مما يعزز الوجود الإسلامي في المسجد، كما يعزز صمود المقدسيين حينما يرون إخوانهم من العرب والمسلمين يشدون رحالهم للمسجد.