لماذا لم يعلن الفريق السيسي عن ترشحه علي الفور وفي وقت مبكر طالما استشعر هذه الرغبة الجماهيرية العارمة في ترشيحه؟ لماذا؟ هل العبء ثقيل والازمات عديدة تفوق في مواجهتها طاقة البشر؟ هل الاقتصاد في انهيار وبالتالي المسئولية جسيمة للغاية لقد سبق ان صرح المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت بأنه لن يترشح مبررا ذلك بتراكم الأزمات وسوء الاحوال المعيشية مما يجعل من إدارة البلاد مهمة صعبة للغاية ويبدو أن لسان حاله يقول رحم الله امرئ عرف قدر تحمله لكن هذا بالطبع لا ينطبق علي السيسي وما قاله منصور ليس بالضرورة أن يقوله السيسي حيث المؤكد أن هناك فارقا في القدرات وفي درجة التحمل والصبر والاصرار والعزيمه كل هذا يجعلنا نقول إنه أمر طبيعي ألا يترشح منصور لكنه غير طبيعي علي الاطلاق الا يترشح السيسي ولو منصور احجم عن الترشح فلن نجد ردود أفعال غاضبة ومحبطة بل ويائسة أما لو غاب السيسي عن تلك الانتخابات فالمؤكد أن ردود الفعل في الشارع المصري سوف تكون معروفة مسبقا واليأس يعم داخل كل بيت. هل لدي السيسي حسابات خاصة لا يعلمها الرأي العام وربما لا يعلمها أقرب المقربين إليه جعلته ينظر إلي ترشحه بمنظور آخر يري من خلاله أنه لابد من التريث والتمهل لحين أن يتضح المشهد خاصة أن السيسي قد يقول لنفسه إني قدمت لشعبي هذه التضحية والمخاطرة التي جعلتني زعيما يشسجل له التاريخ صنيعه هذا وبالتالي لم يعد في حاجه إلي مجد آخر أو إلي تضحيات أخري تضاف إلي رصيده وربما بعد شغله لمقعد الرئاسة يجد نفسه مضطرا إلي اتخاذ بعض القرارات دون رغبة منه يكون من شأنها أن تسحب من هذا الرصيد دون أن نضيف إليه فنحن نري زعماء فضلوا الحفاظ علي شعبيتهم وقبول الجماهير لهم فكان حرصهم ألا يتخذوا أي قرار يمكن أن يكون له أي تأثير علي هذه الشعبية الجارفة فهل نكون مغالطين لو افترضنا أن تلك الحالة تنطبق علي الفريق السيسي؟ هل تمهل السيسي وكان تمهله مع سبق الاصرار ليترقب نتائج الاستفتاء وهو يدرك جيدا أن من يقول نعم يقولها له قبل أن يقولها للدستور وبالتالي كان شغوفا لمعرفة النسبة التي تجيء كمحصلة لرأي الاغلبية الكاسحة هل كان في حاجه إلي أن يتبين هذا؟ هل رأي أن الانتظار أجدي لأن نعم باكتساح هي التي يريدها فهل كان لديه شك أن تخرج النتيجة بهذه النسبة التي لم يفاجأ بها أحد ولو قلنا إنه كان ينتظر نتيجة الاستفتاء فلماذا بعد إعلان النسبة مباشرة لم يعلن ترشحه ماذا كان ينتظر بعد هذا كله؟. هل يغيب عن الفريق السيسي أن إرجاء اعلانه الترشح بهذه الصورة غير المبررة أصبح يمثل انزعاجا وعدم طمأنينة للسواد الأعظم من المواطنين الذين يرون أن الكلمة ليست كلمته بل كلمتهم هم وأن القرار قرارهم هم وأنه ليس من حقه أن يكون له أي خيار غير الخيار الأوحد الذي يرونه هم؟ هل يغيب عن الفريق السيسي أن كل يوم يمر عليهم دون ترشحه يلازمهم القلق علي بلدهم ومستقبل أبنائهم كل يوم يمر والوضع كما هو عليه تحترق فيه أعصابهم ويكادون يفقدون الامل ويتملكهم اليأس وهو بالطبع ما لا يريده لهم ويرفض أن يكون متسببا فيه بينما لو كان قد جاء هذا الترشح مبكرا وفي توقيته الملائم لما شاعت حالة القلق التي عاشها ويعيشها المصريون خوفا من أن يجدوا بلادهم يحكمها رئيس غيره. هل نقول إن السيسي لم يكن الترشح في ذهنه علي الاطلاق وأنه بمعني أدق لم يكن يريده أو يسعي إليه، لكنه فوجئ بهذه الضغوط تحاصره وتلاحقه اينما ذهب وبما جعل من الرفض امرا مستحيلا لا يؤدي سوي إلي غضب جماهيري لا يريد بالطبع أن يكون هو المتسبب فيه من حيث لا يدري ربما أن السيسي يري أن من مصلحة البلاد أن يبقي في موقعه يؤدي رسالته ويواصل عطاءه لكن ما يراه هو لن يجد أي قبول أو صدي طالما الجماهير لها رأي آخر السيسي هنا لابد أن يدفع مقابل هذه الشعبية التي نالها والمكانه التي احتلها وذلك بأن يصغي إلي مطلب الجماهير فهذا قدره شاء أم أبي وربما ما يزيد من تعقيد المشهد أن هناك حالة من عدم القبول لأي اسم آخر ربما يكون هناك من لديهم الصلاحية لشغل المنصب الرئاسي لكن الواقع أن الاسماء الأخري لن يلتفت إليها في ظل وجود السيسي في حلبة السباق وربما ايضا لا يلتفت اليها لو كان السيسي غائبا وهو أمر ليس بالضرورة أن يكون هو الامثل. هل نقول إن الجماهير أصابت حينما كان لها هذا الالحاح علي الرجل والضغوط عليه ليرضخ أم كان من الصواب أن تتركه ليتخذ قراره بعيدا عن أية ضغوط وهو بالقطع لن يتخذ قرارا ليس من مصلحة بلده هل حينما قال السيسي إنني لا أستطيع أن أعطي ظهري لهذا الشعب كان عازما علي عدم الترشح ثم رأي أنه لا مخرج سوي النزول علي رغبة هذه الجماهير ولو كان الأمر كذلك فلماذا لم يكن قرار السيسي هو الترشح الفوري بعيدا تماما عن تلك الضغوط طالما أن ترشحه هو الذي فيه صالح البلاد؟ لقد أعلن السيسي أن نهضة مصر بسواعد أبنائها وأنه لابد من العمل الجاد فهل يخشي أن يكون المواطن المصري قد أصبح بعد سنوات الضياع مفتقدا لهذا العمل الجاد وغير متحمس له مما يجعل مهام رئيس الدولة صعبه للغاية واليد وحدها لا تصفق أم أن مجرد ترشح السيسي يعيد الأمل والهمة والعزم إلي هذا المواطن فيسهم بفاعلية في نهضة بلده وانتعاشها ووقوفها علي قدميها من جديد.. السيسي بالطبع يأمل أن يحقق لبلاده ما تعذر تحقيقه في سنوات ماضية لكن اليقين قد لا يكون مكتملا في أن يستعيد المواطن حيويته وانتماءه في وقت قياسي وربما لو كان هذا اليقين مطلقا لكان السيسي أكثر حماسا في الترشح. لو سألنا السيسي هل تري أن هناك شخصيات يمكن أن تأتي وتشغل هذا المنصب عن جدارة واقتدار وتؤدي مهامها بنفس القدرات والصلاحية التي تمسك بك الشعب من أجلها فماذا كنت تقول؟ هل تري مثلا أن شفيق يمكن أن يملأ هذا المنصب أو حمدين أو موافي أو آخرين.. القضيه ان الجماهير لم تعد تري غيرك لشغل هذا المنصب ربما الآخرون لديهم الوطنية والمصداقية لكن القضية انك أصبحت وحدك علي الساحة ولا أحد سواك هذا ما تراه الجماهير أو ما تريد ان تراه المؤكد ان الفريق السيسي ليس غائبا عنه أن الدولة اليوم في امس الحاجة إلي حاكم حازم وبدون هذا الحزم لا نتكلم عن نهضة أو تنميه اقتصادية واجتماعية ولا نتحدث عن تعليم أو خدمات علاجية الحزم هو الذي يعيد الانضباط إلي الشارع المصري الذي بات يشهد انفلاتا غريبا علي مجتمعنا اذن الحزم قبل كل شيء وأي شيء وطالما الحزم ضرورة إلي هذا الحد فتلك الفترة تتطلب وجود رجل يجيد الضبط والربط من أجل أن نستعيد سلوكيات افتقدناها إلي أبعد مدي وغابت عنا ودونها لن نخرج من هذا النفق المظلم.