تجاوزت غانا كل التوقعات في ثاني بطولة كبري تخوضها علي التوالي، بعد كأس الأمم الأفريقية التي حصلت فيها علي المركز الثاني في مطلع العام الجاري، وأصبحت الآن علي وشك كتابة صفحة جديدة خالدة في تاريخ كرة القدم الأفريقية ، فالنجوم السوداء التي تلعب في كأس العالم 2010 للمرة الثانية فقط بعد ألمانيا 2006 إذا فازت علي أوروجواي في المباراة المقبلة ستكون أول فريق أفريقي يصل إلي المربع الذهبي للبطولة الكروية العالمية الكبري. وفي يناير الماضي بلغ المنتخب الغاني المباراة النهائية للبطولة القارية رغم أن فريقهم كان مكونا في معظمه من الشباب الفائزين في العام الماضي بكأس العالم تحت 20 سنة، نظرا للعدد الهائل من الإصابات التي ألمت باللاعبين الكبار الأساسيين، وبينما كان الكل يستعد لرحلة جنوب أفريقيا ، عاد الكثيرون لاستبعاد الفريق الغاني من الصورة بعد إصابة نجمه الكبير لاعب خط الوسط مايكل إيسيان ، ولكن المدير الفني ميلوفان رايفيتش نجح مرة أخري في تشكيل قاعدة صلبة متماسكة تصعب هزيمتها وتجيد التحكم في الكرة بلا مبالغة أو تكلف، فنال إعجاب واستحسان الجميع لأساليبه الخططية وبنائه للفريق، وأثبت الغانيون أنهم أصحاب الإستراتيجية الأقوي والمستقبل الأزهي في قارتهم وصرح كابتن غانا ستيفن أبياه في حديث نقله الموقع الرسمي للاتحاد الدولي "فيفا" اليوم الخميس بأن الصربي رايفيتش الذي تولي قيادة المنتخب عام 2008 ? كسب الفريق إلي صفه باستعداده الشخصي وعقليته ، وقال في حقه "إن مدربنا ذكي في النواحي التكتيكية ، دائما يشاهد المباريات المسجلة للفرق المنافسة، لقد رأيت بعض المباريات التي كان خطأ واحد صغير فيها كافيا لدخول هدف في مرماك وخروجك من البطولة ، لذلك فإنه لا يفتأ يخبرنا بأن علينا أن نحترس في الدفاع ، وأننا إذا حصلنا علي فرصة للهجوم، يكون علينا أن نهاجم ، وهو أمر يبدو واضحا في المباريات". ولقد شقت غانا طريقها إلي نهائي كأس الأمم الأفريقية بثلاثة انتصارات متتالية بنفس النتيجة 1/ صفر ، وكان هدفا الفوز في مباراتي خروج الخاسر بتوقيع أسامواه جيان، الذي هز الشباك في جنوب أفريقيا ثلاث مرات أيضا ذ كان من بينها هدفا الفوز علي صربيا والولاياتالمتحدة وقد صرح جيان بأن الفريق "تعلم أن يثق باختيارات المدرب البالغ من العمر 56 عاما، الذي ساعد علي إيجاد طاقة إيجابية فعالة في الفريق". وقال أسامواه جيان نجم منتخب غانا عن المدير الفني الذي لم يكن له اسم كبير مع الأندية أو خبرة مع المنتخبات "أعتقد أنه في بعض الأحيان يفعل شيئا غريبا ، لا تفهمه أنت كلاعب، ولكن عندما تذهب إلي المباراة، فإنه يحدث كما قال، إنه شديد الهدوء، وهو ليس في غاية الصرامة، نحن الأفارقة لا نحب المدربين الصارمين ، فكرة القدم ليست قتالا، إنها مجال يمتع فيه المرء نفسه ويحرص علي أن يقدم فيه أفضل ما لديه، لذلك أعتقد أننا نجد أنفسنا مع هذا المدرب، لأنه جيد من الناحية التكتيكية وكل ما يفعله ينفع علي أرض الملعب".. وأثني أندريه أيو، ابن أسطورة غانا عبيدي بيليه وكابتن المنتخب الفائز بكأس العالم تحت 20 سنة ، علي بناء الفريق أيضا: "أعتقد أن هذا هو واحد من أفضل القرارات التي اتخذها المدرب، هذا المزيج الذي يجمع بين اللاعبين الأكبر وأصغر اللاعبين سنا، فلدينا طاقة الصغار وخبرة الكبار". وفي مباراة الولاياتالمتحدة، فاجأ رايفيتش الكثيرين بوضع واحد من أولئك اللاعبين تحت 20 سنة، وهو صامويل إنكوم ، علي الجهة اليمني من وسط الملعب ، فقد كان لاعب نادي بازل السويسري اكتشافا جديدا في أنجولا مطلع هذا العام، ولكنه لم يكن قد لعب ولو لدقيقة واحدة في هذه البطولة قبل المعركة الطاحنة ضد الأمريكيين ، وكانت سرعته وطاقته المتفجرة مصدر إزعاج دائم في الجبهة الأمريكية اليسري الضعيفة ، وساعد بفتح مساحات خالية لزملائه في خط الوسط في المباراة التي انتهت بفوزهم 2 1 بعد الوقت الإضافي ، وفي ظل إيقاف أيو ووجود بعض المخاوف بشأن إصابات بعض اللاعبين الأساسيين ، أصبح من المنتظر أن يخرج رايفيتش بمفاجأة أخري في المباراة القادمة . وقد قال المدرب الكتوم الذي يتميز بواقعيته وتفكيره العملي: "سوف نري كيف نتعامل مع الأمر ، لدينا 23 لاعبا ويمكنهم جميعا اللعب، إنهم هنا لأنهم يستحقون أن يكونوا هنا، وكلهم لاعبون ممتازون ، سوف نري من يمكننا أن نضع في المباراة، سوف نضع لاعبين أصحاء بدلا من المصابين ، وهناك شيء واحد مؤكد، وهو أننا سنلعب بلاعبينا الأحد عشر ضد لاعبيهم الأحد عشر". ورغم أن رايفيتش يبدو مثل فريقه كصورة معبرة عن الهدوء التام ، فإنه لم يخف انفعاله باللحظة التي يعيشها، وإن كان ذلك بشيء من الهدوء أيضا: "لقد أصبحنا جزءا من التاريخ الآن، كلنا في غانا ، لأن هذه هي المرة الأولي التي تصل فيها غانا إلي هذا المستوي، وإذا نجحنا في حجز مكاننا بين الأربعة الكبار في كأس العالم، سنكون أول دولة أفريقية تحقق ذلك الإنجاز ،هل يمكن أن يوجد دافع أكبر من ذلك؟ ولكن هذه منافسة أيضا، وهي تعني الكثير بالطبع بالنسبة لغانا ولأفريقيا وللصورة التي نقدمها للعالم، ولكننا إذا وقعنا تحت ضغط وأثقلنا كاهلنا بكل ذلك ، فلن يكون ذلك في صالحنا بالتأكيد".