منذ شيوع حالة الفوضي الممنهجه التي اعترت الوطن في الثامن والعشرين من يناير عام 2011 – والتي كان من أبرز نتائجها الكارثية اعتلاء جماعة الإخوان المسلمين حكم مصر، بل وسيطرتها فعلياً علي مقاليد الأمور عقب سقوط نظام مبارك مباشرةً – وحتي الآن، تعددت التظاهرات السلمية وغير السلمية والاضرابات والاعتصامات وكل أشكال الضغوط السياسية، للمطالبة بمطالب شخصية أو فئوية أو طائفية، مستغلةً ترهل الدولة وضعف سلطتها في هذه الظروف الصعبة، لفرض تلك المطالب، سواءً كانت مشروعةً أو غيرَ مشروعةٍ، جائزةً أو غيرَ جائزةٍ، وللأسف الشديد فقد استجابت الدولة خلال تلك الفترة لكثيرٍ من تلك المطالب رغم عدم مشروعيتها في بعض الأحيان، وعدم ملاءمتها لطبيعة وظروف المرحلة وقدرات الدولة في أحيانٍ أخري، وكان ذلك في جميع الأحوال – من منظور السلطة الحاكمة – حرصاً من الدولة علي امتصاص أي بواعث للغضب الشعبي، لمنع تفاقم حالة الاضطراب المجتمعي، وإعادة حالة الأمن والاستقرار التي يحتاجها الوطن ويتوق إليها كل أبنائه. * إنني كأحد المهتمين بالشأن العام والمراقبين للمشهد السياسي، أتفهم تلك المطالب ودوافعها ومبررات طرحها في مثل تلك الظروف، ويمكن أن أتقبلها رغم ما فيها من انتهازيه أو عدم تقدير، كما ألتمس العذر لسلطات الدولة التي استجابت لها، وإن كان التاريخ سيحاسب عليها، رغم كل الأعذار والنوايا الحسنة. ولكن مالا يمكن أن نتقبله بأي حالٍ من الأحوال، بل ويجب التصدي له بمنتهي الوضوح والقوة والحسم، هو تلك المطالب التي يمكن أن تمس أمننا القومي، أو تنذر بمخاطر عليه في المستقبل القريب أو البعيد، ومن تلك المطالب التي أراها من هذا القبيل، والتي يثور ويتصاعد الجدل بشأنها من وقتٍ لآخر، ويتم تناولها في بعض الأحيان بقدرٍ كبير من الشمولية والسطحية، وفي أحيانٍ أخري بشيءٍ من سوء القصد أو الضغائن الشخصية. ما اُصطلِح علي تسميته بمطالب أهل سيناء وحقوق أهل النوبة، وهو ما نعرض له علي النحو التالي: أولاً: في ظل منظومة الفوضي والانفلات الأمني التي أشرنا إليها والتي عمت ربوع الوطن، وكان لمنطقة سيناء النصيبُ الأوفر والأخطر منها، حتي أصبحت مستعمرةً لكثيرٍ من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وبشكلٍ بات يهدد بنزع سيادة الدولة علي هذا الجزء العزيز من أرض الوطن، ثار الجدل والنقاش حول مطالب أهل سيناء، فادعي البعض أنهم عاشوا محرومين من حقوق المواطنة التي يتمتع بها غيرهم، وهذا غير صحيح بالمرة، ولو قارن المنصفون بين حال أهل سيناء وأهل الصعيد علي مدار العقود الطويلة السابقة، لتبين لهم ضلالُ هذا الادعاء، الذي كان ستاراً لأغراضٍ أخري. منها إقرارُ نظامٍ خاص في الأمن والقضاء لمنطقة سيناء وتخصيصُ نسبةٍ مئويةٍ محددةٍ في البرلمان لتمثيل سيناء والسماحُ بتملك الأراضي بلا قيدٍ أو شرطٍ أو التزامٍ بقوانين الدولة السارية في هذا الشأن، وكلها مطالب ظاهرها الرحمة وفي حقيقتها تمهيدٌ لانفصال سيناء عن الوطن حسب المخطط الأجنبي المسمي بالشرق الأوسط الجديد الذي يُعد أخطرَ تهديدٍ لأمننا القومي، بل لأمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها. كما زعم البعض، بأن عدم تنمية سيناء كان السبب في انتشار حاله الانفلات الأمني بها ثم احتضانها للجماعات الإرهابية، وتغافل هؤلاء عن الدور الآثم للنظام السابق في استقدام تلك الجماعات وإيوائها وحمايتها في هذه المنطقة التي ساعدت بطبيعتها الجغرافية وتركيبتها السكانية علي ذلك. كما غاب عن الكثير حقيقةٌ هامة، وهي أن الصحراء تُعدُ من أهم وأقوي الموانع الطبيعية، ولذلك استقر في الاستراتيجيات العسكرية، أن الصحراء الحدودية هي التي تحمي الدولة وليس العكس، ومن هذا المنطلق فإن تنمية سيناء لا يكون بالبناء المفرط أو التعمير العشوائي، ولكن لابد أن يكون بمحدداتٍ دقيقةٍ تتفق مع اعتبارات ودواعي الأمن القومي. ثانيًا: أما عن أهل النوبة، فقد كان نزوحهم للعيش والاستقرار علي أملاك الدولة بضفاف النيل جنوبأسوان، عقب ارتحالهم بين مناطق شتي حتي عام 1902. وبعد نحو ستين عاما، ومع بداية المشروع القومي ببناء السد العالي الذي اتحد حوله كُلُ المصريين، كان لابد من أخلاء بعض المناطق حول مجري نهر النيل لإقامة المشروع، وبروح الانتماء الوطني رحبت الأسر النوبية بذلك، وتم نقلهم بمحض إرادتهم إلي أماكن أخري أُعدت جيداً لإقامتهم بشكلٍ أفضل، مع صرف تعويضات مجزية لهم جميعاً، فلم يكن تهجيرهم قسرياً، بل كان طوعياً بإرادةٍ وطنيةٍ واعية، ولم يكن نقلهم مؤقتاً وإنما كان نهائياً ودائماً، وبالتالي فإن إثارة هذا الموضوع الآن تحت عنوانٍ خبيث عن حق أهل النوبة في العودة لوطنهم وإحياء لغتهم القديمة، إنما يُرسخ لعرقيةٍ جديدةٍ تساعد علي تفتيت الدولة المصرية وإعادة تقسيمها من جديد، وهو ما يتعارض حتماً مع مقتضيات ودواعي أمننا القومي، حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواءَ السبيل.. تصرفات الإخوان الحمقاء دفعتهم إلي الهاوية المستشار سامح المشد لا بد أن أذكر في بداية المقال أن الإرهاب وظيفته الرئيسية هي إلحاق الألم والمعاناة والمرارة بحياة الناس في كل الدول التي تذوق نار الإرهاب، وعلي رأسها مصر، حيث لا يمر يوم دون أن يحدث أي عمل إرهابي من جماعة الإخوان أو من يساندها أو يعاونها أو تعاقد أو اتفق معها بالقول أو الفعل أو التمويل، حيث تقتل هذه الأعمال الإرهابية بشكل عشوائي الأبرياء والشيوخ والأطفال والنساء، والحاجة الماسة تستدعي تكاتف الدول العربية مع مصر لمكافحة هذه الآفة للمصلحة المشتركة لأنها تهدد البلاد العربية جميعًا، مع أهمية إدراج الإخوان علي المستوي الدولي كمنظمة إرهابية وليس علي المستوي المصري أو العربي فقط، مع ضرورة وضع هذا الملف كقضية مدرجة علي جدول أعمال كل دولة عربية علي حدة، وكذلك جامعة الدول العربية، وجميع دول العالم وعلي رأسها الأممالمتحدة التي تحارب الإرهاب منذ عقود، حيث وُضعت أربع عشرة اتفاقية دولية في إطار نظام الأممالمتحدة المتعلق بالأنشطة الإرهابية، ودأبت الدول الأعضاء من خلال الجمعية العامة علي تنشيط جهودها، ولكنها للأسف الشديد لم تفعِّل هذه النشاطات والقواعد المتعلقة بمكافحة الإرهاب، والقضاء علي الاستخدام المنهجي للإرهاب، الذي يوجه دينيًا أو سياسًا أو أيديولوجيًا، باستخدام تكتيكات مماثلة من قِبل المنظمات الإجرامية لفرض قوانينها وهيمنتها وسيطرتها. إن الإرهاب الأسود الذي يقوده تنظيم الإخوان، ويمارسه أعضاؤه، وينفذه التكفيريون والجهاديون، آخر أوراقهم الفاشلة بعد سقوط قياداتهم، عندما أرهبوا المصريين ومارسوا العنف ورفعوا السلاح وقتلوا وأهدروا وروَّعوا واغتالوا الجنود والضباط، فضلاً عت محاولة اغتيال وزير الداخلية محمد ابراهيم، واللواء أحمد وصفي قائد الجيش الثاني الميداني، والذي يقود عمليات تحرير سيناء من بؤر الإرهاب، واستهداف مراكز الشرطة والمديريات، وآخرها مديرية أمن الدقهلية، والأتوبيسات المدنية، وآخرها أتوبيس مدينة نصر. نحن بوضوح مع جيش بلادنا والمخابرات المصرية، أما هؤلاء الذين صدَّعوا رءوسنا وملأوا الدنيا صراخا وضجيجًا ويسبون الجيش، ويمسكون العصا من المنتصف، أمثال عبد المنعم أبو الفتوح ويأخذون دور النعام، فالظرف الذي نمر به اليوم يكشف دموع التماسيح، والمعركة صراع بين الإرهاب والشعب، بين الحق والباطل، يخوضها إلي جانب الداخلية الجيش الذي يضحي أفراده بأرواحهم في ميدان دخلوه مرغمين غير باغين، فلنقف مع الجيش حتي يتم القضاء علي الإرهاب من جدوره، وذلك علي أساس نظرية الدولة التي تقول: لا قانون بدون قوة عسكرية تنفذه ولا قوة عسكرية بدون قانون يراقبها، فإن هذه الثنائية تحتاج إلي تقارب بين الاثنين، لأن بناء دولة عصرية لن يحدث إلا بالقضاء علي إرهاب الإخوان، وهو أهم مقومات العمل علي بناء الدولة. وهنا تقع مسؤولية مساندة الجيش المصري علي الجميع خصوصًا المثقفين، فالمثقف الحقيقي صاحب الدور الكبير هو ليس من يستعرض نفسه أو يتقمص الدور ويتظاهر به، بل هو من يوظِّف إبداعه وقدراته وطاقاته من أجل بلاده، وإلا ما معني قصيدة تكذب صاحبها، أو موسيقي تؤيد القتلة والفجرة والإرهابيين، أو لوحة جميلة بمواصفات فنية وبلا روح، أو أغنية وطنية من قِبل أناس لا ينتمون إلي الوطن، أو شعارات مصرية لجماعة ولائها للتنظيمات الدولية، أو شعارات تركية لقوم يدَّعون الوطنية المصرية، أو علامات ماسونية لجماعة تتحدث باسم الدين، وأردد العبارة التي قالها بيكاسو: 'الفن ليس لتزيين البيوت بل هو سلاح دفاعي ضد قتلة الحياة'، فهل برأيكم هنالك قتلة أكثر من حماس والإخوان؟ فلا بد أن تخرجوا من قوقعتكم التي تدَّعون أنها البرج العالي، وتخلعوا ثياب الإمبراطور الرثة، فواحد من أسباب تدهورنا قتصاديًا وعلميًا وثقافيًا، هو انتهازية صاحب المال والسلطة التي صارت شائعة، وصارت ظاهرة واضحة، والشخصية الوطنية هي الباقية أما الانتهازيون فأعمارهم قصيرة، والإخواني المؤدلج ماليًا ومعنويًا وتربويًا لن يسمح بأي حقيقة تتسرب إلي وعيه لأنها تفضح موقفه، بل سيستجير بذاكرته المتعبة ورسائل حسن البنا وسيد قطب ويستدل بأمثلة مشوشة ليبرر بقاءه في المكان الخطأ ولُيبقي علي دعمه لجماعة إرهابية. لكن الأمل مازال قائمًا للقضاء علي الألم، فالعنصرية في الولاياتالمتحدة والحرب الأهلية ضد الهنود الحمر انتهت قبل فترة قصيرة، وكذلك العنصرية بين البيض والسود بجنوب أفريقيا والأمثلة كثيرة. فعلي شباب الإخوان وأخص العقلاء والأتقياء منهم أن يمارسوا دورهم الإنساني والوطني ويهبُّوا لمساندة الجيش والشعب، فأول من سيدمره الإرهاب هو أنتم أيها الشباب، وتأكدوا بيقين أنه لم ولن يرحمكم الناس والتاريخ وأبناؤكم وأحفادكم إذا انطبقت هذه المقولة عليكم: 'التغيير يصنعه الحالمون، وينجزه الشجعان، ويستفيد منه الانتهازيون'.. فعليكم أن تساهموا في تغيير المعادلة حتي ولو بكلمة. هؤلاء الإرهابيون أعدوا بالفعل قائمة خاصة باغتيالات معظم الرموز المصرية علي رأسها قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، وكذلك عدد من السياسيين والكتاب والصحفيين والإعلاميين والمفكرين والعقلاء، وبالطبع لا يلجأ لهذا الأسلوب الإجرامي الدموي إلا جماعة مجرمة دموية، صاحبة تاريخ حافل بالإجرام والعنف الذي بدأوا بصناعته منذ الأربعينيات، حيث كانت بدايته اغتيال أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء، ثم قتلوا بعده محمود فهمي النقراشي باشا، ثم قتلوا القاضي العادل الذي حكم عليهم أحمد بك الخازندار, ليروِّعوا بقتله باقي قضاة مصر الشرفاء، وقاموا بإشعال النيران بالمحكمة، وأحرقوا ملفاتها، وإتلاف أدلة اتهامهم، وقتلوا الزعيم السادات، وحاولوا اغتيال الزعيم عبد الناصر، الذي استأصلهم من الحياة السياسية للقضاء علي الإرهاب المتأصل في دمائهم، ليعودوا إليه كما بدأوه أول مرة.. وفي فترة حكمهم البغيضة، وافقوا علي بيع جزء من سيناء التي اختلطت رمالها بدماء المصريين منذ سبعة آلاف عام حتي هذه اللحظة، مصممين علي أن يصنعوا من شمال سيناء وطنًا بديلاً للفلسطينيين طبقًا للمخطط الأمريكي الإسرائيلي، الذي بدأ في تنفيذه الخونة من الإخوان، لمحاولة إنهاء المشكلة الفلسطينية علي حساب المصريين بالتعاون مع الخائنين التنفيذيين 'حماس'، وكذلك التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان بعد زيارة المعزول لإخوانه الخونة من البشير وأتباعه، في مقابل نزع إقليم دارفور، وإعلان جمهورية دارفور في محاولة ثانية لتقسيم السودان علي حساب الأرض والعِرض والشرف المصري من جماعة بلا شرف. فسقط هذا المخطط اللعين بقيام ثورة 30 يونية التي قادها الشعب المصري وسانده وآزره جيش مصر العظيم، وكان يوما 3، و26 يوليو أكبر تأكيد وبرهان علي نجاح الثورة الثانية، ففشل مخطط أمريكا وإسرائيل وبدأ إرهاب الإخوان، وإرهاب طلبة الإخوان، والترويع لزعزعة الأمن والاستقرار لتحويل مصر إلي عراق وسوريا وسودان وليبيا جديدة ولكن.. وبفضل الله سيظل الشعب المصري وجيشه وشرطته يدًا واحدة وجسدًا واحدًا لمواجهة الإرهاب واكتشاف العملاء والخائنين لهذا الوطن، وستبقي مصر كنانة الله في أرضه، وستظل المحروسة، محروسة بجيشها رغم أنوف أعدائها. وبناء علي ما سبق ذكره، أعلنت الحكومة المصرية 25 ديسمبر 2013 أن جماعة الإخوان 'تنظيم إرهابي'، وأن 'جميع أنشطتها بما فيها التظاهر محظورة'. من المستحيل فرض إرادة مكتب الإرشاد علي مصر، ولأنهم مفلسون فكريًا ظنُّوا بارتكابهم تلك التصرفات الحمقاء، وتهديد الجيش والشعب، أنه يمكنهم تحقيق مطالبهم، فسقطوا إلي القاع، ووقعوا في الهاوية وإلي مزبلة التاريخ.