مصر من أوائل الدول التي تحتفل اليوم بمرور الذكري المائتين علي ميلاد الموسيقار فيردي المولود في 10 أكتوبر 1813لما لا وقد كانت مصر وعبر تاريخها الطويل سباقة في مجال الفنون والعلوم والمعاهدات الدولية، ويأتي هذا الاحتفال الضخم اليوم ليدعم الروابط والعلاقات التاريخية بين مصر وإيطاليا بل ويأتي مواكبا لاحتفال دار الأوبرا المصرية باليوبيل الفضي وقد حضر الافتتاح الذي تنظمه دار الأوبرا بقيادة رئيستها الدكتورة إيناس عبد الدايم وفي حضور سفير إيطاليا بمصر وممثلين من ملاحق السفارة ومنها الملحق الثقافي وحضور حفيد الفنان فيردي بالتبني، والفنان ساندرو فانيني مؤلف فيفا فيلا فيردي والمايسترو ناير تاجي المدير الفني لأركسترا أوبرا القاهرة والدكتور عبد الله سعد المخرج المنفذ لأوبرا عايدة وكثير من رموز الفن والثقافة من مصر والعالم وكثير من ممثلي السفارات والمكاتب والمعاهد الثقافية الأجنبية بالقاهرة، ويأتي هذا الاحتفال ليعلن للعالم علاقة مصر القوية بالفنان فيردي عاشق الحضارة الفرعونية القديمة ليثبت أصالة وعرفان شعب مصر بهؤلاء الذين عشقوها وقدموا لها أعمالا خالدة لا تنسي كما قدم فيردي لمصر أوبرته الخالدة عايدة، ويأتي إخراج هذا الحفل بمناسبته التي ستستمر بدار الأوبرا لمدة عام من خلال تعاون السفارة الإيطالية ومركزها الثقافي بالقاهرة بالتنسيق مع الكثير من الفنانين الإيطاليين لإحداث التزاوج والتحاور بين فن وثقافة البلدين ليثبت أن مصر من أقدم الدول التي ترحب بالثقافات والفنون المختلفة للدول لأهمية الفنون ودورها في التقارب والتواصل بين الشعوب. تعرض أوبرا عايدة عبر ثلاث حفلات عبر ليالي مختلفة تبدأ اليوم وتنتهي الأحد القادم كما يقام علي شرف الاحتفال معرض تشكيلي يعرض من خلاله صور نادرة لبيت فيردي وكتاب فيفا فيفا فيلا فيردي الخاص بالقصر الذي عاش فيه فيردي وأنجز أعماله الموسيقية الخالدة. ويرجع تاريخ الأوبرا المصرية المسماة بالأوبرا الخديوية لافتتاح قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869 والذي كان شغوفا بالفنون والثقافات الأوربية في عصره، وقد بني الأوبرا بين حي الأزبكية والإسماعيلية ومازال ميدان الأوبرا مسمي باسمها وشاهدا علي تاريخها الفني عندما جعلها الخديوي إسماعيل تحفة فنية ومعمارية علي غرار عصر الروكوكو والباروك في أوروبا حين ذاك وقد طلب الخديوي أثناء الاستعداد للاحتفال بقناة السويس من مدير الآثار المصرية آن ذاك السيد مارييت باشا المصرولوجي الفرنسي أن يبحث عن قصة فرعونية تصلح نواة لمسرحية شعرية فقام بنظم شعرها الشاعر الإيطالي أنطونيو جيالا نزوي، وعهد إلي الموسيقار فيردي بوضع موسيقاها فخرجت الأوبرا الخالدة عايدة بموضوع فرعوني وبأداء وألحان أوروبية خالصة، ورغم كل الاستعدادات إلا أن الظروف أدت إلي أن تعرض بدلا منها أوبرا ريجيلتو ألحان فيردي حضرها كبار ملوك ونبلاء ونبيلات أوروبا وغيرها من الضيوف العظماء والأدباء والفنانين ورجال الباب العالي في مصر وعرضت عايدة بعدها بعامين وعرضت في شهر ديسمبر عام 1871 وظلت تعمل بشكل راق عبر ورثة الخديوي إسماعيل وتوافد علي رئاستها أجانب ومصريون إلي أن جاء حريق أكتوبر عام 1971 فقضي عليها بشكل كامل ولم يبقي منها إلا تمثالين نادرين للفنان محمد حسن هما تمثال الرخاء ونهضة الفنون وقد نقل إلي دار الأوبرا الجديدة التي تم افتتاحها في أكتوبر 1988 مراعاة لنفس اليوم الذي ولد فيه فيردي. إن فيردي الموسيقار الإيطالي يعتبر من أشهر ملحني الأوبرا في العالم فهو بأعماله الكلاسيكية الخالدة استطاع أن يتحدث عن روح الناس وعكست أعماله الموسيقية تطلعات أبناء جيله تجاه قضايا هامة، فقد تمكن من خلال عدة أعمال مثل أوبرا عايدة وكارمن وعطيل ودن كارولس، وأنبالوفي ماسشيرا أن يترك إرث موسيقي إبداعي لا يضاهيه فيها أحد، واتسمت أعماله تلك بالرومانسية الصريحة والحالمة والمعبرة دون تأملات مبهمة كما تميزت أعماله أيضا بإثارة التجاوب الفوري وحماسة البكاء عند جمهوره، كما جاءت أعماله ذات أداء لحني عالي وبقوة موسيقية ودرامية فعالة ولهذا أصبحت أعماله مخلدة ويعاد عرضها بصفة مستمرة ومنها أوبرا عايدة التي لاقت نجاحا كبيرا وتم عرضها في بلدان كثيرة راعت فيها الالتزام بروح العصر الذي دارت فيه الأحداث فعكست عظمة وتاريخ مصر وتراثها الحضاري. وتحكي أوبرا عايدة قصة انتصار المصريين علي الأحباش ووقوع قائد الجيش المصري راداميس في حب الأميرة الحبشية عايدة التي أثرها الجيش المصري في الحرب ومع تطور قصة الغرام بينهما قرر الفرار إلي الحبشة ولكن فرعون مصر اكتشف مخططهم وحكم علي رداميس بالإعدام.