بالأمس القريب كانت قيادات الإخوان تطالب بوضع قوانين حازمة لتنظيم التظاهرات ضد حكوماتهم إلا أن أصواتهم المعارضة لأي قانون لتنظيم التظاهر قد علت بعد أن وجدوا أنفسهم خارج دائرة الحكم وبعد أن أصبحوا يمارسون التظاهر بأساليب عنيفة هدفها الأول هو تعطيل مصالح الناس وإغلاق الطرق واتلاف الممتلكات الخاصة والعامة. وقانون التظاهر الذي لا يزال محل دراسة من جانب الدولة والمنظمات الحقوقية والقانونية أثار جدلا واسعا بين المؤيدين والمعارضين إلا أن أصواتا عاقلة تري أن التظاهر هو أحد الحقوق المكتسبة للشعب بعد ثورة 25 يناير إلا أنه يجب التوازن ما بين حق التظاهر وهيبة الدولة التي تسعي جماعات بعينها إلي النيل منها والعبث بالممتلكات العامة وتعطيل مصالح الناس خاصة بعد ثورة 30 يونيو. ووصلت بأحدهم لأن يصدر فتوي بأن المظاهرات حلال للإخوان المسلمين حرام علي باقي المصريين وهو ما جعل 'الأسبوع' تسعي لرصد مثل هذه الفتاوي والتصريحات بجانب معرفة آراء عدد من الخبراء في هذه الظاهرة فقد أصدر الدكتور عبد الرحمن البر مفتي الإخوان المسلمين فتوي في عهد المعزول تحرم الخروج علي الحاكم وأن كل من يسعي لإسقاط النظام فهو خارج علي الحاكم، ولكن بعد إسقاط مرسي أصدر فتوي أخري تقول: 'إن الخروج في مظاهرات والمعارضة السياسية للنظام ليس خروجا علي الحاكم، إنما هو لون من ألوان النصيحة الواجبة وباب من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر'. وهو نفس ما فعله الداعية الهارب محمد عبد المقصود في مؤتمر نصرة سوريا باستاد القاهرة، فقد أصدر فتوي غريبة بأن كل من يخرج علي الرئيس المنتخب، فهو كافر ودمه حلال وأن قتلي التيارات الإسلامية في الجنة وقتلي المعارضين في النار، وحرم عدد من قيادات الجماعة الإسلامية الخروج علي الحاكم مطلقا حتي في عهد مبارك وهو موقف معروف لدي التيار السلفي الذي لا يجيز الخروج علي الحاكم مطلقا ولكن سرعان ما تبدلت المواقف وخرجت الفتاوي بعد عزل مرسي تطالب بعودته معتبرة، وأن الخروج عليه كبيرة من الكبائر. وهو ما جاء واضحا في رأي حزب النور بمناسبة إصدار قانون التظاهر الآن، فقد قال الدكتور يونس مخيون: إن مشروع قانون التظاهر الحالي وسعي الحكومة إلي إصداره في هذا التوقيت انتكاسة وعودة للوراء، لأنه لا يحقق مكتسبات ثورتي يناير ويونيو، وأنه ينتزع أهم مكاسب الثورتين وهي الحرية وحرية التعبير، وهو نفس الموقف الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين علي لسان حسين إبراهيم الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الذي يري أن التظاهر السلمي والاعتصامات حق مكفول لجميع المصريين. وهو ما يظهر مدي التناقض في تصريحات وفتاوي التيارات الإسلامية التي تبحث عن المصلحة فقط دون النظر إلي غيرها، وهو ما وضح في فتاوي البعض أيضا بجواز حلق اللحية للإخوان المسلمين حتي لا يتم القبض عليهم. وعن هذا التناقض في موقف الجماعات الإسلامية، خاصة الإخوان المسلمين والسلفيين، يقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إن تصريحات الأحزاب الإسلاميه وجماعة الإخوان المتناقضة في قانون التظاهر من حتمية وقت مرسي المعزول ورفضهم له الآن بدعاوي مختلفة، فالمظاهرات في عهد مرسي كان يقوم بها أغلب تيارات الشعب المصري من غير الإخوان ومن يتحالف معهم أما بعد 30 يونية أدرك الإخوان الوضع الجديد الذي أزاح النظام الإخواني وأصبحت المظاهرات هي السلاح الوحيد الذي يستخدمه الإخوان في إثارة الفوضي والتخريب والدمار في مصر والاعتداء علي الجنود في الجيش والشرطة والاعتداء علي المواطنين واتلاف الممتلكات الخاصة والعامة ووقف وسائل الانتقال كالمترو والسكك الحديدية وغيرها ووقف الطرق بين المحافظات والقيام بعمليات اغتيال كمحاوله اغتيال وزير الداخلية. وأضاف الجمل وهؤلاء طبعا من مصلحتهم ألا يصدر قانون للتظاهر ينظم أي تظاهرات ويؤمن سلمية المظاهرات ويعاقب كل من يخرج علي سلمية المظاهرات والعمل علي إيقاف التظاهرات التخربية التي يخرج بها أنصار الإخوان، ومثل ما حدث مؤخراً في جامعة الأزهر فهم لا يريدون صدور أي قانون للتظاهر، وهناك في الحكومة من يضع عقبات أمام صدور هذا القانون بزعم حماية منجزات الثورة وحماية الحريه ومنذ 30 يونية وجماعة الإخوان، ومن يتحالف معهم يخرجون في مظاهرات تخريبية تهاجم كل مؤسسات الدوله وتسعي لإسقاط الدولة، وذلك حسب تصريحاتهم بأنهم مستمرون في المظاهرات حتي عودة مرسي المعزول ومجلس الشوري. وأوضح: أن الرأي السديد هو أن الأمن القومي لمصر لابد أن يعلو علي أي شيء ولا يحق لأي تحالف أو تيار أن يشيع الفوضي والإرهاب في المجتمع المصري بهذه الصورة ولابد من عدم الانتظار، ويمكن لرئيس الجمهوريه المؤقت أن يصدر هذا القانون بقرار جمهوري حتي يضمن سلمية المظاهرات وحماية المجتمع من الفوضي وتأخير إصدار قانون تنظيم التظاهر قد يفقد المواطنين الثقه في الحكومة الحالية. أما الدكتور مصطفي علوي 'أستاذ العلوم السياسيه بجامعة القاهرة'، فقد أكد أن التظاهر في أي دولة يجب تنظيمه وفي أقدم الدول ممارسة للديمقراطية هناك قانون ينظم التظاهر ولا يمكن لأي فصيل أن يرفضه ما دام يراعي المعايير الدولية والحقوق الإنسانية، فحق التظاهر مكفول لكل مواطن، ولكن يجب أن يكون حقًا منظمًا ومن بين القواعد المنظمه أنه يجب إبلاغ السلطات بمكان التظاهر ومدته. وأضاف: أن التظاهر حق، ولكن يجب ألا يخل بحقوق المجتمع او يضر بالصالح العام أو الإضرار بمنشآت عامة أو خاصة أو يترتب عليه استخدام للعنف وأن التظاهر لا يجب ألا يتحول إلي اعتصام أو وجود دائم في الشارع وألا يتجاوز المكان الذي حدد له فحق التظاهر ليس حقا مطلقا ولكن تحكمه حقوق الآخرين وهذه القواعد أساسية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفي كل الدول الديمقراطية أما حسين عبد الرازق –عضو المكتب السياسي لحزب التجمع فيري أن مواقف الإخوان المسلمين ومعهم باقي التيارات الإسلامية في قضية التظاهر غير ثابتة وأنها تتغير بتغير المصالح وأنه ليس هناك مبادئ يتمسكون بها في هذا الأمر وهو ما ظهر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي فقد طالبوا الشعب بعدم التظاهر ضده مع السعي الدائم لإصدار قانون التظاهر، ولكن هم الآن يرفضون إصداره بدعوي الحرية والمكتسبات الثورية وأضاف عبد الرازق أن جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي فقدت في خلال فترة حكم مرسي وما بعد عزله أي تعاطف أو تأييد شعبي ولا أحد في الشارع المصري يقتنع بمواقفهم وآرائهم غير اتباعهم فالتخريب والتدمير ومحاولة إثارة الفوضي في الشارع المصري لابد أن يتصدي لها قانون ينظم التظاهر ويحمي المجتمع.