تصاعدت الحرب فى إقليم تيجراي، وامتدت إلى إقليم أمهرة المجاور، حيث تمكنت جبهة تحرير تيجراى من السيطرة على منطقة لاليبيلا الأثرية التى تضم مجموعة من الكنائس المحفورة فى صخورها منذ القرن الثانى عشر الميلادي، وهى المنطقة التى وضعتها منظمة اليونسكو على قائمة المناطق الأثرية المشمولة بالحماية. وجاءت سيطرت جبهة تيجراى على الموقع الأثرى بعد أن ألحقت هزيمة ساحقة بقوات الأمهرة وإقليم عفار، وقالت بيلين سيوم المتحدثة باسم الحكومة الإثيوبية: إن هناك 300 ألف مواطن إثيوبى نزحوا من إقليمى أمهرة وعفار بعد دخول قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى نهاية الأسبوع الماضي، واتهمت بيلين المجتمع الدولى بالغفلة عن معرفة حقيقة جبهة تحرير تيجراى التى قالت إنها تتلاعب بهم وإنها اختطفت شعب تيجراى لتحقيق أهدافها. وأضافت: نأمل أن يستفيق المجتمع الدولى على حقيقة أن جبهة تحرير تيجراى مجرد منظمة إرهابية.. وفيما وصف المراقبون موقف الحكومة الإثيوبية بالمتخبط الذى يبحث عن الخروج من هذه الهزيمة، قال آخرون: إن أبى أحمد يحاول جاهدًا استنفار المجتمع الدولي، وتحريضه ضد الجبهة للخروج من مأزق اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وعمليات إبادة جماعية ضد أبناء الإقليم. ويواجه أبى أحمد هزيمة مزدوجة حيث خسر عسكريًّا جميع المدن والمناطق التى احتلها فى الإقليم، كما أنه مطالب أمام المجتمع الدولى والمنظمات الحقوقية بتقديم جميع المسئولين عن ارتكاب تلك الجرائم للمحاكمة. وفى هذا السياق تهرب قيادات عسكرية وسياسية أمهرية من تحالفها مع رئيس الوزراء الإثيوبي، وذلك خشية وقوعها فى قبضة المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذى دفع حكومة أبى أحمد إلى تدشين حملة تجنيد فى كل ربوع إثيوبيا بحثًا عن حلفاء، وجنود جدد لدعم جيشه المهزوم. وعلى الرغم من حرص الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية على وحدة إثيوبيا والعمل على إعادة أطراف النزاع إلى التفاوض إلا أن جبهة تحرير تيجراى وضعت شروطًا ترفض التنازل عن أى منها قبل موافقتها على وقف إطلاق النار، وتتمثل هذه الشروط فى التالي: 1- الاعتراف بحكومة تيجراى كحكومة شرعية. 2- تشكيل لجنة دولية للتحقيق فى جرائم الحرب التى ارتكبها الجيش الإثيوبى ضد أبناء تيجراي. 3- تقديم ضمانات موثقة بعدم عودة الجيش الإثيوبى إلى الإقليم مرة أخرى. 4- إعادة تشييد البنية الأساسية التى دمرها الجيش الإثيوبى أثناء سيطرته على الإقليم. 5- السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب. وهكذا تبدو جبهة تحرير تيجراى عازمة على انتزاع اعتراف بشرعيتها، وتقديم أبى أحمد، وكبار قاده الجيش الإثيوبى للمحكمة الجنائية الدولية باعتبارهم مجرمى حرب، كما أن هذه الشروط تؤدى فى نهاية المطاف إلى انفصال واقعى لإقليم تيجراى عن الدولة الإثيوبية. وبدأ النزاع العسكرى فى الأول من نوفمبر الماضى بعد إصرار حكومة تيجراى على إجراء انتخابات محلية بالإقليم دون الرجوع لحكومة المركز، وهو ما اعتبرته حكومة أبى أحمد تمردًا مما أدى إلى استيلاء جبهة تحرير تيجراى على القواعد العسكرية للجيش الإثيوبى داخل الإقليم، وبدوره دخل الجيش الإثيوبي، وفرض سيطرته الكاملة على الإقليم ولكن قادة جبهة تحرير تيجراى تمكنوا فى حينها من الخروج، والاختباء ثم العودة، وإلحاق هزيمة نكراء بالجيش الإثيوبى فى يونيو الماضى حيث تمكنت قوات تيجراى من أسر أكثر من 7000 جندى إثيوبي، واستعادة جميع أراضى تيجراى من أيدى الجيش الفيدرالى المدعوم بقوات إريترية وأمهرية. ويبقى أن إثيوبيا الآن تواجه احتمالات حقيقية لانفصال عدة أقاليم عنها خاصة بعد نجاح الإقليم الأصغر تيجراى فى انتزاع حقه فى الاستقلال عبر هزيمة ساحقة للجيش الإثيوبى المترهل.