بعد شهور من الاضطراب في مصر 'يلح ضباط الجيش علي قائده الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي يتمتع بشعبية كبيرة أن يترشح للرئاسة، بعد أن كانت انتفاضة عام 2011 قد أحيت آمالا في تغيير ديمقراطي في الدولة التي هيمن عليها العسكريون طويلا'، بحد تعبير تقرير لوكالة رويترز. وكان الجيش قد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وهو أول رئيس منتخب في اقتراع حر في أوائل يوليو بعد مظاهرات ضخمة مناوئة له. ومنذ ذلك الحين تشهد مصر التي تكرر تعثر التغيير السياسي فيها احتجاجات شبه يومية كما شهدت تفجيرات واشتباكات متفرقة قتل فيها المئات. وظهور عسكري من جديد في سدة الحكم من شأنه أن يثير قلق منظمات حقوق الإنسان الدولية والحلفاء الغربيين مثل الولاياتالمتحدة وأن يثير احتمال زيادة العنف علي أيدي معارضي السيسي. وقالت سلمي علي مسئولة العلاقات الإعلامية في لندن لجماعة الإخوان المسلمون التي ينتمي إليها مرسي: 'بحسب القانون الدولي.. نعتبر أي عملية نفذت بعد الانقلاب غير شرعية ولا تمثل الشعب المصري'، بحد تعبيرها. وذكرت مصادر في الجيش أن كبار الضباط أبلغوا السيسي في سلسلة اجتماعات علي مدي الأشهر الثلاثة الأخيرة ببواعث قلقهم بخصوص القلاقل السياسية. وقال ضابط في الجيش طلب ألا ينشر اسمه 'أبلغناه بأننا نحتاج إلي الحفاظ علي الاستقرار. مصر تحتاجه والشعب يحبه ويريده. يضاف لذلك: من غيره يمكن أن يترشح؟ ليس هناك من هو في مثل شعبيته'. وكان الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي أطاحت به انتفاضة 2011 كثيرا ما يشير إلي 'الاستقرار' كشغل شاغل وهو يسحق معارضيه علي مدي 30 عاما. وأثارت الانتفاضة ضد مبارك التي قادها ناشطون ليبراليون ثم انضم إليها الإسلاميون الآمال في ديمقراطية مدنية بعد ستة عقود من حكم العسكريين. ومنذ عزل مرسي قتل مئات الإسلاميين في احتجاجات واشتباكات واعتقل آلاف آخرون بينهم مرسي وقياديون آخرون في جماعة الإخوان المسلمون. لكن هذا لم يضع حدا للاضطرابات وزادت هجمات الإسلاميين المتشددين في سيناء بشدة منذ عزل مرسي. وألحق الاضطراب الضرر بالسياحة والاستثمار. لكن السيسي ظهر كشخصية تتمتع بشعبية جارفة. وانتشرت صوره في كل مكان وشكلت قطع الشوكولاتة علي هيئته، وتباع في الشوارع حلي تحمل صورته. ويعتقد كثير من المصريين أنه سيفوز إذا رشح نفسه للرئاسة. وقال ضابط في الجيش إنه وكثيرا من زملائه يساندون السيسي. وقال 'نختلف فيما بيننا في الشئون السياسية طول الوقت. وكانت لنا وجهات نظر مختلفة في عهد مبارك وفي عهد مرسي لكننا الآن متفقون علي السيسي'. وبعث السيسي في المقابلات الإعلامية بإشارات متباينة بخصوص احتمال ترشحه قائلا إنه لا يسعي للسلطة لكنه ترك الاحتمال قائما في أحدث مقابلة. وأشار عدد من ضباط الجيش في مقابلات مع رويترز إلي أن السيسي صار أكثر تقبلا للفكرة في الشهر الأخير. وقال ضابط كبير 'كان يقول من قبل 'لا يمكن'. الآن يقول 'فلننتظر ونري، إن كان هذا ما يحتاجه البلد ويريده الشعب فلا يمكن أن نخذلهم'. وأضاف 'إلي الآن لم يقدم إجابة مباشرة بخصوص ما إذا كان سيرشح نفسه لكننا ندرك أنه يستمع إلينا ولا يرفض الفكرة'. وأعلن السيسي مساء الثالث من يوليو يوم عزل مرسي خارطة طريق سياسية هدفها إجراء انتخابات أوائل العام المقبل. وشكلت الحكومة المؤقتة لجنة من 50 عضوا لتعديل الدستور الذي أقر في استفتاء في عهد مرسي العام الماضي. ويقول أعضاء في اللجنة إن الجيش الذي له ممثل بها ضغط من أجل ميزات خاصة للقوات المسلحة مثل اختيار وزير الدفاع. وقال السيسي وهو أيضا وزير الدفاع إنه سيبقي بمنأي عن شئون الدولة. لكنه كثيرا ما يلتقي بكبار المسؤولين المصريين والأجانب. ووصف المحامي الحقوقي جمال عيد السيسي بأنه 'سياسي حقيقي' وقال 'أخشي عودة الجيش الممكنة للحكم علي ضوء المؤشرات الموجودة في الشارع. الجيش إما أنه سيقدم مرشحا مباشرا أو يساند مرشحا'. وعندما احتفلت مصر بذكري حرب السادس من أكتوبر كان السيسي وليس الرئيس المؤقت عدلي منصور هو الذي ألقي الخطاب الرئيسي إلي المصريين. ووعد في خطاب حفل بالمشاعر الجياشة بأن مصر ستكون 'قد الدنيا'. وقال السيسي لحضور الحفل إن عليهم أن يتأكدوا من أن ذلك سيتحقق لكنه يحتاج إلي الصبر والعمل المخلص. وأغرورقت عيناه بالدموع وهو يستمع للأغاني الوطنية التي أداها مغنون في الحفل. ورغم أن المصريين انتخبوا مرسي فقد خاب أمل كثيرين في الإخوان خلال رئاسته. واتهم بالاستئثار بسلطات كاسحة وتهميش المعارضين وإساءة إدارة الاقتصاد وهي اتهامات تنكرها الجماعة. ويري كثيرون أن الجيش هو الخيار الوحيد.ويعاني معسكر الليبراليين واليساريين من الضعف والانقسامات الحادة ولم يتمكن من اكتساب قواعد جماهيرية فعالة. بل وقال بعضهم إنهم يؤيدون ترشح السيسي للرئاسة. وقالت حملة يعمل لها شباب وليبراليون تسمي 'كمل جميلك' إنها جمعت توقيعات 15 مليون مصري يطالبون السيسي بالترشح. وأيد سعد الدين إبراهيم وهو نشط بارز قضي سنوات في السجن في عهد مبارك الحملة ووصف السيسي بأنه من أنقذ مصر من الظلام. ولا يمكن لرويترز التحقق من عدد التوقيعات لكن شعبية السيسي واضحة في الشوارع. وقالت مني أحمد وهي ربة بيت عمرها 63 عاما 'أنا أحب السيسي وهو رئيسي سواء رشح نفسه أم لا. هو شاب وصلب العود ومتدين أيضا. هو كل المصريين في واحد'. ويشبه كثيرون السيسي '58 عاما' بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وقال ضابط في الجيش 'الجيش لا يريد السلطة ولا الفريق السيسي يريدها لكن لمصلحة مصر وأمنها القومي واستقرارها في هذه المرحلة الحساسة لا بد من المواءمات واتخاذ قرارات حاسمة'. وأضاف 'إذا الناس عايزين دا ومفيش بديل غير السيسي يبقي المفروض يترشح'.